برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


description الجواهري وعمود الشعر - الاستاذ مصطفى Empty الجواهري وعمود الشعر - الاستاذ مصطفى

more_horiz
إذا كان البحتري كان يقول عن نفسه في البَيْنُونة بينه وبين أبي تمام: "أبو تمام أغوص على المعاني وأنا أَقْوَمُ بعمود الشعر منه" وكان القدماء أطلقوا القول المشهور: "أبو تمام والمتنبي حكيمان والشاعر البحتري" فأننا يمكن أنَّ نقول أن الجواهري، جمع بين الحكمة والشعر، وفي إطار المذهب القائل آنذاك: أن الشعر من الشعور، أو لأنَّ الشعر تمثالُ الشعور، ومرآةُ النفس، وصورةُ الصور)- كما قال الشيخ محمد حسن آل كاشف الغطاء في شعر الجواهري.
وهذا يعني، أيضاً، وبالرغم من المفهوم السائد عند أشياخ ابن خلدون، أن الشاعر من يتّبع "أساليب الشعر عند العرب" أي مَنْ يقوم بعمود الشعر- حسب توصيف المرزوقي في مقدمته على (شرح الحماسة) - أي اتباع تقاليد الشعر عند العرب التي تعني في جملة ما تعنيه، أَلاّ يتجاوز الشاعرُ الاستعمالات اللغوية المُعتدّ بها عند شعراء الجاهلية وصدر الإسلام. أي الابتعاد عن الغموضِ والغوصِ في الأَعماق ..؟..، بحثاً عن الجواهر وأبكار المعاني، وانتهاج طريقة العرب في تأليف الأشعار.
أقول، بالرغم من هذا.. فإنّ أبا تمام والمتنبي، وحفيدهما، شعريّاً، الجواهري، يُعَدُّون من أهل (الحداثة) -كلٌ بالقياس إلى زمنه، وبالقياس إلى مفهوم القادمة في الشعر. (عمود الشعر)- بالرغم من أنَّ التحديث أو الحداثة هذه (مُحافظةٌ) على شكل الأشكال- إن جاز القول- أي الشكل الخارجي- الإطاري- التقليدي للقصيدة: (البيتَ ذا الشطرين والوزن والقافية الموُحَّدة). أي أن حداثتهم، حداثة (جوّانية) -مُمثَّلَةً في خلخلة البنية الداخلية للشعر من خلال استحداث المعاني واستدخال ثقافة العصر، والتعبير عن ذلك بالاستعارات البعيدة، والتجنيس والمطابقة والموازاة والصور غير المألوفة.. وغير ذلك مما لم يأْلَفْهُ نظام القريض قبلهم.
وفي هذا الاعتبار، يمكن أن نقول: أَنَّ الجواهري شاعرٌ مُؤْتَلِفٌ ومُخْتَلِفٌ في الوقت نفسه. أو أَنَّ هناك "شِدَّة اختلاف في شدّة ائتلاف" على حدّ تعبير الجرجاني/
فهو مختلف، أولاً، في اتجاهين:
الأول: بالقياس إلى الشعر التقليدي في زمنه، والذي وصفه الشيخ باقر الشبيبي بأّنّه، في أوزانه وقوافيه، أُقل من الجبال وأوعر من الصخور، بينما شعر الجواهري/ والشعر مصدره الشعور الحيّ -كما قال- أَعلى من هذا القصيد.. إنّه قصائد تهزُّ الأرواح وتُثير النفوس، وحسبها أن تكون مَعْلَماً يُمْلي عليك فلسفة الحب ومعنى الوطنية ودقّة الوصف.
إنّ شاعرية الجواهري- وكما قال الشاعر علي الشرقي- مُتَّجِهةٌ إلى الجمال: جمال الجمال، وجمال الوطن، وجمال الحرية. وإنَّه لوصَّافٌ بارع.
ثانياً: والجواهري مُختَلِفٌ بالقياس إلى شعر الحداثة بعد الاختراق الذي أحدثه السيّاب والبياتي ونازك وأدونيس... من الرواد في بنية القصيدة العربية وشكلها البَصَري.
لكنّ الجواهري، مؤْتَلِفٌ في إِطار الحداثة على نهج أبي تمام والمتنبي، في أن يكون الشعر مُمثِّلاً في جوهره لروح العصر. في موضوعاته وبالصيغ التعبيرية الملائمة. أي أنه الشعرُ النَّمام عن الشعور، قال:
 يا شِعْرُ نُمَّ على الشعور فكم وكم

نَمَّتْ على زُمَرِ العواطفِ أَحْرُفُ

 
لقد ظلّ الجواهري شديد التمسك بالصيغة الكلاسيكية التي تتمثّل في (عمود الشعر) -ولم يخرج عن ذلك إلاّ في محاولات محدودة سنأتي على ذكرها- لكنه من جهة أُخرى راح يُنوّع الأساليب داخل الأسلوب الواحد.
2- الجواهري: أساليب في أُسلوب:
ونعني بهذا، أن القولَ القائل بأَنَّ العرب لم تعرف سوى ضرب واحد من أساليب الشعر، القصيدة (داخل إطار الشكل التقليدي) يغفل حقيقةً جوهرية، هي تنوُّعُ الأساليب داخل الأسلوب الواحد /الشكل الظاهر/ بحسب مسالك الشعراء في طُرق الشعر وبحسب تصعيد النفوس.
وبمعنى آخر، وحسب حازم القرطاجني، أَنْ يوائم الشاعرُ بين الموضوع والأسلوب الذي يُعبِّر فيه عن الموضوع. فالأسلوب في المعاني: (صورةٌ وهَيْأَة يحصل عن كيفية الاستمرار في أوصاف جهة من جهات غرض القول وكيفيّة الأطّراد من أوصاف جهةٍ إلى جهةٍ..) وهكذا تتنوّع: (أساليب الشعر بحسب مسالك الشعراء في كل طريقة من طُرق الشعر، وبحسب تصعيد النفوس فيها إلى حُزونة الخشونة أو تصويبها إلى سهولة الرِقَّة أو سلوكها مذهباً وسطاً... الخ)
وإذا رجعنا إلى الجواهري فإننا نجده، وبالرغم من التزامه بـ (عمود الشعر) بتقنياته الموروثة المعروفة- مع تنويعات سْلكية -كما قلنا سنأتي عليها- كان يُنوّع أُسلوبه أو أساليبه بحسب الموضوعات والبواعث الداعية لقول الشعر: فهو مرَّة يشتدُّ ويَعْنُف، ومرَّة يَرِقُّ ويَعْذُب، وثالثة يتواسط بين العنف والرقة، ورابعة يسخر ويتهكّم، وخامسة تجده الحكيم المفكر.. الخ. وعلى سبيل المثال:
أولاً: من الأسلوب المبنيّ على العنف والشدّة، قصيدته في تأبين الشهيد عدنان المالكي:
 خَلَّفْتُ غاشيةَ الخنوع ورائي

وأَتيتُ أقبسُ جمرةَ الشهداءِ

 
وقصيدته أو قصائدهُ: دم الشهيد، يومَ الشهيد، وأخي جعفر. وكلّها من قصائد ..؟.. كانون 1948. ومن أخي جعفر. قوله:
بأنَّ جراحَ الضحايا فَمُ

 أَتعلمُ أَمْ أنتَ لا تعلمُ

وليس كآخر يستفهمُ

 فَمٌ ليس كالمُدَّعي قولةً

أريقوا دماءَكم تُطْعَمُوا

 يصيح على المُدْقعينَ الجياعَ

ثانياً: ومن الأسلوب المبنيّ على السخرية والتهكم. قصيدته (طرطرا) وهي على النمط الساخر والوزن من القصيدة الدُّبدبيّة المشهورة في العهد العباسيّ. ومنها:
تقدَّمي تأخَّري

 إي طرطرا تطرطري

تهوَّدي تنصَّري

 تشيَّعي تسنَّني

تهاتري بالعُنْصِر

 تكرَّدي تعرَّبي

وهكذا قصيدة (تنويمة الجياع):
حَرَسَتْكِ آلهة الطعامِ

 نامي جياع الشعب نامي

من يقظةٍ فمن المنامِ

 نامي فإن لم تشبعي

يُدافُ في عسل الكلامِ

 نامي على زُبْدِ الوعودِ

description الجواهري وعمود الشعر - الاستاذ مصطفى Emptyرد: الجواهري وعمود الشعر - الاستاذ مصطفى

more_horiz
ومثل ذلك قصيدته: (أطبق دجى) المشهورة.
ثالثاً: ومن الأسلوب المبنيّ على الرِقَّة والليونة، قصيدة (سلمى على المسرح)؛ ومنها:
وابعثي هِزَّةَ الطَرَبْ

 العبي فالهوى لَعِبْ

على شُرْعةِ الأدبْ

 مثِّلي دَوْرَكِ الجميل 

تَعِبَتْ هذه الرُكَبْ

 أحسني نُقْلَةً وإِنْ

رابعاً: ومن الأُسلوب المبنيّ على التواسط بين الشدّة والليونة، قصيدة (أُم عوف):
 يا أُمَّ عوفٍ عَجيباتٌ ليالينا

يُدْنينَ أَهواءَنا القصوى ويُقصينا

 
 في كلِّ يومٍ بلا وعيٍ ولا سببٍ

يُنْزِلْنَ ناساً على حُكْمٍ ويُعلينا

 
 
خامساً: ومن الأسلوب المبنيّ على الفِكر والقلق الوجودي، قصيدته في ذكرى الرصافي (1959).
أَنْ يستحيلَ الفِكْرُ محض ترابِ

 لُغْزُ الحياةِ وحيرةُ الأَلبابِ

جرداءَ حتى من خُفوقِ سرابِ

 أَنْ يصبحَ القلبُ الذكيُّ مَفازةً

لحفيرةٍ، ومُفكِّرٌ لتبابِ

 فيمَ التحايلُ بالخلودِ، ومُلْهَمٌ

سادساً: ومن الأسلوب المبنيّ على السرد القصصي: (رباعيات- 1960) مثل (بغداد في الصباح) (قلت وقال..) (حرامي بغداد..) وقصيدة (أفروديت..) (1946) بعد قراءته قصةً للكاتب الفرنسي بيير لويس نقلها إلى العربية محمد الصاوي محمد. منها:
ثُمَّ نادتْ "جالا"
وكانت من الرقَّةِ..
كالماءِ إذْ يَهُزُّ الخيالا
من بنات "الهنودِ"
تعرفُ ما يُرضي الغواني
وما يَزينُ الجمالا!
مَنْ أتى أَمس..؟
خبّريني..!
ألا تدرينَ..؟
كلاّ.. فلستُ أُحصي الرجالا!
... ... ... الخ.
سابعاً: الأسلوب المبنيّ على الأوزان ذات الأيقاع السريع والقوافي ذات الجرس الموسيقي الأنيس. مثل قصيدته: (خَبَت للشعر أنفاس) (1954):
أَمْ اشتطَّ بكَ اليأسُ؟

 خَبَتْ للشعر أَنفاسُ

إبلاسٌ وإِخراسُ؟

 أم الحيُّ، وقد أَغفيْتَ،

فهل أنتَ به الناس؟

 كأَنْ لم يَعترِفْ ناساً

ومثل قصيدته (زوربا) (1969) المستوحاة من رواية (زوربا) وموسيقاها، وحيث يُرتّب الشاعرُ الأبياتَ، ترتيباً مُوقَّعاً على إيقاع الموسيقى. هكذا:
وارتَمَتْ من شفقٍ دامٍ
على الأرضِ جراحٌ..
وجراحْ
وتهاوتْ فوقه..
من مِزْقِ الغيمِ..
صبيَّاتٌ ملاحْ
و"الكراكي" عُصَبٌ دُكْنٌ
تشابكْنَ جناحاً...
وجناحْ.
ثامناً: وعلى رأي رئيف خوري الذي يرى أن الشعر الحديث (الحُرّ) ليس أكثر من توزيع بيت الشعر التقليدي على عِدّة أسطر، يكتب الجواهري قصيدة (الشيخ والغابة) (1959) مُتحسّراً على ذهاب الشباب، ومتمنياً لو رجع الشيخ إلى صباه! منها:
" ورأى الشيخُ ظِلالَ الغابةِ الدكناء..
أشباحاً تلوحُ.
بعضها يَعْصِرُ بعضاً..
فتمنّى لو يروحُ.
ثمَّ غامتْ صُورٌ..
ردَّتْهُ كالهِرَّةِ..
أسيانَ شجيَّا!
آهِ.. لو كان فتيَّ
آهِ.. لو ردَّت إليه..
آهِ.. ممّا فات شيَّا!"

description الجواهري وعمود الشعر - الاستاذ مصطفى Emptyرد: الجواهري وعمود الشعر - الاستاذ مصطفى

more_horiz
تاسعاً: لكنّ الجواهري في قصائد مثل (باريس) ومجموعة قصائد (أنيتا) (1948) وهي أربعة (شهرزاد، ذكريات، فراق، وداع، يستفيد من نظام بعض الشعر المهجري والموشحات، حيث يتم توزيع المقاطع والقوافي في نظام مُطَّرد. ومن قصيدة (شهرزاد) وهو (أجمل المراقص الفنية في باريس) هذا المقطع:
"إنّ وجهَ الدُّجى (أَنيْتَا) تجلَّى
عن صباحٍ من مُقلتيكِ أَطلاّ
وكأنّ النجومَ أَلْقَيْنَ ظِلاّ
في غديرٍ مُرَقْرَقٍ ضَحْضَاحِ
بين عينيكِ نُهْبَةً للرياحِ
وغياضُ المروجِ أَهدتكِ طَلاَّ
إنَّ هذا الطيرَ البليلَ الجناحِ
المُدوّي على متونِ الرياحِ
والذي أَزعجَ الدُّجى بصياحِ
عَبَّ في الليل من "ثُغورِ" الأَلقاحِ
رشفةً مجَّ عِطْرَها وتولَّى
حيثُ هذا الرأس الجميلُ تدلَّى
والفِراشُ الذي به يتملَّى
وبحيثُ ارتدَّتْ هَباءً نثيرا
تملأُ النفسَ والفضاءَ عبيرا
خِصلاتٌ من شَعْركِ الذهبيِّ
كنتِ فيه الثريَّ أيَّ ثِريِّ."
عاشراً: والجواهري باعتباره حافظ (عمود الشعر) لا يجد حرجاً في أن يستأنس بصور وألفاظ هي من استخدامات القدماء. مثلا قصيدته (في الليل) (1921):
 وليلٍ دجوجيِّ الحواشي سَعرْتُهُ

بنارِ الأَسى بين الجوانح فاسْتَعَرْ

 
 نشرتُ به الآمالَ وهي هواجسٌ

بعقْدِ الثريّا لو غدا مِثْلَها انتثرْ

 
 وردَّدَ لي همسُ الطبيعة نغمةً

من الشعر ما كانت سوى خاطر خَطَرْ

 
أو تضمينه شيئاً من الشعر القديم- الوقوف على الأَطلال- كما نجد ذلك في قصيدةٍ يُضمِّنُ فيها مطلع قصيدةٍ للبيد:
 “بَلِينا وما تَبْلى النجومُ" الرواكدُ

رسومٌ عَفَتْ منها الفَلا والمحامدُ

 
أحد عشر: لكنَّ الجواهري في الوقت نفسه، لا ينسى أن يأخذ نصيبه من عصره، فيكتب فيما سُمِّيَ أيام ذاك بـ (الأدب المكشوف): قصيدة (بديعة) (1932) وهي راقصة في مرقص "..؟.. عزاوي". وقصيدة (عريانة) (1932). ومن الأخيرة:
الهوى يستثيرُ فيَّ المَجانَهْ

 أنتِ تدرينَ أَنّني ذو لُبانَهْ

تَتَعرَّينَ حُسرَّةٌ عُريانَهْ

 وقوافيَّ مثل حُسْنكِ لمَّا

ـنَعُ أيُّ احتشامةٍ ثَوَرانَهْ

 وإذا الحبُّ ثار فيَّ فلا تَمْـ

***
ولابد أن نقول أخيراً. أَنّ هذا التصنيف لأساليب الشعر داخل الأسلوب الواحد، لا يعني بأيّ حال، أن  كلّ قصيدة بتمامها تدخل في إطار الصِنْف. فغالباً ما نجد القصيدة الواحدة تجمع بين أكثر من لغة وأسلوب.. ذاك أن حياة الجواهري -كما هو معروف- تقلّبت بين: القسوة والمرارة، الحُبّ والعذوبة، الرحيل والإقامة، الجدّ والسخرية.. وبتعبير موجز، إنّنا نجد في شعر الجواهري تواشجاً قوياً بين حالات النفس في الغضب والرضا، الزمان والمكان، الحلّ والترحال، الشباب وفقدان الشباب، وبين اللفظ والمعنى أو ما أَطلق عليه حازم القرطاجني(إحكام التأليف)، وبين المرئي والمسموع، والفكرة، والصورة. ذاك أن الجواهري، وكان قال فيما يراه (قصيدة عصماء):
  
أنا لا أرى العصماءَ غَيْرَ عقيدةٍ

مُنْسَابةٍ في فكرةٍ عصماءِ

 
ومن الأمثلة على التواشج بين الزمان والمكان، في الوطن
أو الغُربة، هذه الأبيات من قصيدته (خلّي ركابِك) - براغ 1973:
 خلّي ركابكِ عالقاً بركابي 

قصَرُ الطريق بُطبل في أَتعابي 

 
 سأَضُمُّ في قبري لتُؤْنسَ وحشتي 

رَعْشَ الشفاهِ، ورجفةَ الأَهدابِ

 
 قَسماً بعينيكِ اللتين استودعا

سِرَّ الحياةِ، وحيرةَ الأَلبابِ

 
 نحن السبايا "أربعٌ" في غربةٍ: 

أنا، والهوى، ويدي، وكأسُ شرابي 

 
 قد كنتُ أُصْعَقُ في حضوركِ دهشةً

فتصوّريني مِنْكِ رَهْنَ غيابِ

 
ومن ذلك قصيدته (1969):
 أَرِحْ ركابَكَ من أَيْنٍ ومن عَثَر 

كفاك جيلان محمولاً على خَطَرِ

 
وبين المرئي والمسموع، قصيدته (يا دجلة الخير):
 يا دجلة الخير، يا أطيافَ ساحرةٍ

يا خمر خابيةٍ في ظل عرجونِ

 
  
يا سكتة الموت، يا إعصار زوبعةٍ

يا خنجر الغدر، يا أغصان زيتون

 
حيث يتعانق الأصوات والصور المرئية لتؤثّث ظاهرة معنوية عاطفية ذات دلالات اجتماعية -وسياسية إلى حدّ ما..
وأخيراً هذا التلاحم بين الفكرة والصورة في قصيدة (لبنان- 1932) وبين الإحساس بالكهولة والشعور بالزوال -الموت:
 أرجعي ما استطعت لي من شبابي 

يا سهولاً تدثّرت بالهضابِ

 
 غسلَ البحر أَخمَصيْها، ورشّتْ 

عبقاتُ الندى جباهَ الروابي 

 
وقوله:
 لبتَ السماءَ الأرضَ، لبتَ مدارها 

للعبقريّ به مكانُ شِهابِ

 
 أنا أبغضُ الموتَ اللئيم وطيفَهُ

بُغْضي طيوفَ مخاتل نصّابِ

 
 يَهَبُ الردى شيخوختي ويقيتُها 

بكهولتي، ويقيتُها بشبابي 

 
 ذئبٌ ترصّدني وفوق نيوبهِ 

دَم إخوتي وأَقاربي وصحابي 

 
المصادر:
1-ديوان الجواهري: جمعه وحقّقه وأشرف على طبعه: د. إبراهيم السامرائي، د. مهدي المخزومي، د. علي جواد الطاهر، والأستاذ رشيد بكناش، مطبعة الأديب البغدادية- 1973/ اصدار وزارة الإعلام -بغداد -سلسلة ديوان الشعر العربي -رقم 33- ستة أجزاء. وضمن الجزء الأول -كلمات علي الشرقي، والشبيبي، وآل كاشف الغطاء وآخرون.
2-الموازنة للآمدي: 1/15
3-المنهاج- للقرطاجني- ص366/ وقراءتنا لهذا الكتاب -قراءة جديدة- مجلة (المجلة الثقافية) تصدر عن الجامعة الأردنية ع(40) كانون أول - آذار 1996-1997 ص147-168
4-دلائل الأعجاز -للجرجاني
5-ومقالنا: الجواهري وعمود الشعر: (المجلة الثقافية) تصدرها الجامعة الأردنية -ع(42)- 1997- ص103-106.



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى