وهو وإن كان من أنواع البديع لكن لما كان البحث هناك على وجه كلي في مطلق الكلام، وهنا على وجه جزئي في كلام منقول عن الفضلاء، والبلغاء أفردوه بالتدوين، وجعلوه فرعاً على البديع، أو على المحاضرات‏.‏

وهو‏:‏ علم باحث عن اللفظين الذين بينهما تشابه في اللفظ فقط، أو فيه، وفي الخط مع تغايرهما في المعاني، وإلا فلا تجنيس أصلاً‏.‏

ووجوه التشابه، وأقسامه‏:‏ مذكورة في موضعها، وليس هذا المقام موضع الاستقصاء فيه قبل التجنيس على نوعين‏:‏ جناس شكلي، وجناس غير شكلي، قال أبو الفتح البستي‏:‏ من أصلح فاسده أرغم حاسده؛ ومن أطاع غضبه أضاع أدبه؛ عادات السادات سادات العادات؛ من سعادة جدك، وقوفك عند حدك؛ الروشة رشا الحاجات؛ المنية تضحك من الأمنية؛ حد العفاف الرضا بالكفاف؛ ومن ذلك قول رشيد الدين الوطواط‏:‏ رَبّ رُبّ غني غي سرّته شرِته فجاءه فجاءة بعد بُعد عشرته عسرته، أي‏:‏ يا رب كم من غني متصف بالغباوة سرته إضراره بالناس حتى جاءه بغته بعد طول معاشرته، ونعمه العسر، والفقر‏.‏

ومنه‏:‏ إن لم يكن لنا حظ في درك درك، فخلصنا من شرك شرك‏.‏

ومنه‏:‏ إن أخليتنا من مبارك مبارك، فأرحنا من معارك معارك‏.‏ ‏(‏2/ 217‏)‏

ومن غرائب التجنيس، قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -‏:‏ عزك عزل فصار قصارى ذلك فاخش فاحش فعلك، وفعلك تهدى بهذا، فأجابه معاوية‏:‏ على قدري غلى قدري‏.‏


منقول من كتاب أبجد العلوم للتانوقجي





>>>>>>>>>>>>>>>>>>