برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


descriptionخريطة للنقد العربي القديم؟ Emptyخريطة للنقد العربي القديم؟

more_horiz

خريطة للنقد العربي القديم؟

  النقد الأدبي في العصر الجاهلي:
 
تمهيدولد النقد الأدبي مع مولد الشعر، ونشأ معه، فان الشاعر ناقد بطبعه، ولهذا كان أقدر من غيره على فهم الصنعة الشعرية.
فأن الشعر العربي لم يبدأ حياته على هذا النظام الكامل الذي وجدناه عليه، لأن طبيعة الحياة تأبى الطفرة، وكان في كل خطوة من خطوات تطوره في سلم الحياة يقف ليرجع بصره فيما أسلف، ويعد عدته للخطوة المقبلة، ثم يجدد في البناء مفيدا من أخطائه السابقة وتجاربه المتعددة.
ومن هنا وجد النقد الأدبي قي الجاهلية، ولكنه وجد هينا يسيرا ملائما لروح العصر، ملائما للشعر العربي نفسه.

صور النقد في العصر الجاهلي:
وهما صورتين:
1- النقد الذاتي التأثرى.
وهو النقد الذي يكون مبعثه الإحساس القائم على الذوق الفطري، فهذا النقد قائم على الإحساس بأثر الشعر في النفس، وعلى مقدار وقع الكلام عند النقد.
فهذا النقد جعلهم يرجعون في كل ما يتصل بأدبهم إلى السليقة، ويصدرون عنها أحكامهم التي تدور حول ما استخدموه من أنماط أدبية ، وتذوق الجمال في الأدب.
فالناظر في النصوص النقدية التي وردت في العصر الجاهلي يلاحظ أن النقد الذاتى التأثرى يأخذ عدة اتجاهات ، وهي:
أ‌- النقد اللغوي:هو القائم على نقد الخطأ في الاستعمال اللغوي.

ب‌- النقد المعنوي:أن العربي بذوقه الفطري وثقافته كان حريصا كل الحرص على تطوير فنه الشعري، والصعود به إلى مستوى أليق بهذا الفن الجميل.

ت‌- النقد العروضي:ارتباط الشعر العربي بنشأته ببعض الأنغام الموسيقية، وقد مرت هذه الأنغام بمراحل مختلفة.

ث‌- تقديم الشعراء: من صور نقد الشعر الذاتية عند الجاهلين تقديم شاعرا على غيره تقديما مطلقا دون إبداء علة معقولة تعزز الحكم، وتخرج به على حيز الذاتية إلى دائرة الموضوعية.

2- النقد الذي مبعثه الروية والأناة:

أ‌) التثقيف والتنقيح: هذه عملية فنية بحته كانت من صنع الشعراء أنفسهم تمثل نظرتهم إلى فن الشعر وما ينبغي أن يكون عليه من نضج حتى يحظى بإعجاب سامعيه.

ب‌) الرواية والتلمذة: كانت رواية الشعر في العصر الجاهلي هي الأداة الطيعة لنشره وذيوعه، وكانت هناك طبقة تحترفها احترافا .

ت‌) الاختيار: أن بفطن الناقد بذكائه ولما حيته إلى أديبا ما قد بلغ درجة من الحسن والجودة، فصار بحيث ينبغي أن يشار إليه وأن يجعل في صدر نوعه.


طبيعة الإحكام النقدية وسماتها في العصر الجاهلي:

1- الذوق الفطري: طبيعة الأحكام النقدية اتسمت بالذوق الفطري، فلم تكن للنقد أصول معروفة، ولا مقاييس مقررة، بل كانت مجرد لمحات ذوقية، ونظرات شخصية ، تقوم على ما تلهمهم به طبائعهم الأدبية.

2- الارتجال في الأحكام: هذه السمة تتصل اتصالا مباشرا بالذوق الفطري الذي يعد أساسا هاما في صدور الأحكام النقدية.

3- الجزئية: تناول الناقد لجزئيات من الجوانب الفنية للقصيدة، كجانب الألفاظ أو المعاني أو جانب الوزن، دون تناوله للقصيدة كلها.

4- العموم: أن يطلق الناقد أحكامه ، ويرسل آراءه دون أن يذكر سببا.

5- الإيجاز: أن الناقد كثيرا ما يغلف حكمه النقدي بعبارة موجزه، بفهم منها ما يراد دون شرح وتفصيل.(1)

مجالس بني هاجر

النقد الأدبي في صدر الإسلام:
تمهيد
وقد أحدث القرآن تأثيرا كبيرا في حياة العرب،وهو الذي وصلهم بالأمم والثقافات الأخرى،وهو الذي كون يهم إمبراطورية إسلامية كبرى، فذاعت آثارهم واتسع أفقها وتعددت بيئاتها.
كما أن القرى جمع العرب على لهجة قريش التي نزل بها، وحول العربية إلى لغة قويمة وحفظ لها أصولها ومعالمها.
كما أن هناك ينبوع أخر هو كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي كان فصاحته لسانه وبلاغة قوله بالمحل الأفضل. فهذا الينبوعان القويان كان لهما عمق الأثر في تكوين الأدب.

موقف الإسلام من الشعراء
أن الإسلام لم يضعف الشعر كما زعم بعض النقاد، وإنما وقف منه موقف الموجه إلى الطريق الأقوم الذي يتفق مع مبادئ هذا الدين، ليكون الشعر وسيلة بناء للمجتمع الإسلامي، ودعوى للأخلاق الفاضلة لا وسيلة تقويض وهدم، فلم يقف الإسلام من الشعر موقف الجمود الذي يؤدي إلى خمود جذوته، وإنما طور وجدد في معاني الشعر وموضوعاته وأسلوبه وصياغته.

النظرة النبوية للنقد:
تتمثل في ثلاثة أمور:
1- نقد المضمون:
أن نقد المضمون عند النبي صلى الله عليه وسلم كان نقد توجيهيا دفع الشعر للاغتراف من بحر العقيدة، والنهل من ينبوعها الثر، وكل ما اتفق معها فهو الحق، وكل ماجافاها، أو اعتد بقيم تتنكب لها مرفوض مستهجن، يحتاج إلى توجيه وتصويب.

2- نقد الشكل:

أثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أقوال حددت بعض الملامح لفن القول، ومن هذه الملامح :
أ)الطبع والتكلف:
هذا مقياس نقدي دقيق ،
ب) جمال اللفظة واختيارها:
الناظر في كلامه صلى الله عليه وسلم، يلاحظ أنه كان يتخير في خطابه أحسن الألفاظ وأجملها وألطفها، فلم يكن فاحشا ولا متفحشا.
ج) الإيجاز:
الواضح في نظرته صلى الله عليه وسلم ، إلى الفن القولي ميله إلى الإيجاز ، وعدم التزيد والتطويل، وهذا شئ طبيعي لأن الله منحه كمال العقل، وغلبة فكرة لسانه، فقل كلامه وتنزه عن الحشو، وبرئت نظراته النقدية من شوائب الإطالة.

3- الحكم على الشعراء:

كان الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الفصحاء والبلغاء، ذا حاسة نقدية ومتميزة، وقد كان عارفا بمكانة الشعراء وأقدارهم، ومدى ما يمكن ان يبلغه شعر كل منهم.
فقد أثرت عنه أحكام نقدية دقيقة على شعراء الدعوة الإسلامية الثلاثة،وهم ( حسان بن ثابت،عبدا لله بن رواحه، كعب بن مالك).كما أثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أحكام نقدية على عدد أخر من الشعراء، من أبرزهم (امرئ القيس).

النظرة العمرية في النقد الأدبي:
تتمثل في أمرين:

1) النظرة الموضوعية:

وجد في صدر الإسلام من استطاع أن يضع بنقده الأسس الجمالية للشعر، على ضوء المبادئ الخلقية الإسلامية، وكان أبرز هؤلاء عمر بن الخطاب الذي أثرت عنه أخبار عديدة تدل على فطنته وثقافته وطبعه ، وحبه الشديد للشعر، حتى كان موضع إشادة وتنويه من السابقين واللاحقين على السواء.
وليس من نقاد الأدب العربي من لم يحذر من التوعر والتعقيد، فبشر ابن المعتمر، في صحيفته المشهورة، في البلاغة، فيرى أن التوعر يسلم إلى التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك المعاني ويشين الألفاظ.
والحق أن عمر أول ناقد موضوعي تعرض نصا للصياغة والمعاني، وهو أول من قام حكما في النقد على أصول متميزة.

2) النظرة الدينية الخلقية:

كانت نظرات عمر النقدية لمضمون الأدب مستمدة من روح الإسلام وقيمة ومصلحة المسلمين، وهو المنهج الذي أرسى قواعده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبهذا كان عمر يمثل بنقده التلميذ النابه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيما أرساه لنا من أسس النقد الأدبي الإسلامي.

المقاييس النقدية في عصر صدر الإسلام:

1- الالتزام بمبادئ الدين والخلق:

وجه الدين الجديد الشعراء والأدباء إلى ضرورة الالتزام بالأفكار والاتجاهات التي تلائم روح الإسلام الدينية والأخلاقية ، فأن هذا المقايس سبب تحصيل السعادة في الدنيا والآخرة، فأنه مقايس دقيق، لأن الصدق الفني هو سبيل الجمال في الفنون جميعا.

2- الموضوعية:

يعتمد على نقد اللفظ والمعنى والأسلوب والمنهج والغرض وتحقيق السماحة في اللفظ ، والخلو من التعقيد والتوعر في التعبير، والتزام الطبيعة في الأسلوب، والاعتدال والتباعد من الإفراط والغلو في منهجه ، وتفضيل الإبداع والاختراع في صوره ومعانيه، حتى أصبحت هذه النظرات والمبادئ رائدة لتطور النقد الأدبي، وقيامه على أسباب موضوعية مفصلة وأصول منهجية واضحة.

3- وضع الأسس النقدية للموازنات الأدبية:

وضع على بن أبي طالب أساسا للموازنة الشعرية/ أساس أنه لاتفاضل بين الشعراء إلا إذا جمعهم زمان واحد وغاية واحدة، ومذهب واحد. فإن تساووا في ذلك كله فأجودهم الذي لم يقل عن رغبة ولا رهبة.(2)

مجالس بني هاجر

النقد في العصر الأموي:

عوامل ازدهار النقد في العصر الأموي:

1- تشجيع الخلفاء والأمراء.

فتح الخلفاء والأمراء أبوابهم للشعراء، فوفدوا من كل فج، فاشتد تنافس الشعراء، وحرص كل منهم على أن يتخير معانيه وألفاظه،وذلك بسبب الجوائز التي كان يرصدها الأمراء.
فأنه يمثل حركة أدبية نشطة شجع عليها خلفاء بني أمية، الذين كانوا من ذوى الحس اللغوي الصافي والذوق الأدبي والنقد، ولا ريب أن النقد قد دفع الشعراء إلى تصفية شعرهم مما يشوبه.

2- الصراع السياسي وما خلفه من أحزاب.

نشأ عن الصراع السياسي عدة أحزاب، الحزب الأموي الحاكم، والحزب الزبيري المناهض للحكم الشيعة، ثم حزب الخوارج الثائر على دعوى الوراثة القرشية للخلافة.
فأن هذه الأحزاب على اختلاف مذاهبها كانت باعثا قويا من بواعث الأدب وقوة الشعر.
وقد ساير النقد هذه النهضة الأدبية، ولمع في سمائها، وأخذ ألوانا تختلف في اتجاهاتها مع اختلاف الحياة في أرجاء الدولة.

3- مجالس النقد.

أهتم خلفاء بني أمية بالشعر والشعراء اهتماما كبيرا، لاعتمادهم عليهم في الدعوى لهم، فكان للشعراء جانب مذكور في تلك المجالس، ينقدون شعرهم .
وكان بين بعض الشعراء تود وتعاطف، فقد جمعتهم صلة الشعر، وألف بينهم ما كان فيهم من اختلاف المنزع والاتجاه ، ولم تعصف بهم ريح التنافس .
فأن هذه المجالس تناولت الأدب ونقده، مما يدل على شيوع الذوق الأدبي الرفيع، وعلى نضج العقل العربي واتساعه، وبصره بالقواعد والأصول التي يقوم عليها فن الأدب.
فأن مجالس النقد كانت عاملا قويا من العوامل التي دفعت النقد إلى الأمام، وخلفت تراثا نقديا ضخما .

4- تعدد مراكز الشعر وأسواقه.

عمل على تجويد الشعراء،كما عمل على نمو روح النقد عندهم، حيث كان النقاد والشعراء يوازنون بين غرض شعري وآخر في شيء من الفهم والعمق والوعي،فقد كانت تلك الأسواق بمثابة منتدياتهم الأدبية التي يعلنون فيها عن براعتهم ورقي أذواقهم.
ومن هذه المراكز سوق المربد في البصرة وسوق الكناسة في الكوفة،فقد تحولا إلى ما يشبه مسرحين كبيرين يغدو عليهما شعراء البلدتين ومن يفد عليهما من البادية لينشد والناس خير ما صاغوه من أشعارهم.

5- النقائض.

فن جديد من الشعر، استلزمه الجدل السياسي والقبلي والاجتماعي والأدبي، ونبغ فيه كثير من الشعراء كجرير والفرزدق والأخطل،وقد ظهر أثر النقائض في ازدهار الحركة النقدية واضحا في أن كل شاعر منهم التف حوله فريق من أنصاره المعجبين بشعره،يحاولون أن يظهروا للناس محاسنه وأسباب تفوقه.

6- نشأة علوم العربية.

وضعت في هذا العصر نواة علوم العربية، كعلمي اللغة والنحو،وقد هيأ الله لهذه اللغة العلماء المخلصين، الذين ضبطوا شاردها،ووضعوا لها الضوابط التي تضمن لها العصمة من الخطأ والضياع من أمثال يحيى بن يعمر، وعبد الله بن إسحاق الحضرمي.
فقد أثر هذا النشاط العلمي في مجالي اللغة والنحو على الأدب والشعر والنقد، وكان هؤلاء العلماء ينظرون في أعمال الأدباء والشعراء، ويتعقبونهم، ويبرزون ما فيها من أسباب الحسن والجودة أو القبح والرداءة.

المدارس النقدية في العصر الأموي واتجاهاتها:
تمهيد
كان للنقد الأدبي دوره الرائد في النهضة الفكرية واللغوية والأدبية، وقد اتخذ أشكالا تتواءم مع كل بيئة من بيئاته وطائفة من طوائفه، كما ظهرت المدارس الأدبية في أنحاء متفرقة من الجزيرة العربية وأطرافها.
1- مدرسة الحجاز.
هي مدرسة الغزل ، وكان النقد فيها مطبوعا بطابع الذوق الفني والرقة ، والروح الإنسانية، وقد اشتهر نقد أصحاب هذه المدرسة بنقد الذواقين تارة وبنقد الشعراء تارة أخرى، ومن أشهر النقاد الذواقين في هذه المدرسة، ابن أبى عتيق، وسكينة بنت الحسين.
2- مدرسة الشام.
وهي مدرسة المدح، وحوله قامت حركة نقدية في قصور الخلفاء وأنديتهم،ويعتمد على الذوق الفطري المصقول بطول النظر في الشعر، واستيعابه نماذجه، وتمثل طرائق العرب في التعبير والتصوير.
فالنقد غالبا ما اتجه إلى تقييم الحركة الشعرية على ضوء اقترابها وابتعادها عن القيم الفنية الموروثة .وكان الخلفاء أنفسهم هم عمد هذه المدرسة ، وكان عبد الملك بن مروان على رأس خلفاء بني أمية في مجال النقد.
3- مدرسة العراق.
الشعر في هذه المدرسة يشابه الشعر الجاهلي في موضوعه وفحولته وأسلوبه، فالفخر بالأصول والعصبيات والصراع بين الشعراء خلف لنا شعر النقائض .
أن بيئة العراق بيئة علمية ثقافية امتزجت فيها الأصول العربية والأصول الأجنبية ، ولذلك تأثرت هذه المدرسة بالمنهج العلمي الذي اعتمد فيه نقادها غالبا على قواعد النحو وأصول اللغة، يقيسون الأدب بمقاييسها.

سمات وخصائص النقد في العصر الأموي:
1- أتسع نطاق النقد في هذه الفترة وكثر الخائضون فيه، حتى شمل الشعراء والأدباء والملوك، مما جعله تنصب فيه أذواق مختلفة كثيرة.
2- تشعب القول في هذا النقد، وتعددت نواحيه بتعدد الأغراض التي برزت في هذا العصر.
3- رسم هذا النقد لبعض أغراض الشعر طريقها، وألم بجوانب هامة من أدبها.
4- النقد الأموي التقت إلى بواعث الشعر عند الشاعر وأثرها في تجويد فن دون آخر.
5- بني النقد في العصر الأموي على الذوق الفطري وخاصة في بيئة الحجاز.
6- اتجه النقد بصفه عامة إلى الوضوح والسهولة، واتسم بالأصالة الفنية والعمق في فهم النصوص.
7- ظهور اتجاهات جديدة في النقد، تتجه إلى المعاني والأفكار والتصوير، وتصحيح الخيال لدى بعض الشعراء.(3)

مجالس بني هاجر

النقد في العصر العباسي:
تمهيد:
العصر العباسي هو عصر الإسلام الذهبي الذي بلغ فيه المسلمون من العمران والسلطان ما لم يبلغوه من قبل،وملوك هذه الدولة ينتمون إلى العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، انتزعوا الخلافة قسراً من يد الأمويين بمعونة الفرس، كما أقاموا عرشها في العراق.
من هذا العصر شرع النقد الأدبي يخطو خطوات جديدة في سبيل تكوين بنائه وإقامة منهجة، لكن نقادهم التقوا جميعا في نقطة واحدة هي:النهوض بهذا الفن الجميل والسير به قدما نحو التكوين والتكامل.

عوامل ازدهار النقد في العصر العباسي:

1- غزارة الثقافة وتعدد روافدها وتنوع ألوانها.
ازدهرت الحياة الثقافية في هذا العصر ازدهاراً كبيراً، فقد أزكى الإسلام جذوة المعرفة في نفوس العرب، ودفعهم إلى العلم والتعلم،ولم يمض قرن حتى وضعت أصول العلوم اللغوية والدينية.
بدأت الثقافات الأصلية والوافدة تتفاعل في العقول، وتحدث تحولاً كبيرا في الذوق، كما برزت اتجاهات فنية استقطبت بعض الشعراء فتحمسوا لها وأقبلوا عليها كمذهب البديع أو شعر الصنعة،كما بدأ الشعراء ينقلون ما وعته ذكراتهم من فكر غربي إلى ساحة الشعر العربي كما فعل أبو العتاهية.
فقد أثرت هذه الثقافات في النقد تأثيراً كبيراً وكانت من أقوى عوامل ازدهاره لأنها وجهته لمعايشة قضايا عصره، كما كانت هذه الثقافة أودعته العقل من ثراء بداية مرحلة نقدية جديدة من اليقظة والوعي والتجديد.

2- عناية الخلفاء والأمراء بالشعر.
احتفظ الخلفاء والأمراء في الصدر الأول من العصر العباسي بأعظم خصائص العروبة، وهي حب الشعر والقدرة على تمييز جيده من رديئة، ونقد ألفاظه ومعانيه .
فقد جالس الخلفاء عددا من الشعراء ، كما قاموا بتشجيع هؤلاء الشعراء، مما جعل مجالس الخلفاء تزدان وتزدهي بفحول الشعراء، الذين ذهبوا إلى شعرهم يجودونه حتى ينالوا به الخطوة لدى الخلفاء والأمراء يحصلون على عطاياهم.
كما كان للخلفاء دورهم في نقد الأدب، فهم يستجيدون ويوازنون بين قول وآخر، وقد يكون للعلماء وجود فيدلون بآرائهم اللغوية والنحوية، كما أشتهر أن الأخفش كان يحضر بعض هذه المجالس ويدلي برأيه فيها.

3- الخصومة حول الشعراء.
من العوامل التي أشعلت جذوة النقد وأذكت وطيسه في ذلك العصر خصومة النقاد حول بعض الشعراء العباسين، مابين متعصب لشاعر أو متعصب عليه، فلقد عمت شهرة بعض الشعراء،كما حميت المناقشات حول مذهبهم بل تعداه إلى تأليف الكتب في نقد شاعر لإنصافه من التحامل الذي وقع عليه،وقد حظي أبي تمام وأبي الطيب ما لم يحظ به غيرهما من مناقشات حادة حول شاعرية كل منهما وشعره.
فأن الخصومة حول الشعراء كانت من أعظم العوامل التي أثرت في النقد العباسي خاصة، والنقد العربي عامة، وذلك لأنها قدمت بعض الكتب التي تعرض لمشكلات كثيرة تتعلق بالشاعر والبيئة الشعرية ، وأثره في النفس، ودوافعه ، فكانت هذه الكتب علامات في الطريق لتاريخ النقد ومذاهبه.

4- نشاط حركة النقل والترجمة.
نشطت حركة النقل والترجمة في هذا العصر، وأدى هذا إلى إثراء الأدب والنقد بما ترجم من فلسفة اليونان ومنطقهم، كما أثرى كذلك بالمترجم إلى العربية من قصص الهند وأدب الفرس، وكان للعرب الذين يجيدون الفارسية والمتعربين، مجال كبير في الأدب العربي كــ بشار وأبو نواس والعتابي.
فقد كان أثر الفرس في عهد بني العباس أعمق ، لا في الأسلوب البياني، بل في التفكير والخيال، فقد تنوعت الأوزان وظهر التأنق في النثر والشعر.
فأن ترجمة الكتب إلى العربية كانت عاملاً قوياً من العوامل التي دفعت النقد العباسي إلى الأمام،فقد ألفت الكتب النقدية التي تذخر بالمناهج العلمية والنقدية التي أسسها النقاد العرب.
فان الترجمة كانت ذات أثر مباشر في فكر الأدباء والنقاد ولم ينجو من هذا الأثر إلا طائفة من طبقة الشعراء المحافظين الذين أعلنوا عن سخطهم لهذه الفلسفات.

5- الأثر القرآني.
من أهم العوامل التي أثرت في تطور النقد العباسي القرآن الكريم فقد كان له أثراً مباشر بفضل جهود العلماء الذين تعرضوا لأسلوب القرآن وبيان جوانبه البيانية، فقد أستخدم علماء الإعجاز مصطلحات البديع وأبوابه في كشف بديع أسلوب القرآن للتوصل إلى أعجازه.
أما أثره الغير مباشر فقد جاء عن طريق ترقيق القرآن لأذواق النقاد، بما جرى به من الصور الجميلة ، والاستعارات الرائعة ، مما جعل العلماء يستشهدون بصياغته ، فصارت شواهد القرآن في مقدمة الشواهد الأدبية في كتب النقد والبلاغة.
فأن القرآن الكريم كان له أبلغ الأثر في نمو الأذواق وتطورها في هذا العصر، فقد دفعها إلى الإحساس بجمال العبارة وروعة التصوير وبراعة المعنى ، فيما يعرض لها من فنون الأدب.

6- الحركة اللغوية.
نشطت الحركة اللغوية في هذا العصر نشاطاً كبيراً، وكان من أهم ما حفزهم إلى ذلك القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف،فأن خلفاء بني العباس أظهروا محافظة شديدة على لغة القرآن الكريم وبعثوا العلماء على دراستها والتعمق فيها.
فكانت مجالس الخلفاء تكتظ باللغويين من مثل الكسائي والأصمعي، فمن هنا برز دور اللغويين في النقد في هذا العصر في أنهم أصبحوا سدنة الشعر وحراسه، ويلقانا كثير من الشعراء يعرضون عليهم أشعارهم قبل إنشادها في المحافل العظام، فإذا استحسونها مضوا فانشدوا، وإن لم يستحسونها ذهبوا يعاودون الكرة بصنع قصائد جديدة آملين إن تظفر باستحسانهم

7- العوامل الاجتماعية.
كان من أهم الأسباب التي أدت إلى ازدهار النقد في العصر العباسي، تلك الظروف التي طبعت الأدب والعلوم بطابعها، وأثرت في فكر الشعراء والنقاد، ودفعت النقاد إلى دراسة ما يكون لهؤلاء الأدباء من خصائص أسلوبية يفرقون بها بين أديب وآخر.

اتجاهات النقد في العصر العباسي:

منذ ذلك العصر تقريباً أخذ النقد الأدبي يتجه إلى:1-

اتجاه عربي صرف لم تمازجه ثقافات وافدة،وقد تمثل هذا الاتجاه عند جماعة اللغويين والنحاة كالخليل والأصمعي، ومن على شاكلتهم ممن كانت لهم دراية باللغة وأصولها.
2- اتجاه عربي اعتمد على الطبع والذوق ثم دعمته الثقافات المنوعة التي نهضت به، وكانت له رافدا قويا، ولكنها لم تقض على أصالته وسمات عروبته وهو ما نلحظه عند الآمدي في موازنته، وعند القاضي الجرجاني في وساطته.

3- اتجاه تأثر فيه أصحابه بالتيارات الثقافية الأجنبية شكلاً وموضوعاً، حيث خضع النقد فيه لسلطان المنطق والفلسفة، وغلب فيه العقل على الذوق والفكر على الحس، فقد تمثل هذا الاتجاه عند قدامة ابن جعفر . (4)



الهوامش:
/(1) في النقد الأدبي القديم عند العرب،ص 27------)) ص 54.
(2) في النقد الأدبي القديم عند العرب،ص55 --------)) ص 93.
(3) في النقد الأدبي القديم عند العرب، ص 95------)) ص 126.
(4) في النقد الأدبي القديم عند العرب، ص 127--------))ص 142.

descriptionخريطة للنقد العربي القديم؟ Emptyرد: خريطة للنقد العربي القديم؟

more_horiz
البرق اللامع
شيرين كامل


موضوع اثرائي لا غنى لكا اديب وناقد عنه


ابدعتي واكثر


تقديري

descriptionخريطة للنقد العربي القديم؟ Emptyرد: خريطة للنقد العربي القديم؟

more_horiz
محمد سوادي العتابي كتب:
البرق اللامع
شيرين كامل


موضوع اثرائي لا غنى لكا اديب وناقد عنه


ابدعتي واكثر


تقديري

 


عميد برق الضاد الأدبي

محمد سوادي العتابي

 إثراء لا غنى عنه حضورك في  هكذا مواضيع

كل التقدير والاحترام لشخصك وأدبك



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى