أولا ـ تعريف القافية : اختلف الدارسون بوصف مصطلح القافية كجزء معين من البيت الشعري فمنهم من جعل القافية آخر جزء من البيت بمعنى آخر تفعيلة ... وهناك من يرى أن القافية هي الكلمة الأخيرة من البيت ... ورجح بعضهم أن القافية هي حرف الروي (سيأتي ذكره فيما بعد) ... ويحدد الخليل بن احمد صاحب علم العروض القافية بأنها : من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه من قبله مع حركة الحرف الذي قبل الساكن ... وعليه تكون القافية بعض من كلمة أو كلمة أو كلمتين .
فتكون كلمة كما قال الشاعر امرئ القيس :


على العقب جياش كأن اهتزامه **** إذا جاش فيه حميه غلي مرجلِ

فالقافية هنا( مِرْجَلِي ) من الياء الساكنة الناتجة عن الإشباع( سيأتي ذكرها فيما بعد ) إلى الميم المتحركة قبل الراء الساكنة ... وقد تكون القافية بعض كلمة كما قال الشاعر ...


يزل الغلام الخف عن صهواته **** ويلوي بأثواب العنيف المُثْـقَـلِ


فالقافية من الثاء إلى آخر الكلمة فتكون ( ثقلِي ) هي القافية , وقد تكون كلمتين كما قال الشاعر...

مكــر مفــر مقبــل مدبــر معـا **** كجلمود صخر حطه السيل من علِ


فالقافية هنا ( من علي ) من أول الميم المتحركة إلى الياء الساكنة الناتجة من إشباع لام " علِ " . فرأي الخليل بن احمد بني علي الإيقاع السمعي والتوالي المقطعي .
ويمكن تعريف القافية على أنها " ما يلزم الشاعر تكراره في كل بيت " .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ثانياً ـ ألقاب حروف القافية : حروف القافية هي ما يلزم في قوافي القصيدة من أولها إلى آخرها وهي : الروي , الوصل , الردف , التأسيس , الدخيل , الخروج . وكل قافية لابد أن يكون فيها حرف الروي لذلك يُعد أهم حرف في القافية وليس من اللازم أن يوجد الوصل والردف والتأسيس والدخيل والخروج ولكن إذا جاء شيء منها في القافية مع الروي فلابد أن يلزم تكراره في كل أبيات القصيدة .
أ ـ الروي : هو أبرز الحروف في القافية وهو الذي يلزم تكراره في كل بيت وتنسب إليه القصيدة فيقال " نونية أو ميمية أو رائية ....
قال الشاعر .....


ليالي بعد الظاعنين شكول **** طوال وليل العاشقين طويلُ


يُبِن لي البدر الذي لااريده **** ويخفين بدراً ما إليه سبيـلُ


فالروي هنا هو حرف ( اللام ) والقصيدة لامية.
ب ـ الوصل : هو الحركة الطويلة الناتجة عن إشباع حركة حرف الروي بمعنى آخر هو الألف والواو والياء والهاء التي لا تصلح أن تكون رويا . فمثال الألف في قول الشاعر :


احب الفتى ينفي الفواحش سمعه **** كأن به عن كل فاحشة وقرا


فالروي حرف الراء ... والوصل حرف الألف .
ومثال الواو قول الشاعر :


ان يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا **** مني وما سمعوا من صالح دفنوا


جهلاً علي وجبنــا عــن عدوهــم **** لبئست الخلتان الجهــل والجبـنُ


فالروي حرف النون ... والوصل حرف الواو
ج ـ الردْف :هو حرف المد أو اللين الذي يسبق حرف الروي دون فاصل وحروف المد هي الألف أو الياء المسبوقة بكسرة والواو المضموم ما قبلها , وحروف اللين هي الألف أو الواو المفتوح ما قبلهما .
ومثاله قول الشاعر ...


أُعطيتَ من نفحات الحسن أسناها **** وفقتَ من نفحات الطيب أذكاها


فالروي حرف الهاء ... والوصل حرف الألف في آخر البيت الناتج من إشباع حركة حرف الروي ... والردف هو حرف الألف .
وكذلك قول الشاعر ...


رق له إن كنت مولاه **** وارحم فقد اشمتَ أعداه


الروي حرف الهاء ... والوصل حرف الواو الناتج من إشباع حركة الروي ... والردف هو حرف الألف . وكذلك قول الشاعر

ترى الرجل النحيف فتزدريه **** وفي أثوابه أسد مـزيـرُ


فالروي هنا حرف الراء ... والوصل حرف الواو الناتج عن إشباع حركة الروي ... والردف هو حرف الياء .
ملاحظة: إذا كانت حركة الروي فتحة فان الحرف الناتج عن إشباعها هو حرف الألف وإذا كانت ضمة كان الحرف الناتج عن الإشباع هو الواو وإذا كانت كسرة فان الحرف الناتج عن إشباع حركة الروي هو الياء .
د ـ التأسيس : هو الألف التي تسبق الروي ويكون بينها وبين الروي حرف واحد على أن تكون هذه الألف من الكلمة نفسها .
مثاله قول الشاعر ...


وإذا خليلك لم يدم لك وصله **** فاقطع لبانته بحرفٍ ضامرِ


الروي هنا حرف الراء ... والوصل حرف الياء الناتج عن إشباع حركة حرف الروي ... ولا يوجد ردف ... والتأسيس حرف الألف التي تسبق الميم .
هـ ـ الدخيل :هو الحرف المتحرك الفاصل بين ألف التأسيس وحرف الروي وهذا الحرف لا يلزم أن يكون حرفا معينا يتكرر في القافية , بل يلزم أن يكون حرف بين التأسيس والروي .
ومثاله قول الشاعر ....


وإذا خليـلك لم يـدم لـك وصلـه **** فاقطـع لبانتـه بحـرفٍ ضامرِ


وجناء مجفرة الضلوع رجيلة **** ولقى الهواجر ذات خلق حادرِ


فالروي في البيتين هو حرف الراء ... والوصل حرف الياء الناتج عن إشباع حركة حرف الروي ... ولا يوجد ردف ... والتأسيس حرف الألف ... وحرف الدخيل في البيت الأول حرف الميم ... وفي البيت الثاني حرف الدال .
و ـ الخروج :هو حرف المد الذي ينشأ عن إشباع حركة هاء الوصل .
ومثاله قول الشاعر ...


كأن على قلبي قطاة تذكرتْ **** على ظمأ ِورداً فهزت جناحها


الروي هنا حرف الحاء ... والوصل حرف الهاء ... والردف حرف الألف التي قبل الحاء ( الروي) ... ولا يوجد تأسيس ... ولا يوجد دخيل ... والخروج هو حرف الألف في آخر البيت .
نقاط مهمة من خلال ملاحظاتي :
· لا يجتمع الردف والتأسيس في قافية واحدة .
· الدخيل يظهر في القافية التي بها تأسيس فهو يعتبر دخيلا بين ألف التأسيس وحرف والروي وبالتالي لا يظهر مع الردف .
· الوصل هو حروف المد الناتجة من إشباع حركة الروي وقد يكون هاء الوصل فإذا كان الوصل هاءاً أصبحت حروف المد الناتجة عن إشباع حركة هاء الوصل خروجا
مثال .... نفس مثالنا السابق في حرف الخروج


كأن على قلبي قطاة تذكرتْ **** على ظمأ ِورداً فهزت جناحها


الروي هنا حرف الحاء ... والوصل حرف الهاء ... والردف حرف الألف التي قبل الحاء ( الروي) ... ولا يوجد تأسيس ... ولا يوجد دخيل ... والخروج هو حرف الألف في آخر البيت والناتج من إشباع حركة هاء الوصل .
ولو غيرنا في قافية البيت (جناحا بدلا من جناحها) ليصبح البيت :


كأن على قلبي قطاة تذكرتْ **** على ظمأ ِورداً فهزت جناحا

ففي هذه الحالة يصبح الروي حرف الحاء ... والوصل حرف الألف والناتج من إشباع حركة حرف الروي ... والردف حرف الألف التي قبل الحاء ( الروي) ... ولا يوجد تأسيس ... ولا يوجد دخيل ... ولا يوجد خروج .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ثالثاً ـ أنواع القافية : تتنوع القافية باعتبار حركة الروي إلى نوعين الأولى مطلقة وهي القافية التي يكون فيها الروي متحرك ... والثانية مقيدة وهي القافية التي يكون فيها الروي ساكن . القافية المقيدة على ثلاث صور ( مقيد مجرد , ومقيد بتأسيس , ومقيد بردف ) والقافية المطلقة على ست صور (مطلق مجرد , مطلق بخروج , مطلق بردف , مطلق بردف وخروج , مطلق بتأسيس , مطلق بتأسيس وخروج ) .
ويمكن تقسيم القافية من حيث عدد الحركات بين الساكنين في آخر البيت إلى خمسة أقسام هي المتكاوس وهو ماكان فيه أربعة أحرف متحركة بين ساكنين في آخر البيت . والمتراكب وهو ماكان فيه ثلاثة أحرف متحركة بين ساكنين في آخر البيت . والمتداِرك وهو ماكان بين الساكنين حرفان متحركان . والمتواتر هو ما جاء بين ساكنيه حرف متحرك . والمترادف هو ماكان ساكناه الأخيران غير مفصولين بحركة بل يجتمع فيه الساكنان وسمي بذلك لان احد الساكنين ردف للآخر .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


رابعاً ـ ألقاب حركات القافية : هذه الحركات هي ست وهي المجرى , والتوجيه , والإشباع , والنفاذ , والحذو , والرس . فإذا وقع شيء منها في القافية لزم تكرارها في قوافي سائر أبيات القصيدة .
أ ـ المجرى : هو حركة الروي المتحرك ( الروي المطلق ) سواءا كانت الحركة ضمة أم فتحة أم كسرة . قال الشاعر ...


ليالي بعد الظاعنين شكول **** طوال وليل العاشقين طويلُ


الروي هنا حرف اللام ... والمجرى هو الضمة .
وقول الشاعر ....


أُعطيتَ من نفحات الحسن أسناها **** وفقتَ من نفحات الطيب أذكاها


الروي هنا حرف الهاء ... والمجرى هو الفتحة .
ب ـ التوجيه : هو حركة الحرف الذي قبل الروي الساكن ( الروي المقيد ) ومثاله قول الشاعر ...


زيدي أذى مهجتي ازدكِ هوى **** فاجهل الناس عاشق حاقِدْ


فالروي هنا الدال الساكنة ... والتوجيه هو الكسرة .
ج ـ الإشباع : هو حركة الدخيل في القافية المؤسسة المطلقة الروي (الروي المتحرك)
ومثاله قول الشاعر ...


قولا خليلي لذا العاذل **** هل يجعل الجائر كالعادلِ


فالروي هنا حرف اللام ... والمجرى الكسرة ... والتأسيس حرف الألف ... والدخيل حرف الدال ... والإشباع هو الكسرة .
د ـ النفاذ : هو حركة هاء الوصل ـ وهاء الوصل تكون بعد حرف الروي ـ وقد تكون ساكنة كقول الشاعر...


وقد يتزيا بالهوى غير أهله***ويستصحب الإنسان من لا يلائمه

فالروي هنا حرف الميم ... والمجرى الضمة ... والوصل حرف الهاء ...والنفاذ السكون . وقد تتحرك هاء الوصل فينشأ عن حركتها الخروج كما ذكرنا سابقاً كقول الشاعر ...


ففي فؤاد المحب نار جوى **** أحر نار الجحيم أبردها


فالروي هنا حرف الدال ... والمجرى الضمة ... والوصل حرف الهاء ... والنفاذ الفتحة (حركة هاء الوصل) ... ولا يوجد توجيه ... ولا يوجد إشباع ... والخروج حرف الألف ... ولا يوجد تأسيس ... ولا يوجد دخيل .
و ـ الحذو : هو حركة الحرف ما قبل الردف وقد مر سابقا أن الردف يكون حرف مد أو لين ( سبق بيانهما في شرح الردف) ... فإذا كان الردف حرف مد اقتضى أن تكون حركة الحرف الذي قبله (الحذو) مناسبة له ... فتكون ضمة قبل الواو وكسرة قبل الياء وفتحة قبل الألف .
كقول الشاعر ...


مالنا كلنا جو يا رسول الله **** أنا أهوى وقلبك المتبولُ


فالروي هنا حرف اللام ... والمجرى الضمة ... ولا يوجد توجيه ... والردف هو الواو ... والحذو هو الضمة (حركة حرف الباء) ...ولا يوجد تأسيس ... ولا يوجد دخيل ...ولا يوجد خروج .
أما إذا كان الردف حرف لين (الواو والياء الساكنتين) كان الحذو فتحة لا غير .
كقول الشاعر ...


حليف ندى وترب علا اذا ما **** هتفت به وسيف خليفتينِ


الروي هنا حرف النون ... والمجرى الكسرة ... ولا يوجد توجيه ... والردف هو الياء ... والحذو هو الفتحة (حركة حرف التاء) ...ولا يوجد تأسيس ... ولا يوجد دخيل ... ولا يوجد خروج .
ز ـ الرس : هو حركة ما قبل ألف التأسيس , ولا يكون إلا فتحة .
كقول الشاعر ...


دفعناكم بالقول حتى بطرتم **** وبالراح حتى كان دفع الأصابع

فالروي هنا حرف العين ... والمجرى الكسرة ... والتأسيس الألف ... والدخيل حرف الباء ... والإشباع هو الكسرة (حركة الدخيل ) ... والرس الفتحة (حركة حرف الصاد).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ