قصة قصيرة ( فساد ) بقلم القاص : حمّادي بلخشين
حين عيّن أخي في منصب خطير بوزارة التموين، وعظه أبيقائلا: يا بنيّ كن أمينا، لا تقبل رشوة، ولا تتلاعب بأرواح المواطنين، كن قنوعا،بالحلال تحقّق الآمال، و ليكن شعارك: من سار على الدرب وصل.
حين عمل أخيبنصيحة أبي، بقي بلا سيّارة و بلا بيت و بلا زوجة. أخيرا ورّط في قضية جنائية حينقدّرت بعض الجهات العليا أنه يمثل عقبة في طريقها، لم يلبث أخي في سجنه سوى بضعةأيام، حتى بلغنا نعيه.
بعد أسبوع من مواراته التراب، كانت والدتي تمرّغوجهها على ثياب الفقيد التي أرسلت الينا من السّجن، حين سقطت منها قصاصة صغيرة، كنتأول من التقطها، كانت بخط أخي, تناولها أبي مني،حين فرغ من قراءتها، أجهشببكاء مرير أبكانا جميعا و أثار لواعجنا. حين فرغ من البكاء، كفكف دمعه وهو يقول:
ـــ أي والله يا بنيّ... ومن سار على الدرب قتل ايضا!
على الرغم من مرورعشرين سنة على الحادثة ما زالت احتفظ بالقصاصة التي كتب عليها بخط اخيمن سارعلى الدرب فشل.
من سار على الدرب عزل.
من سار على الدرب فصل.
من سار عـلىالدرب أذل
تتناول هذه القصه أبعادا واقعيه من صميم الحياة ومن صميم روح بيئه العائلات البسيطه التي نكدح وتشق طريقها للوصول إلى مستوى معيشي كريم وقد تبلورت القصه في قالب مأساوي يعكس ماديات العصر
فعندما قال (( يا بني كن أمينا لاتقبل الرشوه لا تتلاعب بأرواح المواطنين )) جمل تغرس جذورها في عمق الأخلاق الطيبه التي تبحث عن القيم الانسانيه والجماليه للفرد
وأيضا تلك الجمل هي انعكاس واضح لما يدور في المجتمع بشكل حقيقي ولسيت فقط عباره عن إعطاء حكم او سرد قيم
من سار على الدرب وصل :: جملة تدل على أن الثبات والمثابرة هما من أهم دعائم النجاح الانساني في العمل فهو الدرب مهما طال لائبات صحه قضيه ا واثبات ذات هو مساله كفاح وجد بكل الابعاد
اما المقطع الثاني
عندما عمل أخي بنصيحه أبي ............. )) هي تمرد الشغب المادي على القيم الانسانيه بشكل واضح وجلي انعكس تماما على وضع ذاك الانسان المكافح الذي اتخذ المثابرة له شعارا
والجهات العليا هي صورة ذاك الشغب المادي وصورة الشر في المجتمع الذي يحاول اخماد روح الطيبه فيه
اما النعي فهو صورة رمزيه جدا جدا على موت كل شيء جميل تحمله تلك الذات الانسانيه الرائعه التي جبلت على حب الخير في مجتمع قد ضاع في بحر التلوث والفساد
من جهة اخرى ثباب الفقيد فهي ايضا رمزيه جدا على مدى ايمان القله او الثله من المجتمع ببعض ما بقي من مفاهيم مع الثقه بان ذلك لن يجدي في حالة السموم الرقطاء
و مرور الزمن وهو العشرون عاما هو رمزي جدا لتواصل تلك المفاهيم في شغبا وربما تماديها وعمقها في روح المجتمع ذلك لانها نفس الجمل تكررت واعيدت بعد عشرون عاما
هي قصه واقعيه جدا ولكن تحمل بين طياتها رموز واضحة للفساد
واقعيه بأحدائها رمزيه عناصرها
لقد اعتمد الكاتب في سرده على اسلوب الناظر الثالث فلا حوار إلا في الجمل الاولى التي تضمنت المسلك الأساسي للقصه حيث قال يا بني فهنا اعتمد الكاتب على أسلوب المخاطب
وكان التصوير فيه معبرا جدا في ادق التفاصيل النفسيه حيق قال (( والدتي تمرغ وجهها على ثياب الفقيد )) (( أجهش ببكاء مرير ...)) فقد صور حالة حزن عميقه ممزوجة بتفاصيل مأساوية وأيضا حالة الاحباط عندما قال ((أي والله يا بنيّ... ومن سار على الدرب قتل ايضا ))
كذلك العيش مع الذكريات الماضيه عندما قال ((على الرغم من مرور عشرين سنة على الحادثة ما زالت احتفظ بالقصاصة )) وهذا ما يؤكد الكثافه التصويريه للزمن