كثيراً ما أحاول تذكر الأنبياء وجوههم قاماتهم مشيتهم وطريقة كلامهم وابتسامهم ,وكم يدهشني أن يصل مدى تفكيري لتقدير كم صبروا وكم عانوا وكم تألموا
أتخيلهم وحيدين وحيدين يتأملون أسرار الكون ينبشون فضائلهم يتناولون رحيقها الإلهي ويطيرون في فضاء من شكوى وأنين وحزن وتراتيل من دعاء لا ينتهي
لكنهم دوماً يعيشون مع نشوة الفرح لأن قلوبهم ترنو إلى أعماق الحق والفضيلة .
وعندما ينسج العنكبوت بيته ويتباهى بمتانته ويقسم أنه بخيوطه يصطاد ويسير بمهارة ويتبادل المحبة مع أنثاه وينظربتعال للارض وللنهر ولجذور الشجر ويركن لوهمه وفراغ قلبه
فيسخر من الهواء والشمس والأفق البعيد
يأتي النبي الهادئ الممتلئ يحمل معه صوت الريح وهزيع الرعد ولطافة النور والظل والنسيم
يأتي بكل شوقه للعمل مكللاً بقداسة المسيرة ونبل الغاية
فيتواضع للأرض ويمتزج مع التراب ويفتح جسده على دغدغات الهواء وقبلات السنا ويطلق أغانيه عبر المروج وعبر ألوان الزهر وتكورات الثمر ووشوشات القمح
عندها
لا يكون النبي وحيد
والعنكبوت يكون واهن واهن
والأغنية وموسيقاها تتردد في كل الأرجاء تنتظر من يفك نوتتها بعيداً عن العناكب وخيوط العناكب