برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


descriptionالوِزر Emptyالوِزر

more_horiz
الوِزر

ترجل من حافلة الركاب التي توقفت في طريق مقفر،نفض عنه الغبار وأصلح هندامه ومشى بين الشجيرات ..كان الليل قد أرخى سدوله والظلام يلف المكان وكانت قدماه تدوسان أوراق الشجر المتساقطة فيسمع خشخشاتها ويلتفت ذات اليمين وذات اليسار بحذر وهلع،بعد هنيهة تراءى له ذاك البيت المتهالك..كان يقبع فوق هضبة مرتفعة وسط بيوت متناثرة في تلك القرية الصغيرة، تعالى نباح الكلاب دفعة واحدة ينبئ أهلها بقدوم زائر غريب،اقترب بحذر من المنزل ودفع بابه الحديدي برفق فأحدث صريرا عاليا،نظر إليه الكلب الرابض في فناء المنزل دون أن يعترض طريقه،طرق الباب الداخلي للبيت عدة مرات حتى خيل إليه أنه قد خلا من سكانه..أجابه صوت طفلة : من الطارق؟تهلل وجهه وأجابها بحنان: إنه أنا حبيبتي..قفزت الطفلة الصغيرة فرحا وصاحت أمي...جدي..لقد جاء أبي..! خرجت طفلة أخرى تركض صوب الباب وتفتحه بسرعة وما لبثت أن ارتمت في أحضان والدها وهي تبكي..انضمت إليها أختها الصغيرة وعانقت أباها بحرارة ضمهما الاب بحنان وهمس : لقد اشتقت اليكما كثيرا حبيبتيّ..هب واقفا حين رأى زوجته وصهره قادمين اتجه نحوهما بعجلة وجذب يد صهره فلثمها باحترام ..رمق زوجته بنظرات حانية وسألها بصوت هامس : كيف حالك؟أشاحت بوجهها بعيدا.. لمحت ابنته الحقيبة وصاحت: هيا يا أبي نريد الحلوى..!نهرها جدها بقسوة قائلا : دعيه يدخل..تبعه في صمت إلى حجرة الجلوس كانت كبيرة وذات سقف عال و شبه خالية من الاثاث ..حصير و وسائد وزربية مهترئة بهتت ألوانها ومائدة خشبية صغيرة..جثا على ركبتيه وفتح حقيبته وهم بإخراج أكياس الحلوى لكن يد ابنته امتدت بغتة وجذبت الحقيبة بحماس حتى تناثرت محتوياتها وأخذت كيس الحلوى وقبلت أباها شاكرة إياه ..وركضت إلى الغرفة المجاورة. ..سألته ابنته الصغرى وهي تحمل في يدها قارورة : ماهذا يا أبي حبات الحلوى بلون وردي أليس كذلك.؟اختطفها الاب بسرعة وقال: لا ياحبيبتي هذا دواء للصداع..وأعادها إلى الحقيبة..
نظر إلى زوجته الصامتة وقال: لا تدرين كم اشتقت إليكم..قاطعه صهره بإشارة من يده وأمر ابنته أن تحضر الشاي..هبت واقفة وأسرعت إلى المطبخ..ران صمت ثقيل ..لم ينبس أحدهما بكلمة..عادت تحمل صينية الشاي وتضعها فوق المائدة الخشبية بعنف حتى أرتطمت الكؤوس ببعضها...صب الشيخ الشاي و ناول صهره كأسا وما لبث هذا الأخير أن أعادها إلى مكانها..وتنحنح بارتباك وقال:لقد وجدت مسكنا جميلا وحتما سوف يحوز إعجابك..فوجئت زوجته وقالت بغضب:وهل تظن أني سوف أرافقك إليه لا بد أنك جننت..!قال بتوسل: لقد اتنظرتك عدة أشهر،حتى تليني وتهدئي ونلم شملنا كما كنا أسرة سعيدة..نظر إلى صهره وتابع :أرجوك يا والدي ...رمقه الشيخ بحدة مستنكرا أن يدعوه والدي..تراجع وتابع :عمي الحاج أرجوك أقنعها بالعودة معي..أجابه بغضب هادر: ألم تدرك بعد أننا صرنا أعداء أجننت حتى تأتي إلينا طالبا الصلح..أحنى الرجل رأسه وقال بألم وحزن..ليس لي ذنب في ذلك الحادث..قاطعته زوجته بحدة بل أنت المذنب..أتذكر يوم أخبرتني وانت في قمة السعادة بأن أخاك المدمن يريد الزواج..وأنك اخترت أختي..عروسا له..طأطأ رأسه وقال..نعم اقترحت الأمر لأني كنت أعلم مدى حبك لها فأردت إسعادك بجعلها قريبة منك..أجابته بكراهية نعم كنت تريد إسعادي..بل كنت تريده أن يتعقل ويستقر لكنه لم يكن إنسانا..لقد كان مجرد وحش قدمت شقيقتي الوحيدة قربانا له،أردفت بحزن : لم أكد أسعد بقربها مني حتى قتلها أخوك المجرم..هز رأسه بحزن وقال..كان مجرد حادث..قاطعه الشيخ غاضبا لم يكن حادثا كانت جريمة..الكل كان يعلم أن أخاك مدمن لا رجاء منه إلا أنا سلمتها بيدي هاتين لتلاقي حتفها هناك في بيتكم..
قال الرجل مرتبكا:إنه يوم أسود.. ابنتك ماتت وأخي سُجن..مجرد شجار بسيط تحول إلى مصيبة زلزلت كياننا جميعا..دعونا ننسى الماضي ونلملم جراحنا..هب الشيخ واقفا وقال بحزم: لقد انتهى الأمر منذ ذاك اليوم المشؤوم..لقد تركتك تدخل بيتي فقط مراعاة لمشاعر ابنتيك..والتفت إلى ابنته وقال ..أخبريه قرارك الأخير..حتى يفهم ويدرك..رفعت رأسها بعزم وقالت : بعد أن تطلقني سوف أتزوج ابن عمي..هذا قرار العائلة وأنا أوافقهم الرأي ..هاله ماسمع.. وارتمى على قدميها باكيا ومتضرعا وصرخ : لا تحطميني أرجوك سامحيني إن أخطأت في حق أختك..ابتعدت عنه بقسوة وتراجعت إلى الوراء وقالت : لقد انتهى كل شيء يوم قُتلت أختي ودمها سيبقى بيننا إلى الأبد..!خرج الشيخ وابنته من الغرفة وتركاه غارقا في بكائه وحزنه وبعد برهة انتفض كطير ذبيح وهب واقفا وخرج إلى فناء البيت ونادى ابنتيه وهرعتا إليه فعانقهما بحرارة و حمل حقيبته على كتفه،. ثم أحنى رأسه وهم بالرحيل نادته زوجته قائلة بصرامة : لا تتأخر في إرسال ورقة طلاقي..إذا أردت زيارة البنتين أعلمني بالأمر في المرة القادمة ولا تأت بغتة هكذا..غمغم بحزن وهو يشق طريقه إلى خارج البيت : لن تكون هناك مرة قادمة..مشى بخطوات يائسة حتى وصل إلى حافة الطريق اتكأ على جذع شجرة مائلة واتنظر مرور الباص وبعد لحظات كان على متنه ينظر إلى تسارع الشجيرات من النافذة وكأنها تفر منه هي الأخرى. .بعد برهة وصل إلى المدينة..نزل بوهن كأنه شيخ هرم وأوقف سيارة أجرة..تهالك على المقعد دون أن ينطق بكلمة..تفحصه السائق بفضول وسأله بصوت خشن..إلى أين..؟ أجابه بهدوء إلى شاطىء البحر..هز السائق حاجبيه في دهشة وقال: في هذه الساعة !نظر إليه مليا محاولا سبر أغواره..وتراجع وهو يغمغم..حسنا كما تشاء!
قفز رجل بذعر وقال لرفيقه ما هذا..؟اللعنة لقد كدت أسقط..هؤلاء المتشردون سحقا لهم..! سلط رفيقه ضوء مصباحه.. وقال: معك حق إنه متشرد يغط في نومه..مهلا أنظر إنه ليس متشردا..انحنى الصيادان وأمعنا في النظر وحاولا ايقاظ النائم ثم قال أحدهما بصوت مازح : لعلها جثة..! وما لبث أن التقط قارورة فارغة وسأل رفيقه : ما هذه؟ أجابه بعد أن تفحصها على ضوء المصباح :قارورة دواء..! ثم أعاد النظر إلى الجسد المسجى فرأى زبدا على جانب شفتيه فقال بذعر: يا إلهي لقد انتحر..فلنبلغ السلطات هيا... فلنسرع وهتفا بصوت واحد: لا حول ولا قوة إلا بالله .إنا لله وإنا إليه راجعون....وركضا مسرعين إلى أقرب مركز للشرطة..!

حنين فيروز
البيضاء15/9/2014

descriptionالوِزر Emptyرد: الوِزر

more_horiz
البرق اللامع
حنين


قصة رويت باستخدام الناظر الثالث مراعية المذهب الواقعي الطبيعي لتسلط الضوء على موضوع اجتماعي مهم وجاءت الحبكة متسلسلة زمنيا وهناك لمحة عن الكلاسيكية اضيفت كجزء متمم


ابدعت واكثر


تقديري



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى