برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
القصة الحائزة على جائزة الأوفرو آسيوية ثاني اكبر مسابقة عالمية بعد نوبل
والمعنية بأدب القارتين آسيا وأفريقيا للكاتب العراقي ((ثامر ياسين العبيدي ))
قصــــــــــــــــــــــة:
الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

((سأظل دائماً ، وربما الى الاْبد كذئب وقع في كمين ، اثِبُ الى قمة المثل العليا ))
بودلير

بقلم الاديب/ثامر ياسين العبيدي


ممرات طويلة شبه مظلمة طولها الأفقي يوحي للناظر انها اطول سكة سفرفي التاريخ 0 سكة خاوية من اي قطار ممكن ان يمارس صخب وضجيج اتفقت عليه المحطات منذ زمن مضى وسيمضي 00 ممرات تغمرها عتمة مستحوذة على تلك الابواب المتوزعة على الجانبين 00 فيما كانت المسافات تستلقي غافية على الجدران 0 الجدران التي تفصل بين باب واخرى فيما كانت ثمة فتحات متباينة بشكل هندسي منتظم تتورع على تلك الجدران لتدفع بخيوط شعاع الشمس يداعب تلك الممرات الرمادية التي لم تغفر لها حتى تلك الخيوط الشمسية الضئيلة لتمنحها هوية الوجود 0 جدران تحتشد عليها ثقوب ضوئية كاعقاب سكائر لم تنطفئ بعد 0رميت بعبث في صالة عرض كبيرة 00
اجل كان ظلام بارد متسرب من تلك الفتحات التي تطل في جانبها الاخر على الساحات الجانبية0 فكل باب له ساحة جانبية والباب هذا تقف خلفه الحكايات التي بحث عنها المبدعون طويلا ولم يجدوها ولن يجدوها 00 كانت تلك الساحات هي جزء من عالم اولئك السجناء 0 عالم مؤقت يفتح لاوقات معينة اوقات لاتنتمي للزمن وغير مكترثة بكل ماينبغي ان يكون 00 ساحات تبدو وكانها اخذت على عاتقها ان تؤدي دور لسوق غير عصري 0 سوق للعصور الوسطى 0 توزعت في ارجائها طباخات غازية بعين واحدة 0 اتصل كل طباخ منهن باسطوانة غاز فيما كانت الصناديق المعدنية المعدة لموادهم (كالسكر والشاي) وبعض الاطعمة الجافة ولو ان اغلبها كانت فارغة 0 فالغلبة الغالبة منهم يبيعوا موادهم الغذائية القادمة من ذويهم في يوم (السعير) 00 يوم المواجهة لمجرد ان تسللت اليه اشباح العوز والحاجة او حرضته رغباته لتناول حبوب مخدرة 0 كانت تلك الصناديق تتوزع اسفل جدران الساحة الاربعة 0 وقد احتلت مساحات شاسعة من تلك الساحة التي لايتعدى مساحتها اكثر من (ساحة مقبرة لثلاثين شيطانا) فيما كان ينتصب في احدى زوايا تلك الساحة تنور غازي لغرض اعداد الخبز 0 تنور يعاني كثيرا من الامراض المزمنة التي تصيبه فلايؤدي واجباته كتنور بمعنى الكلمة الا بجهد جهيد 0 كان صاحب هذا التنور ملزم ان يجهز السجناء بأرغفة الخبز بعد ان يقدموا له طحينهم 0 يخلطونه بالماء 0وبقليل من الملح ويمزجون كل ذلك لتكون لديهم عجينة يضعونها اما في قدر طبخ او في صحن معدني 0 فيما توضع فوق تلك العجينة ورقة صغيرة بحجم اصبع اليد مكتوب عليها اسم صاحب العجينة ليتسنى لصاحب التنور معرفة صاحب العجينة لاسيما وهو يتلقى في اليوم الواحد الكثير الكثير 0اجل فهو الوحيد الذي يعمل وسط قسم يصل تعداده الى (650-او700) نزيل 0 ورغم ذلك تحدث عملية سرقة ارغفة الخبز من صاحب التنور ـــ خبازالقسم ـــ مستغلين انشغاله بعمله 00 اما اذا كانت هذه العملية داخل ردهة فالوضع يكون اصعب لاسيما وان مساحة الردهة اقل قياسا لمساحة القسم لكن التعداد هو نفسه او اقل بقليل 000

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
كانت كل باب من ابواب تلك الساحات الجانبية تقف بأنتصاب وفي وقت الظهيرة تندفع اجساد اولئك السجناء0كل واحد منهم يحمل مايحمله فهذا يحمل قدرطبخ قذر0 وهذا يحمل صحن بحجم معين يهرولون حتى ليبدو للناظر ان اعلان نبأ قدوم الحرية جاء ينتظر خلف تلك الباب المنتصبة المقفلة
لابد وان صندوق الحرية الذهبي يقف خلف تلك الباب التي يركضون نحوها 000
((ماذا جرى 00انهم يهرولون بمجرد ان سمعوا ضربا على باب الساحة الموصدة ))
اجل فثمة شخص مثلهم ((سجين)) لكنه عانى كثيرا 00واومأ لقيمه ولكرامته ايمائة ما 00ودفع بأناس كثيرين الى حيث لايعرف هو اين دفعهم – ربما الى اللاعودة – حتى استطاع الوصول للذي وصل اليه الان 00 يخرج صباحا ليأتي ظهرا 00يضرب على الباب بقوة ليتمتم كلمات غير مفهومة وبصوت مسموع ولكنها كلمات ذات ايقاع متفق عليه حسيا بينه وبين السجناء 000 اذ يأتون اليه مهرولين 000 ويبدأ بعدها بعملية توزيع الرز 0000
اجل انهم يهرولون في مثل هذه الساعة للحصول على كوبين من الرز 00 من (صندوق حريتهم الذهبي ) 0
وتبدأ عملية المداهمة فيما بينهم 00عدد كبير من النزلاء يقفون خلف الباب على أمل ان يستلموا من بين حديدها وشباكها تلك الاكواب من الرز 00اعداد هائلة 00الكل يتدافع للوصول الى تلك الباب 0 والفوز بلقاء ذلك الذي يقف خلف الباب 0 يحمل بيده كوبا مطاطيا مصنوع من النايلون بلون احمر دموي 0 كأنه (الفس برسلي) 00 تتصارع الجماهير للوصول الى شرفة المسرح الذي يغني عليه للفوز بمصافحته أو نيل توقيعه أو احراز صورة تذكارية معه 000 كان العمر اليومي لتلك الساحات قصير قياسا لليوم 00 فقد كانت تفتح في العاشرة صباحا وتغلق في الثالثة عصرا0
كانت تكتظ بأولئك الذين القى عليهم القدر رداء الضحية 00 الكل كان عبارة عن هامش لاشياءكبيرة قذفته تلك الاشياء الى جهنم دون ان يبدي رغبة للانتماء الى كل شيء 0 وبعد00 وبعد ان ينال الزمن من الساعة الثالثة عصرا يبدأ الالم بالتدفق الى داخل تلك الاقسام أو الردهات 00 وتظهر الــرائحة الطبيعية لتلك الاقسام والردهات 0 رائحة نتنة كريهة حتى ليبدو لمن يخالطها انه هالك لامحالة0
فالكل يتوجب عليهم ان يندفعوا داخل القسم 00 لاساحة تنفس عن العدد الهائل او ممرات رمادية تعج بهم 0000 ويصبح القسم او الردهة كألبالونة المعبأة بالهواء النتن ولكنها لم تنفجر بعد فهي تعاني مما معبأ بها وتستنجد دون ان يكترث بها احد 0000
اربعة جدران قذرة تغطيها الشراشف التي لاتقل قذارة عن الجدران 00 معلقة عليها صورة الابن او صورة السجين نفسه عندما كان شبه انسان قبل ان يكون تحت هذه السقوف 0هذه السقوف التي لاتنسى وضيفتها فكل الاجساد القابعة تحتها تود لو تتضامن معها فتمنح لنفسها تخويل عام صادر منهم فتجهز عليهم فقد نال منهم اليأس 000 وبعد ذلك الوقت يلزم عليهم ان يخرجوا تباعا قسم بعد قسم او ردهة بعد اخرى00 لغرض عملية التأكد من عددهم ويهرولون راكضين 00 لكن هرولتهم هذه لاتصحبها فرحة او لهفة لشيء لانهم لايسعون لهدف ةلايركضون نحو شيء يغلقون به رمقهم 00 انهم يهرولون هاربين من سوط ينال احدهم او عصا غليظة أعدت لهذا الغرض 0 لكن رغم ذلك تكون النتائج مؤلمة وخيمة ويوميا 00 واذا صدر نوع من انواع الاحتجاج أو مجرد مسائلة حامل السوط00
ـــ (( لم الضرب 00 انني انسان 0))

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz


انهال عليك ضربا وجعلك تقتنع انك لم تخلق الا لكي تكون حيوان لهؤلاء ولكن فقط في هذه البقعة الضائعة عن هذا العالم 0 وعليك ايضا ان قدمت شكواك ان تتأبط بوسادة وغطاء وتكتب وصيتك بأشيائك 00(الطباخ – واسطوانة الغاز- والصندوق المعدني- وملابسك 00 أو اي شيء من هذا القبيل وتمنح ثقة الاحتفاظ بها لاحدهم 00 لأنك سوف تغادر كل هذا الالم لتواجه الم اكبر وضياع اعمق0 سوف يكون عليك الانتماء الى عصر الغابة 00 عليك ان تعيش مع نزلاء لاعلاقة لهم بشيء اسمه00 (تفاهم- حب- انسانية- وفاء- حق- نكران ذات-) 00 عدا البعض القليل الذي حافظ على شيء بسيط من انسانيته 00 سوف يكون عليك العيش مع ذلك العالم لمدة لاتقل عن ثلاثة اشهر وهذا ما يطلقون عليه (المحجر) او(السجن الانفرادي) 000
وعليه تتم عملية التعداد ليدخلوا مثلما خرجوا 00 والاسلوب نفسه لايتغير 00 وهكذا يوم بعد يوم يذهب الصباح ليولد الليل 00 فهناك يرحل الصباح ويشرق الليل وكل واحد من اولئك المحطمين يحمل فاتورة دفع مختومة على تأريخه 0انها فاتورة السنين فكل واحد منهم مدان بعدة سنين 0000 هذا فاتورته تسجل انه بقي عليه 10 سنين وذاك لم يتبق عليه سوى 8 سنوات واخر عليه9 سنوات
واخر ينتظر انقضاء السنوات الست المتبقية عليه ليطلق سراحه 0 واخر محكوم سنتين لم ينجز منها سوى ستة اشهر 000000 اجل كان كل ذلك يوحي وكأنه رمز تأريخي اثري تحول الى (متحف للفاجعة) 00 وحيث يتوجه الضياع الى تلك الوجوه التي اكتست بالغربة وأستلقت على لغة اليأس لغة اعدوها عربة سوداء لترويض الاشياء 00 يظهر شبح الرجل المسن 0 الذي لم يتجاوز الستين بعد 00بوجهه المجعد ومفرقه الذي غزاه الشيب 0 فيما اكتسى جلبابه بكلمة خطت بعناية00(النجدة)00 فيما يظهر معطفه الرمادي وقد غطى ثلاثة ارباع جلبابه لكنه سمح لتلك الكلمة ان تظهر من الاعلى وسط الصدر حتى ليبدو للناظر انه معتوه او شيء من هذا القبيل 00 اعتاد ان تحضنه تلك الاجساد المنبعثة من حارج الممر لداخله بانية الضياع والضياع لاغير 00 فيما كانت رائحة تلك الاجساد النتنة تنبعث من تلك الممرات الطويلة لتوحي انها مقبرة الاحياء 0نعم انه السجن الذي توج نفسه اميرا
للاحتواء احتواء كل هذه الانحرافات 00 (القاتل- والزاني- والسارق- والخائن000 والبريء )00 اجل فهذا زمن فيه البراءة انحراف اكيد000
ولان لكل قاعة استثناء كان امير الاحرار هذا(السجن) قد اضل طريقه هو الاخر 0اذ راح يحتوي أناس ألقي عليهم لباس السجناء بالاكراه 00 ووسط ضجيج اولئك الاموات راح يتحرك شبح ذلك الرجل المسن 00
اه لابد وانه سيخرج من جيب معطفه القديم سكارة اخرى 000 وقبل ان يتناولها في فمه بادره احدهم بلغة يلفها عتب واضح 00
ـــ السكارة رقم 8 000

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz


ـــ اهلا ياولدي حامد 00 اجلس 0
جلس وراح يقول 00
ـــ نصف ساعة وثمانية سكائر 00أرحم نفسك0
وراح الرجل المسن يتناول سكارته من فمه ويقدمها له 00
ـــ تفضل ياحامد0
ـــ ماقلت لك اعطيها لي 00 ولكني 000000
قاطعه المسن 00
ـــ البعض هنا يسير قلقا يستفزه رقاد الوقت وانا احد هؤلاء البعض 0 والبعض الاخر ينهالون فرحا لبلوغ كذبة يشيعها النور في ظلمة هذا العالم المظلم00يكاد يزهو بنا القلق 0 وانا اصب شحنات قلقي الخاص الذي صار ضحية موت الثواني والدقائق في هذه السكارة الحقيرة 0
ـــ ارحم نفسك وتحدث لي 0 لعل القلق يتبدد0
ـــ ومن انت ياحامد لكي تتعرف على قصة رجل فاشل مثلي000 رجل يتمنى ان يقتلع ملامح وجهه
ويلغي كيانه ويرمي كل ذلك في رحم امه 00
ـــ هه00 لاافهم 0
ـــ على اية حال 00 انك افضل مني 0
ـــ انا لاافهمك 0 لكن يجب ان تتحدث 00
ـــ ولماذا يجب ان اتحدث00
ـــ ماجدوى السكون ان حضر غير انبعاث الوجوم والسراب0
ـــ وبعد هذا السراب ستولد العاصفة0
ـــ عاصفة 00
ـــ لانك لاتفهم مااعني 0سأقص عليك قصة الرجل 9
ـــ الرجل 9 0000
وراح الرجل المسن يلملم اطراف معطفه الطويل وتناول علبة كبريت من جيب معطفه 0 اشعل سكارته وسحب نفسا طويلا منها وانتزعها من فمه ورماها ارضا وراح يقول 00
ـــ صور ترتعش 0تستطيل 00تتكور 0 تتشابك حتى ليصعب الامساك بها او فك تشابكها وبرغم ذلك فأن خيوطا تتسرب الى ذاكرتي 0 تشدني الى شيء ما 0 وفجأة اجدني أعوم في فراغ يرفعني الى سماوات ذات ابخرة شفافة تحيط بي وتتسلل الى اعماقي وترجوني ان اتسلل الى الرجل 9 00نعم الرجل 9 00 شتاء بارد وليل حالك وغيوم ثقيلة تتراكم فوق الرؤوس كأنها تنذر بقدوم النحس وفجأة انتحرت ساعات نومه القليلة على اثر دقات باب بيته المتواضع 0فثمة غربان سود كانت تهدد امنه وامن ابنته الوحيدة وراح يشمر غطائه جانبا ويترك سريره بتثاقل واضح ووصل باب البيت على صوت تلك الطرقات المفزعة 00 وعندما فتح باب المنزل وجد ثلاث رجال بوجوه تحمل في معانيها ما ينذر بالقلق والفزع 0بادره أحدهم بألم غير مفتعل وغيرة ونكران ذات عاليين 00
ـــ هل انت 9 000
تفحص الوجوه المفزعة وراح يؤكد ببطىء وتسائل 00
ـــ نعم00 نعم 0 تفضــ000 تفضلوا
اقترب منه ليؤكد له بعد ان ربت على كتفه 00
ـــ رغم الجرح 0 لكني اعتب عليك 00 كان الاولى بك ان تخبر العدالة بالموضوع 0

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
بذات الغرابة تسائل السيد 9 وقال 00
ـــ انا لاافهم ماتقصده ياولدي 00تفضلوا بالدخول
وهم لاتاحة الطريق لهم لغرض المرور داخل المنزل فيما راح يهتف00
ـــ 18 00 انت يا 18 00 اعدي 00000
قاطعه احدهم 00
ـــ نحن لانريد ان نتفضل 0 ولكننا جئنا لكي نأخذك الى ابنتك 18 000
اجابه بقلق 00
ـــ 18 00 انها بالداخل
ابتسم اقصرهم ابتسامة اقصر منه وراح يقول 00
ـــ كلا 00انها الان في المستشفى
صرخ السيد9 00
ـــ ماذا 00 في المستشفى 00 ماذا تقول 00 ثم من انتم 000
ـــ اننا نعمل في سلك العدالة 0
واضاف 00
ـــ لانريد الاطالة معك ياعم 00ولكننا ارتأينا ان تكون مع ابنتك في مثل هذه الظروف 0


ترى كيف وصلت للمستشفى وهو يعلم جيدا انها نائمة في فراشها 00 لعله اغفل تصرفاتها
الاخيرة 00 وعلى ضوء ذلك فقد هرعت للشرطة تقدم شكواها 00 لم يكن هناك مجالا لسماعها لكثرة الشكاوي في تلك الليلة وعندما نادوا على اسمها اطلقت لدموعها العنان وراحت تجهش بالبكاء0 خائفة من ابيها وحائرة اين ستضع الجنين الذي يقبع في احشائها 0
ـــ ياسيدي 0 لقد اغتصبوني 00
ونهض مسجل الدعاوي وهو يردد 00
ــــ انالله وانا اليه راجعون 00ماذا تقولين ياابنتي 00
وتقدم نحوها ليساعدها على الجلوس يخاطبها كما يخاطب الاب ابنته 00
ـــ اجلسي ياابنتي وامنحي لنفسك الامان 0
ـــ اي امان ياسيدي انني ضائعة 0
ـــ متى حدث لك هذا ياابنتي 00
ـــ قبل شهر ياسيدي 00 لا استطيع ان أكتم اكثر من ذلك 00 لقد تعبت 0

وراح الرجل يتأملها بقلب صادق خال من الغرائز الشيطانية 0لقد كان رجل يفرض وقارته بصراحة 0وينبثق منه الايمان ويشع منه شعاع حب الخير 00 كان يتأمل فيها البراءة وراح يحاكيها بلغة العطف على دموعها المنهارة التي اضحت سيدة خديها فقال 00
ـــ واين والديك ياابنتي 00
ـــ امي ماتت قبل سنين طويلة 00منذ كنت طفلة
ـــ واباك 0000

تسمرت الدموع في مقلتيها 0 وراحت ثورة الخوف تتسرب منها بوضوح 00 لتقول 00
ــــ انه حي يرزق

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
وراح الرجل يتركها يبحث عن كوب الماء ليقدمه لها وهو يقول 00
ـــ الله مع المظلوم ياابنتي واراك انك تخافين اباك 0 لكننا سوف نلغي وجود هذا الخوف انشاءالله0

وعندما جائها بكوب الماء 0كانت العقدة قد مسكت لسانها 0 تناولت من يده الابوية كوب الماء لتعيده اليه دون ان يشعر بعقدة لسانها وراح يعيد كلماته التي تدل على مدى طيبته 00
ـــ لاتخافي ياابنتي واتركي كل شيء لله فهو القادر الجبار 0 واعلمي ان كل باب موصد يقف فوقه الله يأمر فيطاع سبحانه 0
ـــ 000000000

تنبه لها الرجل ليقول بذهول00
ـــ انا لله وانا اليه راجعون 000

فيما كانت الفتاة تبكي ولاتعرف ماذا تفعل كأنها نامت في احد بيوت الله وصحت من نومها لتجد نفسها في غابة 00 مليئة بالوحوش 00 وحوش تروم افتراسها 0

كانت طيور الساحات المحلقة فوق المستشفى 0 تحرضه على الطيران 0 لكن جناحيه كانا لايمنحانه نعمة السرعة التي تتحفز في داخله00 كان يمشي بصعوبة 0 ترك تلك الساحات المخصصة لوقوف السيارات ليدخل الى المستشفى حيث ترقد ابنته 18 000 اجل فقد كان الجحيم يخترق جسده الذي بان عليه انه مرهق اثر تعب السنين المعبأة شقاء وحزن وضيم 00 ذلك واضح في وجهه المجعد 0 اجل انه السيد 9 الذي قذف به انفجار النبأ الى هذه المستشفى حيث اقتادوا ابنته 18 00
تتشابك الانباء0 اغتصاب 00 انهيار عصبي حاد000 و00 و00 و0000000
يتصدع جداره وتنهمر قواه حتى لتكاد تنفلق اشياءه 0 انه يمشي الان داخل المستشفى 0تتلقفه ممراتها التي لايعرف اين الى ستقوده 0 يقرأ عناوين بارزة 00 تستقبله احدى العناوين 00-(الصيدلية الخافرة) 00 ويجتاز ليشاهد بعدها –(الطوارىء)00 ثم (الطبيب الخفر) 00000
كان الناس يسيرون مثله 0لكنهم يختلفون عنه 0هم يعرفون واجهتهم 00 اما هو فلا يعرف الى اين ستقوده هذه العناوين 0 يمشي ويجد صعوبة في خطواته فالارض صارت دبابيس وشوك 0 يشعر بعد الذي سمعه عن ابنته 18 ان الغربة تلفه 0 اجل 00 غربة نفثت سمومها في دواخله 0 ينتابه شعور حاد بالضياع لاكنه يرجع ليقول 00
ـــ اه 00 اين انت يا 18 00 ترى اين سيكون مصيرك 00 اه 000000

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
اجتاز كل هذا وراح يقف امام الدكتور المختص الذي يبدو انه خرج توا من غرفة ابنته 00
ـــ هه00 طمئني يا دكتور 00
أنتزع نظارته وتسائل معه 00
ـــ هل انت ابيها 00

اجابه السيد 9 بقلق 00
ـــ نعم 00 هل هناك شيء 00
ـــ حسب معلوماتي انك جئت من مركز الشرطة الى هنا بالمباشر وتعرفت على حالة ابنتك جيدا 0 وهذا معناه انك تعرف انها تعرضت للاغتصاب 0

قاطعه السيد9 00
ـــ هل ذكرت لك اسم الذي اغتصبها 00
ـــ للاسف لقد بدت عليها حالة خوف وذعر شديدين 0وأنعقد لسانها 0وهي تبدي رغبة قوية بعدم الافصاح عن اسمه فالامر كله مخيف ومرعب بالنسبة لها 0لذلك فالمطلوب الان 000

وصمت الدكتور قليلا وراح يتفحص السيد9 بعناية ليقول00
ـــ اظن انك ستفيدنا كثيرا00
وتسائل السيد 9 بقلق 00
ـــ افيدكم 00بماذا افيدكم 0
ـــ سيد 9 00 ابنتك 18 تنتابها عقدة لسان 0 وحالة من الانهيار تسيطر عليها 0فالخوف الذي يسري فيها واضح جدا 0 ومن هذا المنطلق فأن حالة كهذه يجب التعامل معها بحذر لغرض العمل على شفائها 00 وعليه فاننا لانستطيع حتى ان نذكر لها حادثة اغتصابها او اي شي له علاقة بهذا الموضوع ولو في الوقت الحاضر فقط 0

وثار الاب ثورة غير طبيعية وصاح00
ــــ ولماذا00 انا اريد معرفته لاذبحه 00 هذا شيء ليس بالهين 000 شرف الناس ليس 000

قاطعه الدكتور قائلا له بهدوء00
ـــ اسمعني ياسيد9 00 اننا نعرف شعورك ونقدر موقفك كثيرا لكننا نعمل ما يمليه علينا واجبنا تجاه الناس 0 هذه الامور كلها مؤجلة 0 يجب ان تذكر هذه الحالة امام ابنتك لان حالتها صعبة ويبدو انها تعاني من الذي
جرى لها 00
ـــ والجاني 00 من الذي سيخبرنا عن الجاني 00 وكيف سنتعرف عليه 0
ـــ سنعرفه من خلالك انت 0

بذهول اجابه متسائلا000
ـــ مني انا 00 كيف00

وراح الدكتور يضع يده على كتف السيد 9 كأنه يتأبطه ليسيرا معا فيؤكد00
ـــ انت تعرف ابنتك جيدا 0 اين كانت تذهب 00 هل كان هناك ثمة شخص في حياتها 00 00 هذه مهمتك ياسيد 9 لان هذا الموضوع يهمك انت بالدرجة الاولى 00 وأحيطك علما ان هذا الموضوع متابع من قبل العدالة وبصورة دقيقة 00 لقد وصلت قضية ابنتك الى مكتب السيد 15 00 وقد تدخلت الدكتورة 14 بالموضوع 00


فغر السيد 9 وراح يعقب 00
ـــ السيد 15 معروف في مواقف كهذه 00 فأسمه دوما يلمع في مثل هذه المواضيع 00 دوما اراه يقف فوق مثل هذه الجرائم 0 فتاريخه حافل في هذا الجانب 0 دوما كانت الامور تصل الى مفترق طرق 00 ولكن الحل يأتي بمجرد ان يتدخل بحنكته 0 اما الدكتورة 14 فأنني سمعت بأسمها كثيرا في مناسبات عديدة 00 ولان مناسباتنا تضاهي عدد ايام السنة فقد كان اسمها يقحم في مواضيع لااتذكر منها شيئا 00 لكني اضنني سمعت بهذا الاسم 0000

وعندما اراد الدكتور ان يتحدث تسائل السيد9 00
ـــ الدكتورة 14 والسيد 15 00 هذا معناه ان ابنتي تحظى باهتمام واحترام0
واكد00
ـــ وهل هذا يحتاج الى تفسير00


لم يزرها سوى مرة واحدة 0 مرة لاتنسى 0 قدم فيها بيد مرتجفة تهنئة ليست من قلبه 0 بدا وجهها له يومئذ ملطخا بمساحيق متنافرة 0 كان وجهها صافيا نقيا مثل وجه طفلة 00
كان ذلك قبل سنين مضت 00 حتى قبل ان يرحل زوجها لعالمه الاخر 00 اجل لقد كان السيد9 متيما بها 0 وقتها كانت زوجته قد غادرت الدنيا الى دارها الاخيرة تاركة له أبنته 18 التي لم تكن لتدرك الاربع سنين بعد 0 كاد القدر ان يرمي حباله على السيد9 فيقترن بها لكن لكل حادث حديث 0
انه يقف الان قبالة بيتها الفخم 0 بيتها الذي كان احدى مخلفات ارث زوجها الراحل 00 يقف امام منزلها ويجرب لاول مرة فوائد التدخين عله يبدد ثقل الدقائق ويخفف وطأة القلق 0 صار امامها 00

ـــ اه يا9 00 كم قاسي هذا الزمن 00
ـــ وكم هي تعيسة هذه الدنيا 000000

وراحت تهيء له طريق الدخول الى بيتها 00
ـــ تفضل يا9 00 تفضل لايوجد سوى هذا الكلب 0

ووقعت عيناه على كلب نائم مربوط بسلسلة ثمينة بسلم الصالة الداخلي وراحت تتحرك امامه ببطء وتهمس بعبارات الترحيب التي بدت تنزلق من لسانها الذي بدا شبه متثاقل 0 وقفا معا في صالة المنزل يرمقها نظرة ويتمعن بمفرقها الذي غزاه الشيب حيث قال 00
ـــ أتدركين ياحضارة

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz

وتالقت دمعة ندم من عينيها الغافيتين على زمن مضى 0 كان وجهها شبه شاحب بسبب تقدم السن 0 كان وجهها يبدو فيه ملامح شخصية 00 خط منحن عميق عند الانف مرفوع للاعلى لكن ليس بصورة واضحة المنحنى يصنع استدارة حادة نحو شفتيها اجفانها زرق غامقة الزرقة كأنها كانت بقع حبر قد سكبت هناك بالمصادفة وقالت بخشوع 00
ـــ ألم اقل لك ان لاتوجد قوة تدحر قوة الحب 00
ـــ لم أكن مختلفا معك ياحضارة00

جلسا سوية وراحت تسأل بذات النبرة00
ـــ ترى مالذي قادك الى ماضيك يا9 0000
ـــ انها18 ياحضارة 0
ـــ ماخطبها000

واطرق رأسه 00 وراح ينتزع من معطفه صحيفة ليقدمها لها قائلا00
ـــ ضاعت00000
وراحت تقرأ الحادثة00 كانت تمنح الصحيفة احدى عينيها الغافيتين فيما كانت تراقبه بفضول
بالاخرى وراحت تقول 00
ـــ مابين الحين والحين تجتاح روحي كآبة قاتمة واشعر بفزع ثقيل 0 اعاود الاتصال بالزمن فلا اجابة
00 لقد كنت اتعامل مع حجر متحرك 0 واليوم تأتي يا9لتوقظ00000
ـــ انت تعلمين يا حضارة ماذا يعني9 لحضارة وماذا تعني حضارة لــ 9 000

وأومأت له كأنها تهرب منه فقالت على الفور 00
ـــ الدكتور على حق 0 الموضوع كله بيدك انت 00 فأنت الوحيد الذي يستطيع ان يكشف الحقيقة 0
ـــ انتم تربكوني بكلامكم هذا 00 كيف استطيع ذلك 00
ـــ 18 000
ـــ مابها 00
ـــ ماسر علاقتها بك00


جحظت عيناه وراح يقول بعد ان رمقته بنظرة فاحصة 00
ـــ ماذا تقولين 000

وأستدركت مبتسمة 00
ـــ اقصد ماسر علاقتها بالاخرين 0

نهض السيد 9 من مكانه وراح يتأمل الفضاء من خلال النافذة ليؤكد00
ـــ انني استحي ياحضارة


ودفن وجهه بيديه 00 فيما راحت حضارة ترافقه بعينين حنونتين 00 ونهضت لتؤكد له00
ـــ الحياء لاينفع في مثل هذه الامور 0 علينا حمل كل الاسلحة ومغادرة هذا الحياء الذي تتحدث عنه 0
لاانصحك يا9 بغلق الموضوع 0
ـــ غلق الموضوع هو الحل الامثل ياحضارة 00 انه لصالحي0000
قاطعته00
ـــ ماهذا الذي تقوله 00هل جننت يا9 000

رفع رأسه وقال لها متسائلا 00
ـــ وبرأيك ماذا افعل 00

سارت خطوات وقالت 00
ـــ حسب علمي ان الموضوع الان امام السيد15 0 وهناك تدخل من قبل الدكتورة 14 0 اليس كذلك

صرخ بذعر 00
ـــ لااريد الفضيحة 0
ـــ واين الفضيحة في هذا الموضوع 0 هل تعتقد ان هناك ما يشين في سيرة ابنتك 0
ـــ كلا 00 ولكن 00 0000

قاطعته 00
ـــ يجب ان نجد الحقيقة 0

سار بضع خطوات وقال بصوت مرتجف 00
ـــ سوف اقتلها وادفن معها كل شيء00 العار يلاحقني ياحضارة 0 وانت تعرفين ماذا اقصد0

اقتربت منه وربتت على كتفه وقالت له 00
ـــ لاتجعلني الجأ الى الشك يا9 00
ـــ يبدو انك متفاني لآجل اغلاق الموضوع 0

واطبق الصمت وراحت تمزق صمت الفضاء لتقول له 00

ـــ سوف ترحم نفسك وترحم ابنتك اذا ادليت بما يفيد العدل 0

تهالك على كرسي وقال 00
ـــ لقد تقدم لخطبتها ثلاث مرات 0 اجل انه 11 كان ألحاحه غير طبيعي 0لكن لااعتقد ان ابنتي كانت
تقابله من دون علمي 0لايمكن 0وو000000
ـــ وأين يسكن 11 هذا0 0
ـــ انه في نفس الحي الذي اسكن فيه0

واستدرك ليقول 00
ـــ هل يمكن انه كان ينتهز فرصة خروجي للعمل ليدخل الى بيتي 0 هل يجوز هذا ياحضارة 00
ـــ ضع كل شيء في الحسبان يا9 ولندخل في تفاصيل اعمق 0
ـــ لااعرف ماذا تعنين 00
ـــ ابنتك00
ـــ مابها00
ـــ هل هي من النوع الذي يحب التحدث عن نفسه 00 هل سبق وان حدثتك عن 11 يوما 00 هل
احسست ان هناك مايربط بينهما 00 خصوصا في الفترة الاخيرة 00

وتأمل السيد9 00 وتراءت امامه صور لاحداث قديمة 00 وراح يتأمل نفسه وهو يودع ابنته ذاهبا
للعمل 00 وكيف هي تشيعه بعين وترشق شيء ما 00 شيء في احدى زوايا الحي بالعين الاخرى 0
ممكن ان يكون هذا الشيء هو 11 000 ممكن 0
وراح يؤكد 00
ـــ انه 11 ولاغير 00 صدقيني يا حضارة 0 انه هو00

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
عندما كانت الدكتورة 14 تهم بالخروج من المستشفى الذي تعمل فيه 00 كان الظلام يزحف ببطء من الغرب واختفت بعض الاشياء في ظلمة المساء 0 فيما كانت بعض المحلات التجارية المقابلة للمستشفى وقد بدأت مصابيحها بالانارة تتلألأ في جو شبه ضبابي 00 فيما كان ساحل النهر الممتد ساكن وقد بدأ يحضن الاشجار الممتدة على جانبيه كان النهر يمتد وحيدا باردا حزينا تتلألأ في بطونه السوداء بعض القطع الضوئية المنبعثة من تلك المحلات المقابلة للمستشفى 0 ومن مكان غير محدد ظهرت حضارة امام الدكتورة 14 التي بدت غير مكترثة فيما اعترضتـــــــها حضـــــــــــارة بكلمــاتهــــــــــــــــا 00
ـــ مرحبا دكتورة 14 00

بأدب جم اجابتها بتسائل 00
ـــ اهلا وسهلا 00

واستطردت تؤكد 00
ـــ هل من خدمة اسديها لك سيدتي 0 0
ابتسمت بتأمل 00
ـــ انا السيدة حضارة 0 وانا هنا لاقابلك 0


وراحت الدكتورة تحاول اخراج مفتاح سيارتها من حقيبتها السوداء لتقول وهي تتأمل السماء 00
ـــ انها على وشك ان تمطر 00 لنكمل حديثنا داخل السيارة 0

وأومأت حضارة بالموافقة 00 وبعد برهة كانتا داخل السيارة 00 كانت النوافذ مغلقة 00 ودفء المكان منح للموضوع قابلية على المرونة 0 قالت الدكتورة 14 00
ـــ اشكر احترامك الشديد لي سيدتي 0 ولكن الموضوع حتى الان غير مفهوم 0
ـــ دكتورة 14 00 خرجت توا من المستشفى 0 وهذا يعني انك كنت قريبة من حالة 18 00
ـــ بالحقيقة ياسيدة حضارة 18 تعاني صدمة كبيرة 00 تتخللها حالات خوف وذعر شديدين 0 لكن سوف تزول هذه الصدمة مع مرور الوقت 0 اننا في الوقت الحاضر كطب لانستطيع معرفة شيء عن الموضوع 0 وانت تعلمين ياسيدتي ان الجاني لايعرفه الا اثنان لاثالث لهما 00 الله و18 وعليه فأننا نسلم الموضوع بيد القضاء لينظر او يتعمق في كشف الحقائق 0

بادرتها حضارة 00
ـــ اسمه 11 يسكن في نفس الحي الذي تسكن فيه 18ويحبان بعضهما منذ زمن 00 وقد استطعت انا
والسيد9 (والد الفتاة) من التعمق في كل الذين كانوا على مقربة من الفتاة 000

قاطعتها الدكتورة بتسائل 00
ـــ ومن يكون 11 هذا 00
ـــ مثلما قلت لك 00 يحبان بعضهما 00 تقدم لخطبتها ثلاث مرات لكن كان الاب يرفض
ـــ وسبب الرفض 00
ـــ 11 لايتحمل المسؤولية 00 انه يتهرب حتى من مسؤولية نفسه 00 وهو بنفس الوقت مزاجي
ومتهور وطائش لاتتوفر فيه ميزات الزوج الناجح 00
ـــ هل تعرفينه 00
ـــ بصراحة لم اشاهد حتى ملامحه 00 لكن المعلومات وصلت لي من خلال بحث متواصل مع السيد9

واضافت السيدة حضارة 00
ـــ لايمكن لنا ان ننتظر شفاء الفتاة 00 لنفترض ان شفائها تأخر لاسامح الله وكل شيء بمشيئته
سبحانه 0 ماذا سنفعل هل سنسلم الامر بعيدا 00 لاأمل لنا 0 غير السيد9 00 وقد تحدث لي عن ادق
التفاصيل0 وتبين انه اهملها كثيرا ومنح لهذا الخنزير رخصة اغتصابها

ـــ هذا يعني ان هناك مايربط 18 ب11
ـــ بلا شك00
ـــ وهذا يعني ان الذي يقبع في احشاء 18 هو بالارجحية من صلب 11
ـــ لانستطيع ان نجزم بهذا الا بعد استدعاء 11 من قبل السيد 15
ـــ انا ضد عملية أستدعاءه رسميا 00
ـــ ولكن السيد 15 00000
قاطعتـــــــــها 00
ـــ السيد 15 لايتهم احدا 00 وهوالان ينتظر التقرير الطبي الذي احمله معي له 0 وعلى ضوء هذا
التقرير سيتحدد موقف السيد 15 من الموضوع كله 0

وراحت تتناول اوراق متوسطة الحجم تقطن فيها عبق ضئيل يشبه رائحة المستشفبات المستلقية على الصيدليات وغرف الاطباء 00
وبحثت عن نظارتها كثيرا داخل حقيبتها وادركتها 00 ارتدت نظارتها 00 وحاولت ان تقرأ بصوت عال وقررت مع نفسها ان تجتاز بعض الاسطر وراحت تعلن بصوت منخفض تشوبه ثقة عالية بالنفس 00

ـــ الحالة شبه معقدة 0 لكنها ليست دائمية 0 الفتاة (الضحية) تعاني من حالة انهيار عصبي مصحوب بشد حاد في النطق 00 هذا ناجم عن خوف مصحوب بضياع وهذا نتيجة ماحدث للفتاة مؤخرا 00 حالتها توحي انها تشعر بفقدان الامل ولاترى طموحا ما ولا مستقبل ينتظر شبابها اليافع هذا من ناحية 00 اما من الناحية الاخرى فقد تم فحص الفتاة وتبين انها فعلا قد فقدت بكارتها اضافة الى وجود جروح طفيفة على اجزاء متفرقة من جسد الفتاة مما يؤكد انها قاومت او تعرضت لنوع من الاغتصاب المصحوب بعنف واضح 0
وانقطعت عن تلاوة التقرير وراحت تجتاز عدة اسطر وقلبت بعض الاوراق وابصرت نحو ورقة ما لتقرأ عند اسطرها الاخيرة مايلي 00

ـــ وما يجب ذكره هو ان الفتاة قاومت الحالة حيث انها ذكرت في بداية شكواها لمركز الشرطة انها خرمشت الرجل الذي قام بأغتصابها وكانت قد اومأت الى انها تركت اثرا لجرح في وجه او رقبة او صدر الجاني 0 ـــ ألم تحدد موقع الجرح 00
كلا 00 لانها كانت قد سقطت صريعة الصدمة 00 وقتها فقدت كل شيء بعدما كانت تكتنز بأشياء
كثيرة 00


descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz


في مساقط الظل انبثق امامي كقرش الماء 0 واستطعت ان اشاهد ملامحه في ضوء الشارع لقد كان بسحنة سمراء كامدة وعينين لوزيتين 0 حدث اللقاء عند الشاطيء وكان الغسق المعتم يتسرب 0 قال بصوت قوي النبرة كأنه منذ اماد بعيدة التقينا بسفينتها عبر طوفان هذا الزمن 00

ـــ (( اهلا دكتورة ))
واضــــــــــــــــــاف 00
ـــ اعلم انك رسولة الخير ونقطة النور الوحيدة في هذا الظلام الذي عاش في كنف الظلم 000 ولكن الذي لااعلمه هو اختصاصك 00 في اي مجال انت تعملين 00
ـــ انا طبيبة امراض نسائية 00 و0000

قاطعها بجهل وبدون استأذان 00
ـــ ماقيل عنك يكفي لان اسجل الاعجاب الشديد في حضرة ذكاءك 0 وحنانك 0كانت الالسن محقة عندما اطلقت عليك انك امنا جميعا رغم تمتعك بشباب يافع وارى قوة اسطورية كامنة فيك 0 هذا يؤكد انك فعلا رسولة الخير والسلام 0
ـــ اشكرك ياسيدي على كل هذا الاطراء 0 ولكن ياسيد 11 000000

قاطعها للمرة الثانية وكأنه تذكر طلبه الذي جعله يتسلق جدران ذكائها ليفوز بلقائها 00
ـــ ارجو ان تساعدي 18
ـــ وكيف لي ان اساعدها 00
ـــ اريد الزواج منها
ـــ حقا00 هل هذه قيمة المساعدة لها في نظرك 0
ـــ نعم 0
ـــ ولكنها حامل من مجهول 00
ـــ اعلم ذلك جيدا لكنها حبي الاول والاخير ولا 0000
قاطعته الدكتورة 00
ـــ ولاتستطيع ترك ارث ابيها لرجل اخر غيرك 00

حاول ان يتكلم بينما واصلت الدكتورة 00
ـــ ولكن هذا لايمنع من انك تزيح عتمة 18 المفعمة بالاسى
اكد بارتياح وهو يرسل انظاره عبر امواج النهر 00
ـــ واتحمل خطأ غيري ؟!000

نظرت اليه وقبل ان تتحدث اليه استدار وغادر مخترقا نعاس الاشياء الغافية على اصابع المساء تهفهف سترته الرمادية الداكنة الطويلة 0 عبثا كانت الدكتورة تطلق صرخاتها المدوبة ورائه واللحاق به والدخول حيث متاهته الغائمة اذ كان غائب في شيء اشبه بالكابوس 0 وتسائلت مع نفسها :
ـــ (( ماالذي جعله يتسلق جدران ذكائها ويلتقي بها ؟! )) 000
واردفت :
ـــ ((مسكينة يا18 حتى فارس احلامك معتوه بعدما كان اباك في حيرة من امره،انك عندما ستصرخين مستقبلا" اكثر من صرختك الاولى ،ماالجدوى يا 18 وثمة شيطان زرعه الزمن والمجهول في احشائك ، ماالجدوى 0000 ؟ 0


عندما غادرت من مكتب السيد 15 ،كانت الشمس تغطس بعيدا تولد للملأ عتمة المساء 0 وعندما انتصف الليل كانت ترسل انظارها عبر نافذة غرفتها 00 وراحت الدكتورة 14 تحدث نفسها :
ـــ هل يعقل ان يكون 11 هو الجاني ؟
وراحت تؤكد:
ـــ كانت محياه تدل على انه شخص خبر الاجرام 00 يتحسس الضحية قبل ان يدنو منها 00 اجل اجل ،فهو من النوع الذي يدنو من غرائز الفتيات ، هذا واضح من افكاره المعبأة بشهوات شيطانية غريبة غرائز تتحرك على ارض اللاوعي00 انه يتناسى او انه قد نسي فعلا واجباته تجاه الناس كأنسان 00
وراحت نهمس :
ـــ غدا سنعرف التفاصيل 00 لقد استدعاه السيد 15 0 ولابد وأنه سيعرف 0 لاسيما وانه هناك ثمة جرح احدثته 18 للجاني و00000
ولم تكمل عبارتها وراحت تحاول النوم هادئة 0 00000



كان يجلس خلف القضبان 00 يجف فوق كل شيء 0 كل شيء كان يربكه 0 كانت تنتابه فكرة حمل نفسه بعيدا عن كل هذا الذي يلمسه كان يود لو انه يدخل الى ضفة حلم 00 اي حلم 0 اجل فهو يتنفس الحطام وبعينين شاردتين كان يراقب الاشياء 0 وفجأة راح يحاور نفسه :
ـــ ((ترى اين سيقودك كل هذا يا 11 )) ؟

وراح يفكر بالنهوض 0 لكنه لم يستطع تحقيق رغبته تلك اذ انه احس خجلاً يتسرب اليه وفكر ان هناك عيون عديدة تراقبه بفضول 0 كان يربكه كل شيءوتشتت اسئلته على اجنحة طارئة 00
فيما راح يسرق احدى اسئلته الصامتة :
ـــ لماذا سألني عن علاقتي مع 18 00 ؟! ولٍِِِِم كان يبحث في اجزاء جسمي ؟ كأنه يبحث عن خاتم ضائع في جسدي 00

وراح يهمس لنفسه :
ـــ ((لقد قادهم الشك الي 00 ولا اعرف لٍم كل هذا الشك ؟ ومن اين اتى ؟ ومن هو الذي حرض حواسهم نحوي؟))

وبعد ان بدد ثقل حبات الخجل المتراكمة من رغباته 0 راح ينهض ليتسائل مع نفسه 0
ـــ ثم ماهذا الجرح الذي يبحثون عنه ؟!


وأكد لنفسه مستدركاً متسائلاً :
ـــ هل يمكن ان يكون الجاني قد ترك اثر لفعلته ولكن 18 0000 وقطع كلماته وراح يبتسم وقال بتأمل :
ـــ اه يا 18 00 ايتها الحلم الذي لايفارق اّفاقي ايتها الحلم الذي لازمني في اليقظة والمنام 0

وبعد ان منح للصمت فرصة الانبثاق راح يتسائل بعجب :
ـــ احترت بأمر السيد15 ! انه متمسك بالموضوع رغم انني ابديت استعدادي للزواج منها 0 لااعلم لماذا يرفض مني الزواج 0

وتسائل :
ـــ لااعلم لماذا يبحث عن جريمتي في هذا الموضوع ؟ ولااعلم لماذا صرخ بي عندما قلت له انني على استعداد للزواج منها 00 وقتها لم يكن يملك ان يقول لي شيء سوى اسئلته التي صبها في سؤال واحد كرره علي لاكثر من مرة 0

كان صوته قد ارتفع ليوقظ فضول احد السجناء ، الجالسين قريباً منه ، يكور سيقانه قرب رأسه الذي رفعه ليسأله :
ـــ وما هذه الاسئلة التي صهرت في سؤال واحد ؟!!
استدار اليه 11 كان لايملك حلاغير لسان يهديء به ارتعاشة افكاره واشيائه وراح يطلق حسرة ما وقال :
ـــ كان يحث خطاه الى نقطة معينة 00 يسألني هل انت الجاني ام لا00 ؟
ـــ وماذا قلت له ؟
ـــ قلت له الحقبقة 0
ـــ انا لم افعل شيء 00 فأنا لست بالجاني لكني مستعد لانتشال 18 من ضياعها والزواج منها 0
ـــ ولماذا تتزوج فتاة لم تحافظ على شرفها ؟
ـــ ان الحب الذي يقبع في داخلي لاتحده حدود ، لكل انسان امل وهدف و18 هي املي الوحيد في هذه الدنيا

وراح يضيف بتأمل :
ـــ واية امل ؟! لااعرف من اين تعلمت سر خلق كل ذلك التأثير المنبعث من وجودها 00 لابد وان الفنانين ومدمني الكلمات الشاعرية قد يتعلمون شيئا اذا ما نظروا لتأثيرها الساحر 00 انها احلى امل 0
ـــ ولكن املك تحطم تحت شهوات رجل اخر !

ابتسم 11 ليوقظ زمجرة السجين الذي قال له :
ـــ لاتبتسم ،لاداعي لاستهزائك يا00000

قاطعه 11 00000
ـــ انا لاافكر مثلك يا هذا ، ان 11 هي الوريثة الوحيدة لابيها وانا افكر بأدق التفاصيل فأنا احبها وهي ايضا تحبني وما يعززكل هذا انها وريثة لابأس بها لثروة جيدة جدا 00 ثروة سأختزل فيها طريقا طويلا 00 طريق لااجتازه الا عبر قطار ال25 سنة

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz


اجابه السجين بذهول واضح :
ـــ هل هذه طريقة تفكيرك بالحب ؟! ثم انك تتحدث من باب الثقة ولا تبدي اهمية للحياء 00 ألا تخجل ؟ ثم الجاني 00 الشخص الذي سرق شرف حبك اين سيكون مكانه ؟!!!

ابتسم 11 وبذات النظرة راح يقول بأفتراضية
ـــ ألست انا الجاني ؟ علي اذن ان اصحح خطأي والزواج من18 هو بداية تصحيح الخطأ

وتأمل قليلاً وأضاف :
ـــ هذا ماكنت اقوله للسيد 15 الذي تخلى عن اسئلته وراح يبحث في جسدي عن شيء ما لم اكن اعرفه ، وقتها أمر بأيداعي السجن لحين عرضي امام المجني عليها لكي تتعرف عليٍٍِّ00

وأرسل ابتسامات سخرية ليؤكد:
ـــ يالهم من اغبياء 0
ـــ ولم تعتبرهم اغبياء ؟
ــــ لانني اذكى منهم 0
ــــ انت اغبى منهم ان كانوا هم في نظرك اغبياء
ــــ ولٍمَ؟!!!
ــــ لأعتقادك انك اذكى منهم 0 فالغبي هو ذلك الذي يعتقد ان الناس اغبياء وهو اذكى منهم 0

رمقه 11 نظرة فاحصة وراح يدنو منه ليقول له متسائلا :
ــــ من انت ؟!
اقترب منه السجين وراح يهمس في اذنه شيئاً ما جعله يوسع عيناه ليرميه بنظرة ما ويقرر الصمت فيما بعد0



مضى شهر ونصف الشهر على الجريمة ولا شيء يذكر غير الفتاة التي لم تزل ترقد وجهاً لوجه مع الصدمة ومرضها العصبي الذي لم يزل يضرم نبرانه فيها ، و11 حبها الذي ادمنت كان قد دفع بها الى الهاوية بعد ان بنى تحت سقف احلامها الممتدة الى عالم لطالما حلمت بالتحليق فوق زهوره حلم الليل والنهار 00صيرّه امامها واقع 0 واقع لكنه خالٍ من الصواب ، واقع مزيف لايمت للوفاء بصلة ولا ينتمي لابجدية الحقيقة 00 انه الوهم الذي اجتاح به عالمها وانوثتها فراح يزرع جنونه في احشائها ليترك بعد ذلك الالم ولا غير 00 رغم انه يبدي استعداداً لتصحيح الخطأ00 لكنه لوّث التأريخ الذي انتمت له الفتاة وجعل منها صفحة سوداءفي سجل ابيها الذي شهد له الجميع بالنبل 0 اذن اين كان الحب وقتها ؟!!!! 00 لٍم فر الحب هارباً امام الشيطان؟!! ولٍم سمح للعار ان يستلقي بتثاقل على كل رموزه 00 ؟!
اذن هو لايحبها 00 انه يسلك جسر الحب للوصول الى ارث ابيها الى تلك الثروة التي يحلم بها الكثير من الناس 0
--------------------------------------------------------------------------

كان السيد 9 يحاول النهوض بتثاقل 00 فيما راحت السيدة حضارة تراقبه بفضول لتلقي عليه كلماتها :
ـــ كان الله في عونك يا9
وراح يداري انهمار دموعه وسلّم وجهه لواجهة النافذة وراح يقول بنشيج واضح :

ـــ اقف على نصل الحاجز يا حضارة 00 الحاجز الذي بين ابنتي وبين انتمائي لكل القيم 0
ورافقت تدفق دموعه المختبئة فقالت بحزن :
ـــ دع كل شيء لله يا9 وكن مع ابنتك في هذه المحنة 0
وصرخ بعد ان استدار لها :
ـــ والشيطان الذي سيدّون بعد فترة في شجرة نسلي ماذا افعل به ؟!
ـــ لقد اعترف الجاني بخطأه ، وهو على استعداد لتصحيح خطأه !
وزفر كلماته بهستيرية شديدة وراح يقول :
ـــ ما الفائدة ، لفد اهداني الاثنان حفيداً بالعتمة 00 لاتلفه الا اذيال العار ، لقد تقدم لخطبتها ثلاث مرات ورفضته 0
ـــ واظنك سوف تقبله بالرابعة 0
ـــ رغماً عني0 بخنجر الشرف سرق انتسابها لي وزعزع كل تعليقاتي عليه0

وضرب كف باّخر وراح يحاول اخراج علبة السكائر من جيبه وعندما اخرجها سقطت من يده لتستقر تحت دولاب قديم كان قد وضع داخل صالة البيت 0 وراح يحاول جاهداً التقاطه الامر الذي جعله ينحني نحوه وراح يمد رقبته بأتجاه فتحة كانت منتصبة بين الجدار والدولاب ، مما ادى ذلك الى فضح ياقة قميصه وقد بانت متسخة مما دفع بالسيدة حضارة للاقتراب منه والهمس له :
ـــ ياقة قميصك وسخة جداً00 ! ماهذا يا9 ؟!
لم يجبها 00 فقط هز رأسه 00 كان وقتها قد اصبحت علبة السكائر بيده وعندما اراد النهوض كان هناك اثر لجرح تحت تلك الياقة وعلقت السيدة حضارة مازحة :
ـــ ياقة متسخة 00 تخفي اثر لجرح 00 !
واستطردت قائلة:
ـــ ان كنت لاتبالي بمظهرك 0000
قاطعها قائلاً:
--عندما تعرضت لهذا الجرح كانت 18 تردد نفس كلامك ، 0 تحرضني لتبديل ملابسي00
واضاف قائلاً:
ـــ لاتعيري للامر اهمية 00 انه جرح ناجم عن عملي في المكتبة فهو جرح قديم 0


واردف هامساً بسخرية كأنه ثمل :
ـــ والقميص اقدم منه0

ورمق حضارة بنظراته وراح يقول لها والالم يعتصره :
ـــ اعلم انك تحاولين جاهدة ً تبديد ثقل الفجيعة عني 00 لكن الالم يعتصرني ولايريد مغادرتي ، لانني اب ياحضارة 00 اب مهزوم بأبوته وبتربيته واحاسيسه بأبنته 00 لقد خسرت كل شيء يا حضارة ولولا خوفي من الله والتأريخ لقتلت نفسي 0
ـــ على رسلك يا9 00 ماهذا الذي تقوله ؟ انك مؤمن بالله وانا اعرفك جيداً لاتنحني بسهولة 0
وانقطعت عبارة السيدة حضارة على اثر طرقات الباب ، واندفعت السيدة حضارة ، يرافقها السيد9 نحو باب المنزل ، فتحا باب البيت فوجدا وجوه عديدة ابرزها وجه مفزع لما فيه من ضاّلة جسم 00 كانت قامته القصيرة ماّوى للقبح والرثاثة 0 بنطاله قصير جداً وعلى نحو ضيق ، معقوف عند كاحليه وكان قد شد من مكان تمزقه فظهره دون حجمه الطبيعي كان طراز حذائه الرمادي قديماً وربطة عنقه الجديدة بدبوسها الزيتي تبدو عليه شيء ما تافه التقطه شحاذ ، كان وجهه يعبّر عن الصرامة وعن كاّبة ناتجة عن عدم قيامه بعمل بطولي بادر على الفور بعد ان تفحّص السيدة حضارة :
ـــ هل انت السيد9 ؟
ـــ نعم0
ـــ لم نجدك في البيت ، وقيل لنا انك تركت رسالة تؤكد انك ذاهب لزيارة السيدة حضارة 0
وراح القصير يؤكد متسائلا بعنف بعد ان نظر لزملائه وكأنه استفزهم :
ـــ هل تعرف اين ابنتك الان ؟
ـــ انها ترقد بسلام في فراشها0
ـــ اين؟!!!
ـــ في المستشفى0 !
اقترب منه القصير غاضباً وحاول جاهداً ايصال يده الى السيد 9 ليمسكه من عنقه وهو يقول موبخاً:
ـــ لاتتظاهر بالغباء ياهذا فأنت تعرف مااقصد !!

لقد بدا له الموقف سخيفاً جداً،(( فمن غير اللائق ان يرميني هذا القصير في حضيرة الكذابين لمجرد اني اجيب بصدق ؟!! ))
هكذا تحدث السيد9 مع نفسه وراح يهمس :
ـــ ((يجب ان لااخاطر واجعل من نفسي احمقاً بكثرة الاسئلة فهذا القصير ينتابه شعور حاد بالنقص))
وراح يتسائل مع القصير:
ــــ لااعلم ماذا تريد يا0000، على فكرة مااسمك؟
بذات اللهجة اجابه القصير:
ـــ انت لاتسأل ،انت تجيب فقط !
ـــ ولكن ياسيدي 0000
ـــ هل تعرف من الذي جنى على ابنتك وسفك عرضها ؟! هه 00 اتعرف؟00
ـــ 00000
اجابه بعد ان القى ابتسامة صفراء :
ـــ لقد نطقت ابنتك بالحقيقة يا9 000 وذكرت اسم الجاني الحقيقي0 المجرم الذي قام بأغتصابها ، واوهم العدالة والناس 00 هل تعرفه يا9 ؟000
ـــ 11 ؟ اليس كذلك ؟ انه هو 00 هذا مايعرفه الجميع 0

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz


وصاحت السيدة حضارة فرحة :
ـــ نطقت ؟ هذا يعني انها في صحة جيدة 00 حمداً لله على سلامتها 00
واضافت :
ـــ هل اعترفت على 11 ؟
اجاب ولم تزل ابتسامته الصفراء تتسرب من وجهه :
ـــ كلا يا9 ،لقد اعترفت الفتاة وادلت بالحقيقة 00 وفضحتك والقت بالقناع الذي كنت ترتديه امامنا00
ـــ لاافهم ما تقول ياسيدي؟!!
ـــ لقد اخبرتنا ابنتك انك انت الذي قام بأغتصابها 0

لقد صب عليه القصير اطول عبارات الدهر بكلماته هذه0
ـــ ماذا تقول؟!!
ولم يستطع اكمال عبارته وراح يتهالك على جانب باب الدار لايعرف ماذا يقول وكأن غيمة حبلى بالغربان استلقت عليه0 فيما واصل القصير:
ـــ هناك سيتضح كل شيء 0
اجابه السيد9 بتثاقل وكأن عباراته بدت تغادر الوعي والادراك:
ـــ هناك؟! اين هناك؟! 00 انا لاافهم ماذا يجري 00 !
وهنا هتفت السيدة حضارة :
ـــ ماهذا الذي تقوله؟! ثم من انتم ؟
اخفض القصير صوته وراح يهمس لزمرته بكبرياء لايليق به :
ـــ قولوا لها من نكون 0
واستدارت الغربان نحو السيد9 والسيدة حضارة وقالوا :
ـــ نحن مرسلون من قبل العدالة 0

هناك حيث يتوج الميزان عنواناً لكل شيء ، كان السيد9 واقفاً امام منضدة بأرتفاع دون الصدر ذات سطح مستطيل املس ، تبعثرت فوقها اوراق كثيرة ،ورقة مهمة كانت بارزة من بين تلك الاوراق الكثيرة ، ورقة علتها كلمة (( ال0000 طريقنا000 )) فبما تبعثرت فوق تلك الورقة ارقام كثيرة اصطاد منها ارقام : (( 717 – 6328 – 428 – 18 – 4747 – 00000 )) فبما كانت محبرة صغيرة أركنت على حافة المنضدة حتى ليبدو وانها ستقع بمجرد لمسها ، كانت المنضدة مشغولة بأوراق وامور كثيرة 0 وخلف كل هذا كان رجل ممتلئ بعض الشيء يجلس على كرسيه يراقب السيد9 بنظرات فاحصة ، يحاول اخفاء ابتسامته واستبدالها بثورة متحفزة في داخله وراح يقول :
ـــ اذن انت السيد9 ، الرجل الذي0000
وتوقف عن الكلام ، ليستطرد وهو يدفن وجهه بين يديه :
ـــ لاحول ولا قوة الا بالله ، استغفر الله ، استغفر الله، حسبي الله ونعم الوكيل 000 ياالهي !!!!
فيما تسائل السيد9 بذهول :
ـــ ماذا جرى يا سيدي ؟!! انا لحد هذه اللحظة لم افهم شيئاً !ولست مصدقاً للذي اسمع 000
نهض البدين من خلف المنضدة وقال له :
ـــ قل يا سيد9 00 هل انت متزوج؟
ـــ كلا 0
ـــ ولٍم؟!
ـــ لان زوجتي ماتت0
ـــ ولٍم لم تُقدم على الزواج بعد موتها ؟ فأنا وعلى حسب علمي ان لك ابنة يقدر عمرها بــ19 سنة ،اضافة الى انك تحمل قصة حب عنيفة قديمة بسيدة لم يحضرني اسمها00
قاطعه السيد9 اذ راح يُلقي بنفسه على على ذاكرة بعيدة ويقول بشاعرية شفافة :
ـــ ياسيدي اٍعلم انه لم تُفلح اي أمرأة بأيقاظ المارد في اعماقي من غفوته وتغريه بقطف التفاحة ،لقد ماتت زوجتي واعتقلت معها صحو ماردي 0
ـــ وابنتك؟
احابه بتأمل:
ـــ ابنتي لم تكن محض امرأة ، بل قبيلة من نساء صُهرت في امرأة واحدة بشعر اسود منسدل على الكتفين وجمالها الطفولي الاخاذ يُحرض الحواس على التمرد0
ـــ والانفلات 00 اليس كذلك؟!0
اتجه السيد 9 ليقول:
ـــ ماذا تعني بالانفلات؟ انا لااسمح لك00 ثم لماذا اخذتموني بهذه الطريقة المريبة الى هنا؟! ثم من انت؟0
هتف البدين بةجهه قائلاً:
ـــ ان لم تترك هذا التمثيل فسوف اكون حازماً معك يا9 00
ـــ اي تمثيل؟
ـــ ابنتك00
ـــ مابها؟
ـــ قدمت شكوى ضدك0

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz

ارتبك السيد 9 ،يبدو انه يخفي شيئاً ما وراح يبتعد حيث زاوية الغرفة واسند يديه على كرسي فيما لاحقه البدين وهو يقول:
ـــ لقد وضٍح كل شيء الان يا9 0000

وهنا راح البدين يتجه نحو منضدته ليضغط على زرٍ ما وعلى الفور تُفتح الباب ليدخل ذلك القصير قائلاً:
ـــ نعم سيدي؟
ـــ اجلبوها00
ـــ حاضر سيدي0
ويخرج القصير ، ليطرح البدين سؤالاً للسيد9 الذي يبدو وكأنه يعاني قلق مفاجئ :
ـــ لٍم انت قلق؟!!
تهالك على الكرسي وقال:
ـــ كيف لأبنتي تقديم شكوى ضدي؟!!
ـــ نسيت يا9 اسألك ، من الذي اسماها 18 انت ام امها؟
ـــ اسمها 18 وحسب ولاتسألني كيف ولد الاسم لانني اشعر بالتعب 0
وراح يتأمل في الورقة المندسة بين كومة الاوراق المتناثرة على طاولته ، يراقب الارقام المتراصة عمودباً ، كأنه يبحث عن هذا الرقم من بين تلك الارقام عندها اوقف بصره على الرقم ، فيما كانت سبابته قد انكمشت على رقم مدون على تلك الورقة الصفراء انه الرقم (18) عندها رفع بصره للاعلى وراح يراقب لوحة زيتية معلقة على الجدار المقابل له، كانت صورة قد اُحيطت بأطار قوي ومتين 00 كانت اللوحة تتحدث عن جسد يبدو ظله شيطاني 0 ظل يحمل خنجراً مضرجاً بالدماء وقد سقطت امامه فتاة صريعة بثوب العرس وقد ضغطت على منجل حملته بكفها الايمن اهداه اياها طفل بانَ ظله فقط ، طفل ينتظر خلف الشمس ، فيما راحت زهور عديدة تبدو وكأنها تتفرق من يدها اليسرى ، فيما بدا وجهها بريئاً وكأنه قد توضأ بضؤ القمر 00 بفمٍ صغير وعينان مفتوحتان كأنهما تعلقتا بشيء شاهدتاه قبل ان يقرر ذلك الشيطان اغتيال عرسها بخنجره السام 0
لكن الملفت للنظر ان ظل العروسة مطابق شكلها الحركي بينما لاتطابق بين ظل الشيطان السفاح وشكله الذي كان عبارة عن فارس امتطى جواده وقد حمل بيده سيفاً ، وراحت يده الاخرى تلّوح برايةِ ما 0
هنا دخل القصير ومعه فتاة بجسد قائم وعينان واسعتان شاردتان كأنهما تخفيان شيئاً ما ، فيما يبدو الخوف وقد نال من ذلك الجسد الناشئ 0 ارتعاشة واضحة من شيء يبدو وكأنه كابوس يطاردها في اليقظة والمنام فيما بدت انامل اصابعها كالطفل الذي يتعلم السير حديثاً لايعرف الاستقرار0 تفر من النظر لاي شيء ، فيما نهض السيد 9 من مكانه كأنه اصيب بنكبة لمجرد انه راّها تدخل الغرفة ورافقها بسيل اسئلته المتراكمة المعتوهة :
ـــ مالذي جاء بكِ ؟ !! كيف خرجت من المستشفى؟!! ماأمرك ؟ لماذا انت هنا؟!! اجيبي والا 0000
قاطعه القصير:
ـــ احترم نفسك يا9 ، واعلم انك تحت ميزان العدالة 0
تسمرت الفتاة 00 فيما راح السيد9 يؤكد:
--ولكن0000
اعاد القصير مقطوعته المتهرئة:
ـــ احترم نفسك يا9، واعلم انك تحت ميزان العدالة0
واجهشت الفتاة بالبكاء ، ورددت:
ـــ اغثني ياسيدي 0 اغثني00
وسار القصير يرمق السيد9 بنظرة حادة وصفق الباب خلفه ، عندها جلس البدين قائلاً:
ـــ اجلسي00
وجلست الفتاة امام المنضدة ،سألها:
ـــ اسمك؟
ـــ 18 ابنة 9
ـــ احكي لي شكواك0
ـــ لقد تم الاعتداء عليّ يا سيدي0
ـــ مانوع الاعتداء؟
ـــ اغتصاب0
نهض السيد9 وفي داخله مشروع صرخة لكنه تسمّر في مكانه بمجرد ان نظر له البدين وقال :
ــ اذا صدر منك اي تدخل او اي كلمة فسوف انفذ عليك كل سلطتي ، واعلم انني السيد 15 ، انك تجلس امام السيد15 0
تراجع السيد9 ووضع يده على فمه وقال له :
ـــ يا رمز العدل لقد عشت كل عمري اسمع بك ولا اراك00 اعرف انك رمز من رموز الحب والعدل والحمد لله ان ابنتي قدمت شكواها اليك انت بالذات ، فانا على يقين انك ستنتزع لها الحق كما ينتزع الذئب الفربسة من افواه الوحوش الكاسرة 0
ـــ اصمت وكف عن الثرثرة 0
وراح السيد15 يضيف بذات اللهجة :
ـــ اكملي يا ابنتي من الذي قام بالاغتصاب؟
ــ 0000
ـــ قولي 00 قولي بلا تردد !
بكت الفتاة وراح الاب يرافقها بعين القلق بينما راحت الفتاة 18 تؤكد :
ـــ انه ابي00 ابي ياسيدي 0 اجل ابي السيد9 هو الذي قام 000000
وانفجرت دموع ندم كانت حبيسة حروف كلماتها ، واندفعت الكلمات واختلطت بالبكاء ولم يصل منها فيما بعد سوى عبارة 00
ـــ (( سوف اضع حداً لحياتي ))
((يالك من قذر يا9 ، لم تستطع نساء العالم كلهن بايقاظ المارد النائم في اعماقك ؟ اُقسم ان ماردك هذا يرافقك كظلك ايها النتن ، كيف سمحت لنفسك بتدمير هذه الثمرة اليانعة ، من سمح لك ان تجعل منها وليمة غرائزك الشاذة ، وضيفة فراشك المحرم عليها وللابد ؟ من هذا الذي اعطاك الحق باعتقال انوثتها ، لابد وانك استعنت بالخجل فهي لم ولن تتحدث عن امرٍكهذا ، اذ قلت لنفسك سوف لاتستطيع البوح لأحد بأمرٍ مخجل كهذا ، لقد نفذّت جريمتك يا9 بأداة الخجل ولم تتوقع ان امرك سيُفضح ! اليس كذلك؟ ايها الشيطان ستلحق بك لعنة الله ، واعلم ان السيد 15 لن يغفر لك فعلتك لانه يحكم بأمر الله 00 )) بهذه الكلمات واجه السيد 15 السيد9 بينما توّسل هذا الاخير :
ـــ مظلوم سيدي 00 مظلوم0 0
ورمق ابنته نظرة ما لها سرها الخاص ، فتملكها الحياء ، فهربت من عينيه وراح يتجه نحوها:
ـــ 18 ، تذكري ياابنتي ، هل جننتِ؟!! هل انا ؟ انا افعل فاحشة ؟00انك اكثر الناس معرفة بيّ ،ان كنت تشعرين بكابوس الشيطان في احشائك فأعلمي انني لست الفاعل لأنني طلقت نساء الدنيا كلهن من اجل ان تكوني حلمي في الليل والنهار

نهض السيد15 وقال بغضب مقاطعاً:
ـــ قبحك الله ، تتغزل بها وهي ابنتك ؟!!!
اجابه باكياً وكأنه اصيب بخيبة امل :
ـــ عذراً ياسيدي لقد خانني التعبير 0
ـــ خانك التعبير ام انك شاذ؟!!! يا للفاسق!0
وراح يتجه نحو منضدته ليكتب واقفاً يردد بصوت عالٍ :
ـــ ((يودع السيد 9 في السجن ويُفتح تحقيق في قضية اغتصابه لأبنته المدعوة 18 ))

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz

((حين يموت من نحب نركب السيارات وندّخن السكائر الكئيبة ، نبكي حين نرى جثة تنتظر فنغلق الابواب على احلامنا ونحمل نعشاً مع المعزين ، نرتبك ونحن نراقب الحفار ، ثم نعود بأحزان طيبة نتأمل غرفة ملابس الراحل ، نراها وحيدة لكننا نتخيل الميت يتكلم بيننا 0))
بهذه الكلمات راحت الدكتورة 14 تتحدث امام السيد 15 كان هذا الاخير يراقبها بكبريائه المعروف وحنكته المعهودة ، فطوله الفارع بسمرت البادية على وجهه التي توحي بأنه خبُر الحياة كثيراً ونهل من صعابها وهو بلا شك يعلم جيداً ان الدكتورة 14 رغم تمتعها بذكائها الحاد فهي تقف امامه ولا شيء يغمرها غير ذلك الحذر الشديد منه والتوجس من سيل الكلمات القابعة في كل ركن من اركانها ، اذ بادرها قائلاً :
--انها هي التي اشتكت ، قدمت شكواها ضد ابيها مدّعية ً تعرضها للاغتصاب على يديه 0
--ياللسافل ! زنى بمحرم؟!
--تصوري يا سيدتي 00 لذلك فأن مقدمتك التي القيتيها امامي كانت مقطوعة رائعة ، لكن امثال السيد 9 لايستحقون منّا كل هذا الحنان 0 مثلما تفضلتِ لقد دفن نفسه بالحياة ، هو ميت تثيرنا عملية رحيله 00 لكنه ارتكب فاحشة !
وراح السيد15 ينهض من مكانه ولم يدع الدكتورة 14 ان تقابل نهوضه بوقوفها له وأستطرد قائلاً:
--سوف اخرج من هذه الغرفة واترك لك مقابلة الفتاة 18 واعلمي يا سيدتي لولا ثقتي العالية بكِ ولاْنني اعتبرك صديقةً للاسرة بأعتبارك طبيبة زوجتي الخاصة لما سمحت لك بالتدخل في هذا الموضوع 0
بادلته الدكتورة :
--اشكر لك ثقتك ياسيدي0
ولم يمضٍ اكثر من اربع دقائق حتى كانت الفتاة الضحية امام الدكتورة ، كانت ترتجف وتتأوه بما يشبه النحيب ، وبهدوء عظيم دفعت بجسدها امامها وارادت ان تنطق بأشياء ولكنها لم تفعل ، كان شعرها المتناثر بأضطراب يستر وجهها المغمور بشحوب هائل امتد حتى الى سحنة وجهها الواضحة 00 جلست والصمت يطبق 00 راحت الدكتورة تراقبها بشيء من الفضول والعجب واردفت :
--عجبت لحكايتك يا 18 ، انظري ان وانت من جنس واحد 0 فأسردي عليّ قصة الجريمة 00 كيف حدثت ؟ 00
وبدون اية مقدمات راحت الفتاة تتحدث وكأنها كانت معبأة بعبارات جاهزة :
--كان الغسق المسكون بالهدوء ينثر شعاعه الارجواني مطوقاً الفناء بالخارج ،لن انسى ذلك الحدث0 كان ابي وقد بدا اصغر مما هو عليه الان وقد جلس على سريري قرب النافذة وحوّلت انتباهي الى مجرى الاشياء المحرمة ، اقود يدي تحت الشجرة المقدسة ، لاْتلمس تفاحتي بقائها من رحيلها ، واسحب يدي التي تمنيت لو خانت افكاري 00 اواه 00 انها مبللة واستنشق وسط العتمة عبق اصابع يدي لاْكتشف انه ثمة حضنٍ مبسوط كان قد تلقفني ليلة الاْمس كأرجوحة ، او انكمش عليّ مثل كماشة العنكبوت الهائلة مستحوذاً على جسمي الضئيل امام رغباته الشيطانية ، وقتها صار الزمن في عتمة غرفتي تلك هشاً كرماد الحرائق تدفق بدون صوت 00 كنت ارتجف لم اكن ادرك ، هل هو البرد الطارئ ام الخوف من غرابة ماكنت اشاهده وسط تلك المتاهات السحيقة0
اجل انه والدي الموشوم بالتوهج ، التوهج المركون بلا وعي في بؤرة الغريزة المظلمة ، لم يكن بوسعي مشاهدته بوضوح وعبثاً رحت اطلق الصرخات المدوية :
--(( يا لفجيعتي )) !!!!000

وراحت تؤكد :
--واشتدت العاصفة اكثر ،مدمرةً سقف الحلم الضبابي المنسوج باتقان على يدي انا وفارس احلامي (11) وعندما بدأ ضؤ الصباح بالزحف نحو النافذة سمعته بصوته المرتجف وكأنه اصيب بذعر مقدس ، يهمس لكني لم اعيّ حروف كلماته غير اني استنشقت همساته الباردة مما جعلني صوته الناطق بالالم اتحول بشيء من الانتباه حيث يقف متجمداً 0 لم يكن بمقدوري فعل شيء سوى ان اخضع واقبل بأنطفاء العاصفة ، كل الاشياء الساكنة والمتحركة انطفأت الا حضوري فقد بقيّ لم ينطفئ بعد وعبثاً كنت اطلق دموعي فيما كان ابي يراقب ويدنو ليهمس اكثر وبشدة في اذني :
--(( يجب ان يبقى الوضع على ماهو عليه ، والا 000 ))
وراحت تواصل:
--تصوري ياسيدتي ابي الذي خرجت من صلبه يطلب مني تأشيرة دخول ابدية في عالمه الشيطاني الشاذ0 انه يسفك احلامي ، ويذبح شرفي بخنجر شرفه ،كم كنت وقتها بحاجة ليد تقطع ذلك الزمن وتمزق جسدي وتدمر كل عروقي كي تجعل دمائي تسري في هذا العالم الظالم ، لم يمضِ على فعلته كثيراً لكني اشعر ان اجدادي كلهم شاركوا ابي فعلته هذه ،لقد ضاجعتني قبيلة الــ 17 ((قبيلتي))0 في ليلة واحدة فقط0
وراحت دموع تلك الضحية الفاتنة تنهال من عينيها الواسعتين مثل قطرات ندى تنزلق من زجاج نافذة لغرفة دافئة في فصل الشتاء 0 حقاً ان حالها ليثير الشفقة ،اية مصيبة تلك التي تواجه هذه الفتاة اليافعة ؟ ترى الى اين تسير ؟ واي الابواب تطرق ؟ السيد15 اصدر اوامره الصارمة بأحاطتها بالحرس خوفاً عليها من الانتحار وهي ترفض ذلك بشدة 00تريد الانصراف الى بيتها ، فثمة حب قديم (على حد قولها ) ينتظرها وراحت الدكتورة تلقي عليها سيل اسئلتها الحادة التي تنم عن ذكائها :
--سمعتك يا 18 تتحدثين عن فارس احلامكِ ، اظنكِ انكِ قلت ان اسمه 11 أليس كذلك ؟!!
نهضت 18 بتثاقل وراحت تسير بأتجاه نافذة صغيرة لتتأمل وترسل كلماتها بخشوع:
--ثلاث مرات يتقدم لخطبتي وابي يرفض 0
--ولِمَ كان يرفضه؟
--لااعلم ، ولكني كنت اُشعر ابي بأنني موافقة عليه فهو قادر على حمايتي ورعايتي 00 بيديه الحنونتين كان يضمني ويقودني الى عالم ملئ بالاْحلام 0
ابتسمت الدكتورة وقالت بهمس :
--تحبيه ؟!
--ولماذا لااحبه ؟، لقد غمرني بالاشواق ولم اجد انساناَ يحمل من معاني الحب والوفاء لي مثله 0 تصوري يادكتورة ، انه يعرف جيداَ مقدار ممتلكات ابي ، الارض والمكتبة ومحطة الوقود و000
قاطعتها :
--محطة وقود ؟ ! اية محطة ؟!
--ابي يمتلك ارض كبيرة ومنتجة ومكتبة عظيمة ومحطة وقود كبيرة 00 ورغم كل هذا لم يكن 11 طامعاً بل لم يكن ليحفل بكل هذا 0
--اتعلمين يا 18 انني كدت ان اظلم 11 واقضي على قصة حبكما بيديّ هاتين 00
--00000000
--اجل يا 18 00 انا التي ادلت بالاقوال امام العدالة وساهمت بادخال 11 الى السجن بتهمة اغتصابك 00 كان ذلك عندما كنت لاتستطيعين التحدث 0
واضافت :
--وعندما فقدتِ جرأة الخوض في الحديث عن هذا الموضوع اتجهت كل الاتهامات الى 11 اذ وقتها دخل في دائرة شكوكنا 0
قاطعتها 18 لتقول بتأمل :
--انه انسان يبحث عن الحب ، الحب ولاشيء سواه0
وبدون سابق انذار اندفع الباب ليدخل القصير لينذر بقدوم السيد 15 ، نهضتا 00 فيما القى السيد 15 السلام وبادرته الدكتورة :
--اشكر لك ياسيدي ثقتك العالية بيّ ، فبفضلك استطعت التعرف عن قرب لاْبشع جريمة اُقترفت في هذا القرن 0
اجابها بعد ان جلس على كرسيه خلف تلك الطاولة :
--سوف اجعلك اقرب بكثير للموضوع 0
--وكيف ياسيدي ؟
ضغط على زر بجواره ، فدخل القصير فأومأ له ان يأخذ الفتاة لمكان راحتها ،وقال :
--اكرموها جيداً،وسهلوا لها اقامتها 0
قالت الدكتورة بهدوء :
--ياسيدي كرمك عظيم ،ولكن 18 تطمع ان تسمح لها العودة الى بيتها ، فلها حب قديم ، وبصيص امل ينتظرها هناك لعل ذلك سيبعث لها شيء من الامل في مواصلة حياتها 000
قاطعها :
--فهمت ما تعنين، ولكن سوف اسمح بذلك على ضمانتكِ انتِ0
ابتسمت الدكتورة ورافقت 18 بنظراتها وهي تخرج ، لوّحت للدكتورة فبادلتها الاخيرة كأنها تشيعها الى مثواها الاخير ، وبعد دقبقة كان السيد 15 قد اخبر الدكتورة ان بأمكانها محاورة السيد9 00 وهذا يعني انه يعطيها ثقة عالية وهو بذات الوقت يحقق برنامج عظيم للديمقراطية

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
عجيب امر هذا الرجل الذي يدعونه السيد9 ، اكثر من مرة يرفض مقابلة الدكتورة 14 !، هل هو الخجل ام انه لايستطيع مقابلتها لانه لايملك ما يقوله لها ؟ معطف كلماته خالي من اية حجة يمكن ان يقدمها ، رفضه لهذه المقابلة ولاْكثر من مرة يؤكد انه مذنب ولامجال لرفع الشك عنه ، تملكها اليأس من مقابلته فراحت ترسل له ورقة خطّت عليها بأناملها الناعمة :
((--الى السيد 9 00 لايوجد شيء اعمق من العار الذي تسبح فيه ابنتك عارية ومطمئنة ، ما اقذرها من اداة قتل تلك التي اقتلعت فيها انغام موسيقاها من لحن الانوثة التي كانت تحياها 0 ))
الاْمضاء
الدكتورة/ 14
كانت هذه العبارات كافية لاْخراج السيد9 واجباره على دحر الخضوع والاْستسلام لكل ما يجري وراح يخاطب الدكتورة برسالة ارسلها لها ، فهو لايريد مشاهدة احد بعد الذي حدث وراح يسترسل :
((-- بسم الله الرحمن الرحيم
< سأظل دائماً ، وربما الى الاْبد كذئب وقع في كمين ، اثِبُ الى قمة المثل العليا >
عزيزتي الدكتورة 14 :
جائز ان بودلير –الشاعر الفرنسي الفذ –قد سمح لنفسه ان يصفها ذئباً فأنني لاارغب ان اكون ذئباً لكني عندما اقع في كمين سأظل دائماً انساناً اثِبُ الى قمة المُثل العليا 00
سأتواصل بوعيي وانا ادرك حقاً ان هناك اشياء جديدة وصاخبة في محطات الذاكرة 00 عليّ انتزاعها ومنطلقي ان ليس هناك مسافات زمنية بيني وبين الحقيقة ، قد تكون هناك ثمة حدود تؤشر الزمن والتأريخ بين الاْجيال لكن هذه الحدود لابد وانها ستتلاشى فوق خارطة الاْرادة الاْلهية 0
عزيزتي الدكتورة /14 00
كم مرة نفكر ونتأمل قبل ان تخرج منا الكلمات ، نختار لها احلى الثياب لتخرج على الاخرين بأحلى زينة ، لتخرج خالية من الفوضى التي تحدِثها عملية الاْضطهاد النفسي ، كم مرة نحتاج لنتأمل طويلاُ وننظر جيداً وبذكاء قبل ان نفتح باب الحديث ونُسزع في تدوير مجاديف الكلام 0 على حروف هذه الكلمات ربيت ابنتي 18 0
وبعد00 وبعد هذه العاصفة احسست بالهزيمة والاْندحار كقائد عسكري يخسر اّخر معركة يخوضها 00 خسارة ثقيلة بعد عدة انتصارات ، لقد هزمت الغريزة! وتفوقت على الوحدة وانتصرت على المال 0 لقد كانت ابنتي 18 هي سيفي في كل انتصاراتي ، اجل ابنتي ولاغيرها
ماكان يدور في خلدي يوماً انني سأُذبح بسيفي ، لم اكن اتوقع ان موتي سيكون على يد السياف الذيٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ تربىٍ فيٍ احضانيٍ وغمرته بحناني وتضحياتي 0 لقد كانت ابنتي هي السيف والسياف معاً0
اسمي الكامل هو 9نن عشيرةالـــ17 هناك مايثبت كل كلمة سأدونها على هذه الاْوراق ، اذ انني اعمل مايرضي الله فقط 00 واعلمي ياسيدتي انني انسان املك ارضاً ومكتبة رفيعة المستوى تضاهي بل وتفوق مكتبات كثيرة بمستواها التأريخي والثقافي والفلسفي والعلمي علاوة على ذلك فأن لي محطة لتعبئة الوقود 00 من هنا تلاحظين يادكتورة 14 انني لااحتاج شيء في هذه الدنيا غير رضا الله والعيش بزهد وكرامة 0

عزيزتي الدكتورة/ 14 00
صدقيني انني لم افعل اي شيء مع ابنتي غير الذي يرضاه الله واعلمي ان ابنتي بين امرين ، اما انها جُنت او انها فعلاً حامل من شيطان لانعرف طريقه 0
لااستطيع القاء التهمة على احد ، اذ انني من النوع الذي لايتعامل بالشك ، لاْن ذلك سيقودني الى اثم لايرضاه الله ، فأنا لااصدّف ولااقرر الا عندما تقرر مشاهداتي بذلك 0
لقد فكرت كثيراً قبل الكتابة اليك ، كان بأمكاني ان اكتب الى عشيرتي أوالى السيد 15 او الى اي فرد 0 لكني اكتب اليك لانني اعلم ان دورك يأتي دوماً في الاْوقات الصعبة ، اعلم انك تخاطبين الكل بمبدأ عظيم وتعطين لكل مظلوم حقه 00 فأعلمي يارسولة الخير والسلام انني مظلوم واناجيك بأسم كل ما تحمليه من قيم ان تساعديني ، فأنا انسان لي تأريخي 0 اناديكِ بأسم كل الذين ينتظرون دوائكٍ فأنا اعلم انكِ تقدسين المرضى وتسعين لاْجلهم واعلمي انني لست مريضاً لكنني مضرج بالدماء فهذا الجرح اللعين يكاد ينال مني بعد عدة جراح اتفقت قبل زمن مضى ان تستقر في جسدي0
اناديكِ واعلم ان لكِ قلباً كبير يسع العالم كله ، فلبي النداء اذ لااحد لي في هذا العالم المليء بالظلام غيركِ يخرجني من هذا الذي انا فيه ، يلفني الليل ، يجتاحني بكل تفاصيله عازماً على ايقاد شعلة العتمة في فضاء خريفي 0 تعالي واشطبي كل هذا ، ساعديني وأجّلي غضبكِ عليّ، وانتقادكِ لي، اعترف انني اخطأت ، لكن خطأي ليس كما تتصورين ، انه لايتعدى اكثر من انني فشلت في تربية ابنتي الوحيدة، وهذا خطأ كبير 0
أجّلي كل قراراتكِ نحوي وتعالي لي ، وأزيلي عتمة الظلام التي تنهال عليّ ، اجّلي كل الزمن وأسرعي لي فقد اشتقت الى الشمس ولا احد يرفع قرصها وينسجها في فضاءاتي سواكِ انتِ0
عزيزتي الدكتورة/14 000
اعلمُ جيداً انكِ لاتلبين الدعوة للتوسل ، بل يكون انبثاقكِ هو نتاج لقيمة الظلم الذي يجتاح الناس ، وانا واحد من الذين طالهم هذا الظلم ، والى هنا اود اغلاق نافذة كلماتي اذ لااستطيع ان اكتب لكِ اكثر واعلمي انني مظلوم واناديكِ بأسم النور وبأسم الرحمة ان تقفي بجانبي وتزيلي نقطة سوداء قد تستقر في تاريخي والى الاْبد 0 ))

وراحت الدكتورة 14 تعيد قراءة هذا الخطاب لاْْكثر من مرة وهمست :
((--ربما يكون محق وربما يكون ماكر ؟ لعله متمكن في القاء الحجج بصورة مقنعة ومتقنة ؟ فذلك واضح من اختياره للعبارات ، وخصوصاً تلك التي يمتدح فيها سيرتي 0 ولكن0000 ، ولكن هل يُعقل ان تكون العدالة يوماً معصوبة العينين ؟!! 0
رباه ما الذي يقوله هذا الرجل ؟! ))
وراحت ترسم مثلثاً على سطح منضدتها البيضاء وكتبت تحته <هل يعقل؟!!! ألاْجلك يولد الرماد وينهض الضياع و00000 >
وهمست لنفسها بصوت مرتجف :
--هل هو مظلوم ؟ هل هناك مايُثبت انه مجنون ؟ ،فقد قرأت يوماً عن تفاصيل واضحة لاْولئك الذين يعانون الجنون ، جنون من نوع اّخر جنون لحالات معينة شبيهة الى حدٍ بعيد لهه التي اراها000
ولكن0000 وقطعت كلماتها00 وأستدركت لتقول بلغة اللاأستقرار:
--اجل انه الجنون!000



كأي طفل اسرف في اللهو ، وسط مسرفيّ اللهو00 ذاك يحمل قلم 00 يرمي خطوطاً غير مفهومة على اوراق كثيرة وذاك يقف امام النافذة يرفع بصره للسماء كأنه يبحث عن شيء ضائع 00 واّخر مثل الاّخرين ،كانت قاعة وقد بدت بأشياء مغمورة بتراب زمن بعيد0 تغمرها بؤر لاْضوية معتمة لاتلبث ان ترتطم بحواف اسرّتهم ، كانت اقدارهم مرسومة واضحة لاتطالب بالمزيد كأنها قررت منذ زمن ان تستلقي في دهاليز القنوط ، قاعة كبيرة حوت هؤلاء المجانين وجنونهم ، كان عبق احاسيس هؤلاء يعم في فضاء تلك القاعة ، مرضى نُعِتوا بالجنون، انتشروا مع جنونهم هنا وهناك لم يكونوا اكثر من اجساد تتحرك تاركةً الوعي والاْدراك في رحم السراب ، فقد غادرتهم ابسط انواع التعامل الطبيعي مع الاْشياء لايعون العقاب ولايدركون الثواب ، اجاسدهم بدت شبه هزيلة غير ابهة لكل ما جرى وسيجري ، جميعهم يتنافسون فيما بينهم لاْبسط الاْمور ويغزو شعورهم هذا احساس عميق بالغربة واليأس ، يخالطهما الاْكتئاب الحاد ، انهم بالتسمية المتفق عليها مجانين، لكن لكل واحد منهم حكاية تتسع لها العيون وتفغر لها الاْفواه ، انتشروا داخل هذه القاعة التي اكتست باللون الاْبيض ، فيما كانت نوافذها الضيقة وقد اكتست باللون الاْحمر ، كان احدهم يمسك لعبة خشبية لطائر بجناح واحد ليس له منقار 00 خالٍ من اية صبغة فيما بان هو شبه عاري 00 انه بالتأكيد يجب ان يكون عاري وهو يردد:
--((سأرتدي ثيابي عندما تعيدون للطائر جناحه الثاني 00 ))
--ولماذا تريد الجناح ياهذا ؟
--((لاْنني بدونه سوف لااستطيع تحقيق اي شيء ، صدقوني لقد كان له اربعة اجنحة ، سرقوا ثلاث وتركوا هذا الجناح الاْخير ليوهموني ان الطائر بجناح واحد0))
--ولكن ليس هناك طائر بأربعة اجنحة !
--((كلا ، طائري يملك اربعة اجنحة ))
واجهش بالبكاء00 وراح يقول:
--((تخليت عن جناحين ، اعيدوا لي جناح واحد ، فلا يصح ان يبقى هذا الطائر الوديع بجناح واحد ! 00 كيف سيتحقق له مواصلة التقدم واللحاق بالذين سبقوه؟!))
--ومن هم؟!
--((الذين ادخلوني هنا 00))
--ومن هم الذين ادخلوك هنا00 ؟
--((000000000))
ثم راح يقول بعفوية:
--((صدقوني لم اشأ ان اغتصبها 00 لقد كنت مجبراًً على اغتصابها00 !))
--ومن هي؟
--(( ثمة امرأة 00 امرأة ربتني وسهرت عليّ الليالي وحملتني في بطنها تسعة اشهر ، و00000000))
وراح يبكي بشدة وانقطع ذلك البكاء ليؤكد :
--((هو الذي اجبرني على فعل ذلك 00))
--ومن هو؟
وراح يرفغ بصره بأتجاه لوحة زيتية معلقة امامه فوق باب القاعة الزجاجي ، كانت اللوحة نسخة ثانية طبق الاْصل لتلك الوحة المعلقة في غرفة السيد 15 ، ونظر الى تلك اللوحة وراح يزّفر كلماته بهستيرية ولهجة غير مفهومة :
--((الذي رسم هذه اللوحة)) 0
واجهش بالبكاء ،بكاءً نقياً خالٍ من اي شائبة ، وأنهمرت دموعه نقية كأنها ما انهمرت الا لجموع مصلين انتظروها طويلاً لكي يتوضئون بها غير مكترثين بكثافة الماء المتراكم بجانبهم0 !! واضاف بحزن :
--((لقد وضعت ثقتي بهذا الطائر لاْنني اعوّل عليه كثيراً0
--هل هو الذي طلب منك ان تضع ثقتك به ؟
--((كلا00 ولكني ادمنت هواه ولااستطيع العيش بدونه00 ))
--ولكنه الان بجناح واحد ! والجناح الواحد لايحقق مبتغاك!!
أردف بنشيج واضح :
--((سأدفع نصف عمري لكي اجلب له الجناح الاخر0))
--والنصف الثاني اين ستقضيه؟
--((سأقضيه حاملاً سلاحي ،واحميه من صائدي الطيور الجميلة ))
واجابه اّخر 00 كان يحمل وسادة قذرة مكتسية بخرقة رمادية منقبّة وقد بان تساقط القطن العفن منها بين فينة واخرى00 :
--ومن اين لك سلاح يا مجنون ؟ فانا الوحيد الذي يحمل سلاحاً هنا ادافع به عنكم جميعاً 000
قال عبارته هذه وهو يلوّح بسلاحه(الوسادة القذرة) واكد وهو يدفع كلماته بصعوبة بالغة ، يبدو انه مصاب بجنون العظمة

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz

--كلكم بدوني لاتساوون شيئاً 0
اجابه مجنون الطير:
--((سلاحك غير فعّال00 ولو كان لديك سلاحاً عظيماً لما سرقوا ثلاثة اجنحة من طائري ، اين كان سلاحك ؟ هه00؟)
--لم يسرق احدُ منك اي جناح ، انك تدّعي ادعاء باطل لاْنك بعت الاْجنحة الثلاثة 0
واجهش مجنون الطير بالبكاء وراح يصيح:
--((كاذب0000 كاذب 0))
هنا تدّخل اّخر00 كان يرتدي دشداشة * بيضاء نظيفة ،وتعتلي رأسه كوفيّة بيضاء 00 قسماته تؤشر انه متزن ، ولكنه يعاني كثيراً من اشياء شديدة التأثير على نفسيته :
--لاتنعته بالكذب ، ولاتقل له كاذب الا عندما تتأكد من ذلك 0
هتف مجنون العظمة :
--انت رحل نظيف0
اجابه مجنون الطير :
--((ولكنه؟!))
قاطعه مجنون العظمّة :
--لكنه ماذا؟ نحن نعلم جميعاً ان هذا الرجل اغتصب زوجة ابنه وعلى ضوء ذلك ارتدى دماثة الاْخلاق هنا 0 وصار كبيرنا جميعاً بعد ان تأكد لهم انه ليس الفاعل 0000
قاطعه السيد 9 الذي كان منزوياً بعيداً :
--هذا يعني انني بريء !
سأله مجنون الطير:
--((بريء من اي شيء؟))
وراح السيد9 يسترسل بألم واضح:
--لم يُمارس الظلم على احد مثلما مورٍسَ عليّ 00 لقد بعثر الزمن كل محتوياتي وقذفني الى جهنم دون ان يدري 0



*الدشداشة/ مصطلح عراقي يطلق على الجلباب الذي يرتديه اغلب الشعوب العربية والاْسلامية0

ونهض وقال بعد ان سار بضع خطوات:
--اغتصاب ابنتي00
--لماذا اغتصبتها؟!!!
ابتسم السيد9 وراح يقول بلا مبالاة :
--الاْقربون اولى بــ0000000
وقاطعه مجنون الطير:
--((سوف اقتل نفسي اذا لم يعيدوا لي جناح طائري ))
وراح السيد9 يتجه نحو مجنون الطير وقال له هامساً:ٍ
--ماذا لو عادت لك الاْجنحة الاْربعة ؟
قفز مجنون الطير فرحاً :
--((هه00 ماذا؟000 هه هه هه 0000))
وراح يضحك بهستيرية عالية فيما اخرج السيد9 من جيب معطفه الرمادي منديلاً أخضر وقطعّه ثلاثة قطع وراح يقدمها للمجنون قائلاً له :
--خذ هذه ثلاثة اجنحة 0
قفز المجنون فرحاً وانتزع الاْجنحة الثلاثة منه وضعها في جيبه ، كانت محياه تدل على انه يخفي ثورة غضب في داخله وراح يهجم على السيد 9 قائلاً:
--انت سارق00 لقد كنت اتقطع امامك والاْجنحة الثلاثة في جيبك ، يالك من نذل وجبان ولص وحقير 0
هجم عليه وراح يركله بشدة وتدّخل المجانين 00 هذا يؤيده فيمارس معه عملية الضرب نحو السيد9 واّخر يحاول تهدئة الموقف واّخر يهتف بصوت عالٍ:
--ها 00 لقد اشتعلت الحرب وأُُضرٍمت النيران0
واّخر يحاول مناصرة السيد9 ضد مجنون الطير 00 وراح الحال يستمر بضع دقائق حتى صحا الجميع على صوت نسائي جميل :
--صباح الخير00
تُرى كيف سيجيء الكلام 00؟ وكيف سيغيب الكلام 00؟ هل هي لحظة يتساوى فيها الوضوح والاْختباء ؟
انها الدكتورة 14 ،كأنها كانت تتأمل ، يراودها سراً تود ملامسته او تحاول ان تتملكه عبثاً ، وبعد ان قالت (صباح الخير) كانت تقف بين حكاياتهم وكأنها تدعوهم الى كأس من الطمأنينة 00
اجل00
كانت بين جموع هؤلاء المجانين وقد بدت وكأنها تود التقاط صورة تذكارية للألم ، عندها 00 انطلق صوت السيد 9 يتسائل بذهول :
--ماكتبت لكِ يادكتورة كي اطلب منكِ تصريحاً رسمياً لجنوني!
واسترسل مدركاً:
--ولكن يادكتورة عندما ادخلتيني الى معبد المجانين هل كنت تفكرين بحمايتي من هذه القضية ام لاْنك مؤمنة بجنوني وخطورة هذا الجنون على الشعب؟!!!
ردَ عليه صداه من بين افواه المجانين :
--((انها تحميك00 وغداً سيقرر الطب انك مجنون ))0000000000
--ولكني لم اغتصبها صدقوني00 !
--((عجباً لاْمرك ياسيد9 00 ماذا تريد اذن 00 ؟!))
--لقد دنسّوا تاريخي 00
وانسحبت الدكتورة14 دون ان تمارس اي نوع من انواع المحاورة وعندما صارت خلف الباب الزجاجي تراقب السيد9 بفضول كان هو ينظر للمجانين وينظر لها ليسأل رفاقه المجانين :
--هل هذه المرأة مجنونة ؟!!
يبدو انه لايعرفها ! لكنها تعرفه 00 وراحت ترمق جموع المجانين بعين الرأفة والحزن فيما شرع المجانين يتراقصون فيما بينهم 00 وينشدون بألحانٍ شتى :
((( أخيراً00 أخيراً 00 أخيراً00
تمّكنت مّنا الفئران00
ودوّنوا ان الاْنسان
لاينتمي لعصر الحيوان 00
الا اذا اطلق العنان
لمن؟ لمن؟ لمن؟ !!!!

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz



لعالم المجانين 00 لعالم المساكين00 نامت علينا السنين00 نامت علينا السنين00000)))
واسرعت الدكتورة تغيب من امامهم وسط ذلك الضجيج الجنوني ، واشرقت على الدكتور بوجهها تؤكد:
--ليس جنوناً 0
اجابها :
--هذا لايتحدد الا بأجراء الفحص0
--ومتى سيخضع للفحص؟
--في الاْسبوع القادم00
--ولكنه00000 ،ولكنه يعاني00 الكل يعامله على اساس اغتصابه لاْبنته ، وهذا سيزيد من اّلاّمه وسيؤثر وبشكل سلبي على نتيجة الفحص0
ابتسم لها واكد :
--اراكِ متعاطفة معه !00 وبالرغم من ذلك احب ان أؤكد لكِ ياسيدتي ان هذه المعاملة محصورة بين المرضى ولاتجتاز حدودها 0 فمن البديهي انه يشعر هذا الشعور لاْن المرضى كلهم وبدون استثناء ينتابهم شعور بأنهم مرتكبي زنى بمحرم 00 ولكي أؤكد لكِ انه ليس بريء 0
وشرع الدكتور يُخرج ملف كبير ، وضعه على منضدته وراح يقلّب الاْوراق وتوقف بصره امام احدى الاْوراق ، ارتدى نظارته وراح يتّطلع ثم بدأ يقرأ للدكتورة:
--اسمه السيد9 وهو يعاني من اضطرابات نفسية متولدة نتيجة احداث تعّرض لها قديماً ويرّجح انه مصاب بالأنفصام 0
ان الذي يؤكد بالدليل القاطع لنا جميعاً وخصوصاً للطب ، انه هو الجاني هو ذلك الجرح الموجود اسفل رقبته 0
تسائلت الدكتورة 14 :
--الجرح؟! اي جرح؟!!!
ونظر الدكتور للأوراق وأنتزع ورقة ما وراح ينظر للدكتورة قائلاً:
--عمر هذا الجرح شهرين على الاْرجح ، وهي نفس الفترة التي سبقت جريمة الاْغتصاب، كلنا نتذكر ادعاء المجني عليها 18 والتي اكدت انها قاومت عملية الاْعتداء مما سبب ذلك جرح للجاني، لم تحدد مكان الجرح 00 لكن الفحص الطبي الذي أُجريّ على السيد9 عند دخوله للمستشفى فضح الاْمر 00 وبعد دراسة استطعنا معرفة عمر هذا الجرح الذي ترك اثراً0
وراح الدكتور يضع الاْوراق جانباً وانتزع نظارته والقاها في جيبه وقال:
--يقول السيد9 ان هذا الجرح حدث له نتيجة انزلاقه من السلّم الحركي للمكتبة التي يملكها ، 00 لكن ابنته اكدت وقالت 00 انها عندما اكتشفت جريمة الاْغتصاب التي لحقت بها صرخت بذهول وبشدة وعندما حاول الاْب تهدئتها لكتم الموضوع وجعله سراً كانت يدها قد طالته بدون ان تشعر فأحدثت بأظافرها الطويلة هذا الجرح 0
وشرعت الدكتورة14 تترك غرفة الدكتور لتتلقفها ممرات المستشفى البيضاء الطويلة ،كانت ممرات تبدو غريبة بعض الشيء وبين حينٍ واّخر كانت تصدر اصوات هستيرية وراحت وسط كل ذلك تهمس :
--(( هل هو على حق في كل ما قاله لي برسالته تلك؟00 هل يمكن ان يكون مضطهد ؟ يعاني حالة من الضياع والتدهور ؟ ام ان الجنون حرضّه لفعلته تلك ؟ ام00000 ؟
وعلى الفور راحت تتناول ورقة من جوف حقيبتها ، وشرِعت تكتب فيها على سطح منضدة استعلامات المستشفى:
(( السيد/ 15 المحترم 00
ارجو التفضل بالموافقة على مثولي امام سيادتكم لغرض طرح ما يفيد الصالح العام ،
ولكم فائق الشكر والتقدير0 ))
الاْمضاء/ الدكتورة 14
--لااجد مبرراً لمثل هذه الفحوصات والاْختبارات يادكتورة ، الاْمر واضح ولا نقيض له 00 حتى 9 لم يدافع عن نفسه بالطريقة التي تسلكيها الاّن !
--ياسيد 15 ، انت تمثل العدل والقضاء والسيد9 اشتكى لي مدافعاً عن نفسه وعلى ضوء ذلك اقترح ان نجري هذه الفحوصات 0
--اذا كنت تبحثين عن الحقبقة يادكتورة فهي ليست بجانب السيد 9 ، انت ٍبنفسكِ فحصتِ 18 وتأكدتِ من عدم سلامة بكارتها ! واكدتِ لنا ان بكارتها فضت على يد ابيها 9 00 ثم ان اثر الجرح الذي تركته ابنته (المجني عليها) على رقبته ، خصوصاً وتأكيدها هي على هذا الجرح كافٍ لاْدانته،
هذا اذا ما اخذنا بنظر الاْعتبار موقف السيد 9 نفسه عندما تم توجيه الاْتهام ضده ولجوئه للسكوت، وكيف كان شكل انهياره امام الاْدلة التي وجِهت ضده ؟!!00 ان العدل لايحكم بالشكوك 0
واستدرك قائلاً:
--ولكن من الممكن ان يكون الشك طريق العدل لتحقيق نجاحات لابأس بها00 وعلى اية حال قومي بالفحوصات اللازمة ، ولكنك ِ ستصدمين بخصوص هذا الموضوع ، سوف تقدمين لي التقرير الشرعي بنفسكِ الذي يدين السيد9 00

وراح يتأمل ليقول لها مازحاً :
--وسوف يعتلي التقرير هذه العبارة00
وينهض من مكانه ليهتف:
--((اب يضاجع ابنته والنتائج شيطان ضال ))
واطلق ضحكاته التي بدت محتقنة بسحابة قلق! فيما اجابت الدكتورة بعد ان نهضت من مكانها :
--لااستطيع اتمام اي فحص او اي اختبار اذا لم يكن هناك امر قضائي صادر من جهة رسمية 0
--سيكون لكِ امر قضائي بخصوص هذا الموضوع ، لكن مامدى صحة ماتنوين القيام به يادكتورة ؟
--سيدي 15 ، سأقوم بأجراء عمل اصولي وروتيني وهو بسيط جداً ، حيث سأقوم بفحص عيّنة من السائل النخطي المتراكم في رحم الحامل وهو سائل يغمر جسد الطفل ، سوف نقوم بعد ذلك بأنتظار ولادة الطفل وفحص عيّنة من دمه وكذلك فحص العامل الوراثي ومطابقته مع العامل الوراثي للأم وكذلك الاْب 0 وعليه سيكون علينا اجراء فحص على الثلاثة وهم الفتاة 18 ، والطفل الذي سيأتي بأذن الله لاسيما وانها حامل منذ اكثر من ستة اشهر ، وكذلك سوف يخضع السيد9 لهذا الفحص باعتباره متهم بالاْغتصاب حسب ادعاء المجني عليها 0
وراحت تؤكد:
--وللعلم وكما تعرف سيدي انه مثل هذه الفحوصات محظورة ويُلجأ لها في حالة حدوث اشكالات وتشكك في صحة نسب الطفل وهذا مانواجهه الاّن 0
وراحت عينا السيد9 تجول في فضاء غرفته ووسط صمت ثقيل تسائل:
--الذي يهمّنا هو اب المجني عليها ! طبيعي هناك صفات مشتركة بين الاْب والاْبنة وهذا ماسيعرقل عملية التوصل الى الحقيقة0
--ابداً ياسيدي ، الحل النهائي في هذا الموضوع هو الطب ، العامل الوراثي حالة واضحة بغض النظر عن درجة القربى بين المتهم والمجني عليها 0
--حتى لو كان ابيها؟
اجابته مؤكدةُ له:
--حتى لو كان ابيها0
وهنا استرسل السيد 15 بتأمل:
--اذن ولادة الطفل مهمة 00 تُهم العدل وتخدم الحقيقة 00 وهذا يعني ان ليس من مصلحة المتهم قدوم هذا الطفل !
وقطع كلماته ليتسائل :
--دكتورة 14 ، هل هناك من يعلم بهذهِ التفاصيل غيركِ وغيري؟0
--لم افاتح احداً بهذا الموضوع 00 لكن مثل هذه الاْمور تكون موجودة في قواميس الطب اي ان الذي يطلّع وينهل من العلم سيتعرف عن هذه التفاصيل ، لكنني لم افاتح احداً 000
وقاطعها قائلاً بأهتمام :.
--دكتورة00 اطلب منكِ ان لاتخبري احداً بهذه التفاصيل 00 وأعملي كل الفحوصات بصمت0
--وهذا ما انوي فعله ياسيدي0

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz

عندما كانت الاْشياء تعانق صمتها كانت غيمة البوح تبدو وكأنها ستسقط لتعلن غزوها لكهوف الصمت من جديد 00 اجل فقد افاق كل شيء من غفوته وبدت وكأن ساعة اعلان الحقيقة دنت وسيحددها ذلك الطفل الذي لم يزل قابع في الاْحشاء تاركاً المجهول والاْستفهام يستلقيان على كل التحليلات والتصورات 00 وراح الاْنتظار ينسحب 0 فقد بدا وكأنه سيحتضن بيض الهزيمة ، اجل 00 فقد انسّل الى الاْسماع نبأ مصرع الفتاة 18 ! 00
--من قال ذلك؟!
--لااعلم ياسيدي 15 ، لكني سمعت الخبر وقد انتشر في اروّقة المستشفى وقد بدا الدكتور والمسؤولين في حركة دؤبة وغير طبيعية ينتابهم خوف وذعر عاليين من هول شيءٍ ما قد حدثَ للفتاة 18 000
--وهل هذا يؤكد موتها؟! اجبني00
--هذا مايُردد في المستشفى
--هذا يعني موت الحقيقة0000 و0000
ولم يكمل السيد15 ، بل انه لم يدنو من اي شيء ، فقد راح يتناول سماعة الهاتف ويطلب تفسيراً للموقف ،00 وقد تبيّن ان الفتاة تناولت وجبة غذاء مسمومة ويرجح انها اقدمت على الاْنتحار ،
فقد كانت تتناول اطعمة المستشفى منذ ان قرر السيد15 ادخالها المستشفى بدافع تأمين الحماية لها وكذلك كونها على ابواب الاْنجاب ، اذ اكد السيد15 انه يتوجس خطراً قد يتسرب الى الفتاة سيما وهي تحمل حقيقة مهمة مع طفلها0
لكن الذي لايمكن ان يفهمه احد هو لماذا اقدمت هذه الفتاة على الاْنتحار ؟
تُرى هل لاْنها سئمت الحياة بعدما كانت تحلم بحياة هانئة مع 11 ، ام هناك ايدي خفية قامت بدس السم في طعامها ؟ ام000؟
لااحد يعلم لاْن الفتاة أُدخلت للتو الى صالة العمليات الكبرى وهي في حالة غيبوبة عامة ونسبة نجاتها ضئيلة جداً قياساً لكمية السم المتسرب لاْحشائها!
فيما راحت الاْسئلة تتقافز على جدران الشك:
--(ما مدى صحة اقدامها على الاْنتحار ؟)
--(وهل هناك من دسّ لها السم ؟)
--(واذا كان هناك فاعل 00 فمن هو؟)
--(السيد9 ينام هناك في معتقله بين المجانين، اذن هو خارج دائرة الشك ، رغم ان موت الفتاة لصالحه 00!)
--(كلا 00 كلا 00 يمكن انه قام بتكليف احد ليقوم بهذه العملية لتموت الحقيقة مع ابنته وتبقى صفحته بيضاء خالية من اية تهمة قد توجه له 00 ؟)
--(هل هو الشاب نهر الذي تربى في كنف السيد9 00 هذا الشاب لم يبلغ العشرين من عمره بعد ، لكنه منزوٍ الى دراسته ولايُعقل ان 0000 ؟!)
--( كلا00 كلا00 نهر يُبدي الولاء التام للسيد 9 وهو يسير على خطاه 00 فقد زاره اكثر من مرة ، رغم ان 9 خسر اغلب انصاره بعد هذه الفضيحة 000 اذن لماذا يتردد عليه حتى الاّن؟
هل هذا يعني انه مؤمن بأفكار 9 سواء اكانت صائبة او خاطئة ؟0000 )
كان نهر يقف امام السيد 15,شاب لم يتجاوز العشرين 0 تشرق من عينبه بقظة الفجر ,وشموخ عالٍ ,يدنو من كلماته ويعطيها حرية الحركة في أرجاء تلك القاعة التي حوته مع السيد 15 وذلك القصير الذي بدا وجهه قيبحا كالعادة
--لم أكن أزوره الا بأذن منكم ياسيدي 00
--حسب علمي انك طالب علم مواضب على دراستك وهذا يعني أنك مثقف وتعرف الصح من الخطأ اذن لماذا لاتحارب الخطأ ؟ اراك تناصره ,وتسير معه وتشد من أزره رغم انه اخطأ 00
--سيدي انه صاحب فضل كبير علي , فقد رباني وعشت في أحضانه طفلا يتيم الأب ولا احد لي غير تلك الام البصيرة 0 لقد عشت انا وامي في وسط خيرات هذا الرجل 000
--لقد أغتصب أبنته ,هل تعلم مامعنى هذا ؟!
--ماذا تريدني أن أفعل ؟هل أنقطاعي عنه يمثل لكم أستنكار معلن عن فعلته؟!
--يجب ان تنقطع عنه 0
--وما يدريك,لعلي أوبخه أثناء زيارتي له 00
--وهل وبخته؟!
--ولماذا أوبخه,فهو لم يفعل أي شيء ؟
--لقد أغتصب أبنته!
--هذا ماتظنونه انتم . اما انا فعلى يقين كامل بأنه بريء 0
--لقد اعترفت عليه 18 000 !
--كاذبة 0
--وما أدراك؟
--لأنني أعرف سلوك الرجل الذي رباني0
هنا تدخل القصير ليقول له000
--هل انت على استعداد للتضحية من أجله ؟0


أجاب الشاب بتأمل:
--عشت في كنفه 00 وتربيت على يديه ونهلت من علمه ولطالما كانت أحضانه الملاذ للدفئ في ليالي الشتاء 0 أنه بيتي وحياتي وأملي 00 هل هناك شك في تضحيتي من أجله00؟ أنا على استعداد للموت من اجله 0
ونهض السيد 15 يصرخ بوجهه :
--وعليه وضعت السم للفتاة 18 لكي تبقي صفحة أبيك 9 بيضاء0 أليس كذلك ؟00
--كلا سيدي لم أفعل ذلك00
--اذن سوف أسألك عن مكان تواجدك يوم الأثنين الماضي 00 الساعة الحادية عشر صباحا", اين كنت؟
أرتبك نهر وراح يحاول المناورة في الأجابة :
--كنت اتبضع في السوق0
وراح يكمل السيد 15 كأنه يحمل في داخله معلومات هامة :
--بعد ان أكملت زيارتك للسيد 9 خرجت من مكان التوقيف ذاهبا" الى السوق وتبضعت المواد التالية ((صحون /ملابس داخلية /)) وبعدها دخلت الى سوق آخر مجاورا"للسوق الاول وأشتريت من هناك سم قاتل يحوي على مادة الزرنيخ0
وأطبق الصمت وراح السيد 15 يسترسل بهدوء:
--الزرنيخ00 أليس كذلك يا نهر؟
-- 00000000
ابتسم السيد 15 ابتسامة قائد احرز الأنتصار وراح يقول :
--أتريد معلومات اكثر ؟
اجابه نهر بشيء من الذكاء :
--هذا لايعني اني وضعت السم لها 00
--ولماذا ؟
--لأني أخذت السم لأتخلص من الفئران المتواجدة في بيتي
--اسمع يانهر نحن نعلم انك تفعل كا مايطلبه منك 9 وصدقني ياولدي انني اعلم بتفاصيل أدق وسوف اثبت لك ذلك الآن
وراح يسأل القصير :
--بماذا أدلى لنا السيد 9
وراح القصير يطلق كلماته بعفوية:
--عندما تم استدعاء السيد9 من مكان توقيفه وتم التحقيق معه بشأن الشروع في قتل أبنته بالسم قال أنه فعلا"طلب من ابنه بالتبني المدعو نهر ان يشتري له سما" ,نعم طلب سما" لكي 00000
قاطعه السيد 15 بسرعة مريبة قائلا"
--هذا يكفي ,والآن هل تريد المزيد يانهر؟
وراح نهر يحاول اخفاء مابداخله لكنه راح يعلن :
--انه فعلا" طلب مني ان اشتري له سما", لكني 0000
قاطعه السيد 15 قائلا":
--وهذا اعتراف منك بأنه طلب منك ذلك 00 ولايهمني ما ستقوله بعد ذلك 0
--اسمعني يا سيدي ,اريد ان اقول لك بأنه طلب مني ذلك لكي 000
بنفس الطريقة قاطعه :
--كفى0
وبعدها أمر السيد 15 بحبس نهر وتوجيه له تهمة الأشتراك مع السيد 9 بالشروع بقتل ابنة المدعو 9 الفتاة 18 0
وقبل ان يطلب السيد 15 من ذلك القصير القبيح بأخراج نهر وايداعه السجن راح نهر يدنو من السيد 15 ليؤكد له هامسا":
--سيدي رغم كل شيء فأنني اود الأعتراف بذنب أقترفته ويدفع ثمنه انسان غيري هو السيد 9
--وما هو ذلك الذنب ؟
-- السيد 9 لم يغتصب أبنته 0 فتفاصيل هذه الجريمة كلها عندي 0

صاح السيد 15 بذعر :
--ماذا تقول ؟!
--اجل ياسيدي 00 لقد بقيت صامتا" لفترة ولم اكن لأملك القدرة والجرأة للأدلاء بالحقيقة التي حيرت الجميع 0
--اختصر يانهر وقل ما تريد 00
--انا ياسيدي 00 نعم انا الذي قام بأغتصاب الفتاة 0 وصمتي خلال كل هذه الفترة كان بسبب أبي السيد 9 الذي كان يرفض فكرة الاعتراف لكم خوفا" علي وحرصا" على مستقبلي الذي بناه لي 0

وأنهمر الصمت 000 وراحت السماء تولد غيمة أخرى 0

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz


مرّي على ارضي ,وامطري اشيائي القاحلة , فقد بدا املي يجف على هذه الارض 00 ارجوك ِ ايتها الامل وايتها الام وايتها التي انتظرتها طويلا" ,ارجوكِ ان تكحلي اغصاني التي بدت تدنو من الذبول000
اجل 00 ايتها الملاك التي يدعونك 14 00 اليك انت فقط ألجأ بعد الله 00 انه نهر يادكتورة 00 انه الشريان الذي يربطني بالحياة 00 ان نهر يريد قتلي , انه يدنو من الانتحار وهو لا يعلم ان تضحيته هذه هي خنجرا" في صدري 00 لقد أخطأ نهر يادكتورة , ظن انه يجب ان يضحي بالوقت الذي يجب ان يضحي هو انا 00 ان 9 مخلوق وانسان يعيش فترة من الزمن وقياسات سنينه تتوقف على مدى تضحياته ونهر هو ابني بالتبني , لقد حاولت جاهدا" اخفاء عملية التبني له من باب خوفي من الله ومن الرياء الذي يحذر منه سبحانه وتعالى0
آه000لقد دمرتني ابنتي 18 وبسببها سوف اخسر كل شيء نهر بريء وهو يحاول اسداء خدمة لي 0
وراحت الدكتورة 14 ترمي هذه الرسالة التي وصلتها من السيد9 امامها لتهمس:
--((مامعنى هذا ؟ انه يؤكد ان نهر بريء !!)) 000 ((المعنى واضح يادكتورة))
وراحت تستطرد بعد ان تأملت الرسالة جيدا":
--((ان عملية تأكيده لي على ان نهر بريء هي ادانة واضحة لنفسه,وعلى ضوء ذلك فأن شكي بعدم برائة السيد 9يكاد يصل الى نسبة مئة بالمئة 0
وراحت تلوم نفسها وأفكارها كلها :
--آه صحيح ان بعض الظن اثم ,لقد كدت أن اجزم ان الفاعل هو 11 ,لكني اخيرا" حصلت على نسبة عالية ترفع الشك عن 11 0 أعجب كثيرا" لأمر هذا الرجل ,اسراره كثيرة , وتختبيء خلفه مفاجأت لاحصر لها 00 من كان يظن ان هناك شاب تبناه السيد 9 قبل اكثر من اربعة عشر عاما"0
ان امتياز هذا الرجل بالكتمان التام يجعلني ارشحه كبطل مطلق لهذه الجريمة 0
ومن يدري ,جائز ستظهر اسرار اخرى00!


في ذلك النهار كان المطر قد هطل غزيرا",وعندما حل الليل كانت السُحب قد بدأت ترحل تباعا" متيحة الفرصة للقمر ان يطل على الأرض بين الحين والحين بشعاع فضي بارد ونظيف وظلت شوارع المدينة غرقى بالماء هنا ومغطاة بالوحل هناك 00 كان الجميع ينتظر الولادة 00 وقدمت الشياطين ابنها الموشوم بالعار ,لقد جاء الطفل الذي انتظره الطب طويلا" وتسائل الجميع :
ـــ ((( ماذا سنسميه ؟؟!!)))
لم يستطع أحد ألقاء أسم معين تجاهه ورُكِنت هذه الفكرة جانبا" واتفق الجميع على انه شيطان 00
كانت السيدة حضارة تقف امام الدكتورة 14 تتبادل معها النظرات , فيما كان الوليد الجديد(الشيطان) يستلقي لا يعي ما يحدث كانت السيدة حضارة تتأمله وتود لو يمنحوها تصريحا" لقتله 00
ـــ أيمكن ان يرفد السيد 9 العالم بالشياطين ؟!! أيعقل يا ((9)) أيها الأنسان الذي مَسّد كل احلامي بالأمل أيعقل ان تكون كلماتك تلك هي أيماءة لي لكي أهوي الى القاع ؟!!!0000
وراحت تقول على نحوٍِِ صريح وجريء:
ـــ لاأجد ان هناك مايدعو لهذه التحاليل التي تحدثتِ عنها يادكتورة00
اجابتها الدكتورة 14 :
ـــ ولِمَ ياسيدة حضارة؟
وراحت تلقي بعين واحدة نظرة خاطفة الى الطفل الشيطان ,فيما أبقت العين الأخرى على الدكتورة 14 وبدت انها تستطيع ان ترى كل شخص داخل تلك الغرفة , فيما حاولت الدكتورة 14 ان تُخمّن بِمَ تفكر هذه السيدة والتي هي من المناصرين للسيد9:
ـــ لااعلم ماذا تقصدين ياسيدة حضارة ,اجيبيني هل هناك ما تُخفيه عني؟!
وبعد ان وضح التأثير الذي خلفّته السيدة حضارة من جراء ذلك ,راحت تقول:
ـــ الجرح الموجود في رقبة السيد9 0
هتفت بسرعة فائقة :
ـــ مابه00؟ انا متأكدة ان هذا الجرح هو0000
قاطعتها بهدوء لتقول لها:
ـــ ظنك تعلمين جيدا" اني اكثر الناس تعاطفا" مع السيد9 ولكن الذي يُمليه عليّ ضميري ان اقول الحقيقة 0
وأضافت:
ان الصدق والأمانة يادكتورة عندي يلتقيان في المعنى وان أختلفا في الشكل ,فالصدق هو الأمانة في نقل الفكرة والشعور 0 قد يفترض البعض ان الأمانة تعني حسن المحافظة على مايودع عندنا من مال او الأشياء الثمينة لكن ذلك واحد من معانيها وحسب وهي تتجاوز هذا المعنى في ظني لتشمل فيما تشمل الوطنية ,فالوطني (مثلا") هو من يؤمن بأن ارض الوطن وما عليها والمحافظة عليها من كل دنس أجنبي دخيل,او محلي عميل هي عين الأمانة 0 ان الأمانة تقتضي ان نقول الحقيقة حتى لو على أنفسنا 0
ان الجرح الذي كثرت الشكوك حوله وحول عمره 0 هو جرح حقيقي وأكاد أجزم انه ناتج عن تلك الفعلة الخسيسة التي تعرضت لها الفتاة على يد أبيها 000
قاطعتها الدكتورة14 وثمة خيبة امل تنسل من بين كلماتها التي اندفعت بقوة تشوبها قلق وذهول:
ـــ أبيها؟!!!
وراحت السيدة حضارة تواصل بألم بالغ:
ـــ للأسف يادكتورة ,لقد أكتشفت الجرح قبلكم جميعا" وشاهدت مدى تأثيره على رقبة السيد9 ,لم يكن ليدور في خلدي انه هو الفاعل 00 كانت الصدفة هي الطريق الذي قادني لأكتشاف الموضوع , وقتها لم يكن جرحه قد اندمل بعد 0 وقد شدتني ملاحظتي لياقة قميصه المتسخة لأكتشاف جرح يستقر على رقبته 0 حرص كثيرا"على أخفائه تحت ياقة قميصه 0
وراحت تؤكد :
ـــ من يدري لو كانت ياقة قميصه نظيفة لما لاحظت شيئا" !اجل يادكتورة كان ذلك عندما كانت الأحداث في بداياتها0
ـــ ولِمَ لم تخبري احدا" بهذا الموضوع؟!
وقبل ان تجيبها تسائلت الدكتورة:
ـــ هذا يعني انك شاهدت الجرح في بدايته00
ـــ مثلما قلت لك ,كنت استبعد السيد9 من كل شيء ولم يكن في مخيلتي ان هذا الجرح هو من جراء تلك الجريمة حتى انني في حينها لم أسأله عن ذلك الجرح0
وراحت الدكتورة 14 تترك كل ذلك لتصرخ في اعماقها:
ــ ((هل يعقل كل ذلك ؟ ))
وأستطردت الدكتورة:
ـــ الغرابة في الموضوع كله ان الجريمة تبدو وكأنها رداء اسود صُنع وفُصٍل للسيد9 , ورغم كل ذلك فما زال هناك النسبة الأخيرة الـ (خمسة بالمائة)
تسائلت السيدة حضارة :
ـــ خمسة بالمئة؟

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz

ـــ نعم 00 نسبة الأتهام الموجهة للسيد9 هي 95بالمئة فكل شيء ضده 00 خصوصا" بعدما اعترف امام السيد 15 من جراء تصريحات نهر0
ـــ كلنا لم نكن مقتنعيين عندما قال للسيد 15 ان نهر بريء وانه فعلا" أغتصب ابنته ,كان الموقف واضحا" وكأنه يريد اخراج نهر من الموضوع0
ـــ جائز انه ممثل بارع فأستخدم هذا الموضوع ليصنع لنفسه منفذا"يساعده على الخروج من كل الذي يجري 00؟0
ـــ جائز؟0000
واستطردت الدكتورة بخيبة امل :
ـــ سوف اقوم بما يمليه عليّ ضميري , وهذا هو آخر فصل من حكاية السيد 9 0

تقف الدكتورة وبين يديها التقرير الطبي (موضوع الفحص الطبي) تقرأه بتمعن , الكل ينتظر ولا أحد يعلم مانهاية هذا التفرير 0 ومن فوهة هذه الأختبارات خرجت الدكتورة 14 بالنتائج كانت تحمل اوراقا" بيد فيما كان الذهول يستلقي على وجهها وكفها الآخر ,لقد بدا العجب مسيطرا" عليها , كانت تبدو غير مصدقة للذي شاهدته وأكتشفته وراحت تحاور نفسها متطلعة على ورقة التقرير المنبسطة امامها:
ـــ رباه ! هل هذا معقول؟! 000 اذا لم يكن هو فمن 000؟!!! اراهم جميعا" ابرياء فمن الفاعل اذن؟!!
وراحت تتأمل وتسبح في كلمات السيد9 التي خاطبها بها يوما"
ـــ (((انا لاارغب ان اكون ذئبا",لكني عندما أقع في كمين سأظل دائما" أنسانا" أثب الى قمة المثل العليا 000)))
وسارت بضع خطوات في فناء دارها , لينسل الى اعماقها كلماته:
ـــ (((كم نحتاج لنتأمل طويلا"وننظر جيدا"وبذكاء حاد قبل ان نفتح باب الحديث ونسرع في تحريك مجاديف الكلام )))
وقفزت أفكار وآراء في مخيلة الدكتورة , عندها قررت ان تقدم تقريرها الشرعي العام الى القضاء , وتطلب فيه اللحاق بميزان العدالة وأنقاذه من الأنهيار , وراحت تخاطب الجميع :
ـــ (( أنقذوا ميزان العدالة وأنتشلوه من الأنهيار على يد حمقاء لم تتجاوز الــ19 سنة بعد 000
ان الدموع وحدها لاتكفي لخلق قرار مجحف بحق انسان يشهد له الجميع بدماثة الأخلاق 00 ان اخلاقه الدمثة وسيرته النظيفة لم تشفع له امام دموع انهمرت من عينيّ تلك الشيطانة اللعوب , لاتظنوا انها كانت تدعي البكاء , بالعكس انا على يقين ان 18 كانت صادقة مع دموعها ,فقد كانت تبكي على الواقع المفروض وعزائها كان ابيها 00 أقرب الناس لها0 هناك الكثير من الذين أقترفوا جرائم القتل بحق أقرب الناس وشيعوهم بدموع حقيقية , في بعض الأحيان يكون الفعل الأرادي لاأرادي ,لقد أدمنت 18 تضحيات ابيها وعندما ضاجعت الشيطان فكرت في ان ترمي بأخطائها وأخطيئة من ضاجعهاعلى معطف ابيها الرمادي وراحت تتستر به , وعليه فأسرعوا وأنقذوا ميزان العدالة من الأنهيار واعيدوا الحق لأهله 0
ان العامل الوراثي اثبت أنه لاينتمي للسيد 9 وهذا يؤكد ان الفاعل ليس السيد 9 00 أي كائن غير السيد 9 لأنه لم يكن له أي أثر في التحليل الذي أُُجري بخصوص الموضوع 0
السيد 9 خلف الأسوار و18 تعيش بسلام , وهذا يعني ان ميزان العدالة يعاني كثيرا"0
كانت هذه الحقيقة وحدها كافية لأخراج السيد 9 من سجنه وبيت الجنون معا" وأعلان برائته مما نُسب اليه 0 والأمر بحبس 18 وأيداعها في دور الأرامل لحين أكتمال فترة الرضاعة الأولية لأبنها الشيطان0


في البيت وامام مرآته القديمة كانت الأحداث التي مرّ بها تتراقص امامه على جسد المرآة فتح عينيه على أتساعهما ,تنبه الى مايشرق في المرآة ,شخص برأس ابيض كأنه معفر بالدقيق ,عينان منطفئتان , أسً واضح في بشرة مجعدة وقوام هزيل كشجرة متينة يابسة 0
حدّث نفسه:
ـــ ياللمهزلة لقد هرمت الحياة وأمتدت السنون كصحراء!
لقد تخثرت كل تلك الأحداث في مفاصله وأُصيبت آماله بأبنته بجراح قاتلة , فها هو فناء البيت خالٍ , لقد كان لها حضورها الممتع في هذل المنزل الذي أدمن (18) وأدمنته هي كذلك رغم ان لها عقلا"محددا"لاتتعدى آفاقه باب المنزل 0 ومن بين الأشياءالتي كانت تتراقص امامه على تلك المرآة لمّح أثر ذلك الجرح الذي بدا وكأن ضباب كثيف يغلفه فقد هرم الجرح وأصبح قديما"00 تنبه 00 رجع الى الوراء كأنه يريد الهروب من جرحه وراح يترك المرآة ليحول أنظاره الى صورتها المعلقة وشرع يحادثها بألم بالغ:
ـــ اذن سمحتِ لــ 11 ان يغتال مواسمي التي توجتكِ أميرةً عليها وسلمتهِ تراب أرضي الطاهرة !
وأستطرد يحادث نفسه:
ـــ ياللفاجعة , آهٍ ياأبنتي 00 يا فجيعتي 00 لقد جنَيتُ عليك عندما سمحتُ للشيطان بالتسلل الى اسوار انوثتك الغالية 0
وعلى الفور قرر ان يزورها حيث أودعت في ((دور الأرامل ))00
كان يقف امام ذلك المبنى 00 لقد آوى الكثيرات من اللواتي طلقّنَ الزمن وأنطفأ ألق سمائهن وأنعكس مسار الزمن فيهّن 00
كان قرص الشمس يغطس مسرعا" في حمرة الأفق تاركا" ورائه سماء بنفسجية , دلف على الفور في عمق تلك المبنى التي أطلقوا عليها (( دور الأرامل )) تلقفه أحدهم :
ـــ الى أين انت ذاهب ؟
اسرع السيد 9 ليخرج هويته الشخصية , تفحصها الرجل جيدا" وراح يقلبها وعلى الفور أتسعت عيناه ليقول:
ـــ آه انت والد الفتاة التي 000000
وقطع عبارته وراح يضيف مزمجرا":
ـــ كان الله في عونك يا عم , تفضل 00تفضل بالدخول 00أنها لاتستحق ان تحرز زيارة واحدة منك 0
فيما قابله السيد9 بأبتسامة غريبة لم يفهمها الرجل ! كانت تغمره اللامبالاة وسط كل شيء, فيما كانت نقطة توهجه تنحدر حيث تقطن أبنته وعندما صار امامها , كانت قد أستلقت على سريرها تغط في نومٍ عميق فيما كان وليدها الشيطان يرقد بجانبها وراح السيد 9 يلقي نظراته التي تنم عن حنان متدفق وغضب أبوي ومن دون ان يدرك راح يدنو من الطفل الشيطان , كان نائم , وهمس له :
ـــ حفيدي00 لاأعرف حتى أسمك!000
وراح يتطلع في محياه , كان جميلاَ رغم سماره المنبعث , وحدّثَ نفسه ساخرا" :
ـــ ياللعجب !أنه يشبهني 00 هل لأننني جده أم لأني ابيه؟!!! 000

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz


لم يكن بمقدوره فعل شيء سوى قطف زهرة نومها من حديقة المجهول ليطفيء عاصفة لم تزل تحوم في أشيائه المتحركة والساكنة حيث جعله صوتها الناطق بالخوف أن يكون كما عرفته ,حنينا"يرفض الهجرة لذاته 0
ـــ أبتـــــــــــــــــــــاه 0000
وراحت تداري فزعها وقلقها من الآتي بألقاء نظراتها الى أحضانها , فيما بدا الأب يدنو منها 00 يجلس على حافة سريرها ليقول 00
ـــ لماذا ياأبنتي؟! لماذا000؟!!!من سمح لك ياأبنتي ان تضعي أسمي وتأريخي وشرفي على كف الريح 00من 00؟!
كانت دموعها المنهمرة كافية جدا"لكل أجابة منتظرة منها ,فيما راح الأب يمسح دموعها بأصابعه الخشنة 00ويضمها الى صدره ليقول :
ـــ آهٍ ياجرحي , آهٍ ياسنيني 00 آهِ ياآمالي , ياسيفي وياسيافي 00 آهِ ياقبري 0
وأطلق آهات متكررة موجعة 00 وأجهش بالبكاء ,بينما حاولت 18 جاهدة تناول يده لتقبيلها 00 سحب يده بعيدا" ليقول لها بأسً بالغ :
ـــ لو كانت اسبابك مادية كطمع بالأرث , الأرض والمكتبة والنفط فهي لكِ شئت أم أبيت , اما نهر فهو مثلما تعرفيه لايطمع وليس له نصيب بأي أرث لأنه أنسان قنوع وأنا أنسان عادل 0 ولو كان الجنون قد مسك ِلخجل الجنون نفسه قبل ان يدعكِ تدعين ما أدعيتيه عليّ0
وأندفع الصمت يغزو الغرفة كلها وراح يضمها لصدره ثانية ليعيد بعض التوازن لأرجوحة الصمت والأنتظار البادية على ابنته بتأمل قائلاً :
ـــ آهٍ يافجيعتي 00 هل تعلمين انني كنت لكِ خبزا" تمرسته يداكِ ولأجلكِ كنت أحتسي ثمالة الوقت وأتجرع آهات الزمن وسمحت ُ للوسادة ان تكون رفيقة كل الليالي التي تلت رحيل امكِ (( يرحمها الله )) وطردتُ كل نساء الدنيا من عالمي ورحتُ أضمكِ بين طيات قلبي 00 أبنتي أتدركين ما أقول؟ كانت سنينا" مبأة بالشقاء والتعب أمضيتها معكِ عن قرب فكانت أعواما" من الحب المضمخ بالآه وسهر الليالي وطرد الشهوات واللذات التي تجتاح الرجال أمثالي0
لقد شخّص العدل والقضاء الجريمة وأودعه السجن 00 ليتلقى عقابه على فعلته كنت أدرك ان الله قد منحني الصبر منذ زمن وقتها قررت ان أسّلم أمري له وحده ومن دون سابق أنذار تتركين تلك المسرحية الحقيرة وتقررين مغادرة دوركِ الذي أديتيه ببراعة فنان عظيم يجيد دور المصاب بالأنهيار العصبي , تخليتِ عن واحد من أبرع أدواركِ لتؤدي دورا" 00 دور الأبنة الضالة ,الضالة لأبيها لقد قدمتِ له أباكِ ثمنا" لأخراجه من السجن ! 00 أتعلمين مافعلتِ يا 18 ؟ لقد قتلتيني مرتين , مرة يومَ سلمتِ شرفي لــ11 ومرة عندما قدمتي أباكِ ثمنا" لأسعاد خنزير لايستحق حتى نعمة الحياة 0
وتعالى منها النشيج وراحت تقول :
ـــ أبي أرجوك 000 كفى0000
وسحب جسده منها ليقول لها ماسحا" دموعه :


ـــ أية أنانية تلك التي تقبع بين طياتكِ ؟ عشتِ عمركِ كله تطلبين مني حتى وأنتِ مذنبة بحقي تطلبين مني السكوت , براكين الغضب تغلي في عروقي اذ لامجال للصمت والسكوت وسط كل هذا 0 أجل ياأبنتي أنه الغضب قد تسرب مثل مياه الينابيع , انا مازرعت فيكِ مازرعت كي تنبتِ غيما" , فكل مواسمي تبددت على يديكِ0
ونهض ليسير نحو النافذة , يراقب قدوم الليل ,وأستدار اليها تناول سلاحه من داخل سترته البيضاء ! كان مسدس من نوع ((7 LAMA )) ويصّوب نحوها , أجل يشهره بأتجاهها بينما توزعت علامات الفزع على وجه أبنته وراحت تقول بفزع وذعر شديدسن :
ـــ حنانك وأبوتك تقف بيني وبين سلاحك هذا ,
وبذات الفزع أضافت وهي تحاول النهوض من سريرها :
ـــ سوف يُسوى كل شيء, 11 سيأتي اليك ويطلبني منك وثق سوف لن يفكر بالطمع , أنه لايريد مكتبة ولامحطة وقود ولاحتى أرض000
هنا أقتطف الوليد الشيطاني لنفسه دورا" لينادي جده :
ـــ طهرني ياجداه 00 هنا صوّب سلاحك , أطلق العنان لرصاصة الرحمة علها ترحمني من هذا الوجود الذي أهدتني أياه أمي 00 طهرني ياجداه ولا تسمح لتأريخك أن يُدنس 00
هنا أطلق السيد 9 رصاصات طائشة لاطريق لها سوى الغضب ثم الغضب 00
تلك الرصاصات أستفزت حامد وراح يسأل الرجل الذي أسرد له الحكاية :
ـــ هل قتلها00؟!!
ـــ لاأعلم00
ـــ هل قتل الطفل؟!!
ـــ لاأعلم ياحامد 00 ربما قتل الأثنين أو أحدهما أو 00000 أو من الممكن انه لم يفلح في قتل أحد000
ـــ بربك أي معتوه هذا؟!!!!
بغضب رد عليه الرجل:
ـــ لاتقل عنه ذلك , فهو الأرجح عقلاً 00 وأجدر من أعقل عقلاء هذا القرن 00
ـــ ولماذا كل هذا الدفاع عن السيد 9 ؟!
أجابه الرجل :
ـــ عليك ان تفني حياتك دفاعا" عنه 00 أنت والملايين من الناس 000
بذعر واضح كرر حامد سؤاله :
ــــ ما سبب كل هذا الدفاع عن السيد 9؟!!!
أجابه الرجل :
ـــ لأنني انا السيد 9 ! وهذا يكفي0
فغر حامد فاه ولم يدعه السيد9 فرصة لمواصلة الحديث اذ نهض من مكانه وسار واجما"0

(( كتبت في سجن ابي غريب/قسم الأحكام الخاصة/1999))

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
قصة رائعة وما يسعني ان أقول امام هذه العملقة الأدبية الراقية


الأديب والناقد ثامر العبيدي ... وجود ماسي في برق الضاد
حيّاك الله وبيّاك برقا ماطرا في ربوع الضاد التي أزهرت بحضورك


تحيتي والاحترام
تقديري لك وبيادر عطر تفترش هذا الألق

أرحب بك باسم إدارة برق الضاد مشرفين وأعضاء

descriptionقصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9 Emptyرد: قصــــــــــــــــــــــة: الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـد / 9

more_horiz
البرق اللامع

العبيدي

حضور بهي واكيد سيكون لي عودة لهذه الرائعة التي سرني جدا ان تكون لك يا بن الرافدين

ابدعت بل واكثر

محبتي



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى