الأديب الدكتور مقداد رحيم على كرسي الاعتراف















القسم الأول
المكان: ديوان ومنتديات النيل والفرات
التاريخ: 31/3/2009
أجرى الحوار: سعد الشمري

.....................................................
سعد الشمري:

بدأ من هنا من منتديات ديوان النيل والفرات مع الأديب والشاعر والناقد العراقي
د. مقداد رحيم الذي أيْقَظ من خلال شعره الرائع تبختر الكلمة في دهشة لا تنتهي .
كتب عن الاغتراب والحنين إلى الوطن وصف النبضة المذبوحة على مقصلة الزمن الأعوج !!
كتب عن الوقت المستمر بالانحدار، حيث قال:

أَشـكُرُ الوَقتَ إِذَا لَــمْ
يَــكُ كَالعَادَةِ نَـــذْلا

أي ألمح من خلال رسمه للكلمات سرعة الفطنة وحِدّة القلب
في لسانه البلاغة، وفي وجهه الحُسْن، وفي قلبه الذَّكاء .

تكرّماً سيدي نطمع من خلال هذه الاستضافة
أن نكون أكثر لطافة معك وأعذب حديثاً إليك
فلتمنحنا بعض لحظاتك نتسلل عبرها إلى ذاتك ..
فأهلا بك على كرسي الاعتراف، وحبذا لو وضعت أمامنا
سيرتك الذاتية ونشاطاتك الأدبية.

ولي عودة للحوار برفقة أستاذي القدير الشاعر فارس الهيتي
وأعضاء الديوان الكرام .

وحتى ذلك الحين أتركك برعاية الله وإكليل من الورد ..

محبتي ..
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

مقداد رحيم:

________________________________________
أخي الأديب الإنسان الرائع سعد الشمري

أشكر مبادرتك الكريمة هذه باستضافتي
حيث أحبابي هنا
ولا أستغني عن باقة محبتك،
وأرحب بعودتك وأخي الحبيب فارس الهيتي
وسأنجز ما طلبتَ في خطوة مقبلة.
ويملؤني سرور،
ويحملني اعتزاز.


...


مقــداد رحيم في سطور




* شاعر وناقد وباحث أكاديمي عراقي.
* ولد ببغداد في العام 1953، وبها أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية.
* نال شهادة البكالوريوس في اللغة العربيّة من الجامعة المستنصريّة ببغداد سنة 1977.
ثم شهادة الماجستير في اللغة العربية و آدابها 1982.
وشهادة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية و آدابها من جامعة بغداد 1989.
* عمل في الصحافة محرراً ثقافياً 1977-1979، وكاتباً مشاركاً فيما بعد.
* زاول التدريس الجامعي، ورئاسة قسم اللغة في كلية الآداب جامعة البصرة،
وألقى محاضراته على طلبة الدراسات الأولية والعليا في الأدب العربي، ولاسيما الأدب الأندلسي تخصصه الأول،
والنقد الأدبي وعلم العروض، في جامعتي بغداد والبصرة في العراق 1982-1992،
وجامعة التحدي في ليبيا 1992-1996،
واللغة لغير الناطقين بها في جامعة غوتنبرغ والجامعة الشعبية في السويد.
* أسهم في المؤتمرات العلمية العربية والعالمية والندوات في مجال الأدب العربي والأندلسي، وتحقيق التراث، والنقد الأدبي، والدراسات المورسكية، والبحث العلمي.
* صدر له في مجال الدراسات:
النوريات في الشعر الأندلسي- بيروت- 1986.
نظرية نشأة الموشحات الأندلسية بين العرب والمستشرقين- بغداد-1986.
الموشحات في بلاد الشام منذ نشأتها حتى نهاية القرن الثاني عشر الهجري- بيروت-1987.
عروض الموشحات الأندلسية-بغداد-1990.
أبحاث في الأدب الأندلسي- ليبيا- 1994.
دراسات في تاريخ الخليج والجزيرة العربية – المكتب الجامعي الحديث- 1998..
مصادر التراث الأندلسي من كتاب كشف الظنون- أبوظبي- 1999.
اتجاهات نقد الشعر في الأندلس في عصر بني الأحمر- أبوظبي- 2000.
نقد الشعر في الأندلس: قضايا و مواقف- دار أزمنة- عمّان- 2007.
رثاء النفس في الشعر الأندلسي- دار جهينة – عمّان- 2007.
الحروفي – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت- 2007.
وسيصدر له قريباً جداً (معجم الجملة الأسبانية المفيدة) في عمَّان.
فضلاً عن مجموعة كبيرة من الأبحاث المشورة في المجلات والدوريات المحكَّمة، ومجموعة كبيرة من المقالات المنشورة في الصحف والمجلات في قضايا الأدب والنقد والثقافة والتراث العربي.
* وله في مجال الإبداع (الشعر):
الحب مرَّتين- بغداد-1975.
لا شيء سوى الحب- بغداد-1980.
عفواً أيها الساتر -بغداد-1988.
ليلة شهرزاد الأخيرة- القاهرة- 2003.
مجمرة النبض- دار أزمنة – عمان- 2007.
وسيصدر له قريباً جداً (ما لم يقله ابن زيدون لولادة بنت المستكفي)
وينـتظر الطبع: (بكاء النخيل).
* عضو اتحاد الكتّاب السويديين، وعضو المجمع اللغوي السويدي، ومنتدى الشعر السويدي،
ورابطة شعراء العالم.
* مقيم في السويد منذ العام 1996.

...
.......
سعد الشمري

أخي العزيز الشاعر د.مقداد رحيم

والآن، الآن مقداد رحيم في سطور سعد الشمري المتواضة جدا ومعها خجلي.
سيدي ما أنت إلا موسوعة علمية صهرتها الدراسة وأنضجتها الخبرة.

فهنيئا للعرب وللعراقيين خاصة هذا القنديل الذي بزغ من أرض العراق
ليرسل أشعته إلى القصيدة العربية وإلى الشعر بعوالمه.

وفي هذه اللحظة ها أنت تحلق في سماء الديوان
أنت فيها كل النجوم وكل الكواكب.

ومن على هذا المنبر نحتضنك بكثير من الدفء وحرارة الترحاب والاعتزاز.


القدير الشاعر د.مقداد رحيم

هل حصلت على تكريم أدبي أو جائزة أدبية في مراحل اشغالك الماضية؟


كل الود والمحبة أخي د.مقداد رحيم
وإلى لقاء ..



..................
مقداد رحيم:

نعم أيها السعد العزيز،
حصلتُ على جوائز كثيرة لا حصر لها، آخرها ما أتحفتَني به أنتَ هذا اليوم من محبة وكلام يُسعد الروح سعادةً لا تـَطلبُ أبعد منها، وسأضيفها إلى سجل الجوائز التي حصلتُ عليها من لدن المحبين ممن سبقوك. ومن تلك الجوائز أن يُنتَخبَ بعض مؤلفاتي مادة دراسية للمراحل الأولية والعليا في بعض الجامعات العربية.
أما الجوائز والتكريمات المؤسساتية فلم أتقدم لنيل أي جائزة منها لِعلةٍ فيَّ أنا... عِلةٍ قديمة، وما زلتُ لا أنوي التخلص منها.
قلبي مُفعَـمٌ بالسعادة.
........................................................................
سعد الشمري :

أديبنا الكبير الفاضل د. مقداد رحيم


رغبة منا أن نفتش في أوراقك لمحاولة الاقتراب منك
أكثر وأكثر، لذا نأمل المعرفة عن حالتك الإجتماعية.

بك يطيب المكان ويتورد الزمان.


إلى لقاء ..
..................
مقداد رحيم:
في بيتي زوجة وطفلتان، يقاسمنني ويلات الغـُربة.
.............................................................................


سعد الشمري :


صافحت وجدان الاجوبة بداية اللحظة .. ياصديقي
فمازالت الحروف تتلو أبتهالات الألق على قلوبنا .. يا الله ..


الأديب مقداد رحيم ..

قصيدة "وطني"



لي وطنٌ عشِقْتُ أَفلاكَـهُ
وشَمسَـهُ تَدخُـلُ شُبَّاكَـهُ
وأرضَهُ وقدْ تَحلَّـتْ بِمـا
قدْ نَسَجَ اللهُ ومـا حاكَـهُ
ودجلةً يَجري بِـهِ مـاؤهُ
تَرى على الشاطئِ أَسماكَهُ
وكُلَّما سَمِعتُ عَـنْ جَنَّـةٍ
ساحِرةٍ قلتُ: إذنْ ذاكَ هُو
فَإنْ تَدانيتُ إلـى غَيـرِهِ
نَسيتُ في الغُربةِ أَشواكَهُ
أَلومُ مَنْ حَجَّ إلـى غيـرِهِ
ودائمـاً أَلعَـنُ نُسَّـاكَـهُ
لكنَّـهُ أَصبـحَ مُستهتِـراً
يَهـوى الطُّغـاةَ وفُتَّاكَـهُ
وهُمْ كثيـرونَ يَرومونـهُ
وكُـلُّ مَـنْ مَـرَّ بـهِ !
وأَعلنَ الدوامَ فـي هَتْكِـهِ
وبَعدَ ما لاط َ بِـهِ لاكَـهُ
وقالَ بعدَ النَّهْبِ مِنْ خَيرِهِ:
أنا الذي خيركَ أَعطاكَـهُ
وسيِّداً ظَـلَّ لـهُ ماجـداً
وظَلَّ طولَ الوقتِ أَفَّاكَـهُ
يَلعبُ ما أَجمـلَ أَلعابَـهُ!
يَسمنُ ما أَثقَلَ أَوراكَـهُ !
يَرمي ليَ البائتَ مِنْ خُبزِهِ
وبعدَ ذا أَلعقُ مِسْواكَـهُ !
حتَّى متى أُذَلُّ في أرضِهِ؟
مِنْ وطنٍ يَعـزُّ هُتَّاكَـهُ !
ولا يرى بَأْساً إذا ما دَمي
سالَ، وأَنْ أَمـدحَ سَفَّاكَـهُ
فلا أرى العيشَ بِهِ راضياً
ولا أنا الراغبُ أَملاكَـهُ !
هذا أَوانُ الأُنسِ في بُعْـدِهِ
ما أَحسنَ البُعدَ وإِدراكَهُ !

مقداد رحيم
نيسان 1994

لمست أنها تحمل شيئا من أوجاع منزوية هناك !!

* هل هذه القصيدة تعتبر البدء بلملمة حقائب الرحيل وترك فردوس الوطن؟
علما بأن قصيدتك هذه قد رأت النور في عام 1994
أي سبقت الرحيل إلى السويد بعامين.

عفوا سيدي لوضع القصيدة أعلاه كونها تحمل كل أبعاد الشجن ولربما أشياء أخرى !!
....................
مقداد رحيم:

شكراً لاهتمامك الغالي أخي سعـد:
أما هذه القصيدة فقد كتبتها قبل السويد بسنتين، وبعد العراق بسنتين، فقد غادرتُ العراق، وبدأتُ مشوار التغرب منذ العام 1992، حيث عملتُ أستاذاً في إحدى الجامعات الليبية لمدة أربع سنوات.
سعد الشمري:
* هل يكتب مقداد رحيم شعره في فضاء حر في الحركة الاجتماعية في مجمل صورها الثقافية والسياسية ؟؟
مقداد رحيم:
يؤسفني أنني لا أملك الحرية المطلقة في الكتابة.
سعد الشمري:
* هل يدرك مقداد رحيم إلى أين تذهب القصيدة بعد كتابتها وإلى أين سيتجه القارئ بعد الانتهاء منها؟
مقداد رحيم:
أكتب في أغلب الأحيان لأبدد انفعالاً، وألبِّي حاجة في نفسي، دون أن أقصد قصداً مسبقاً هدف القصيدة وإلى أين يجب أن تتجه، وجميع قصائدي الصالحة للنشر تتجه إلى القارئ المهتم المتذوق المستفيد، ولا أعبأ بمن سواه، وبعض قصائدي انتـُخبتْ سفيراً بين العشاق، والبعض الآخر انتخبتها بعض المواقع الثقافية لمناسبتها مع أهدافها، وهكذا.
سعد الشمري:
* هل المنفى بستان يزهر فيه الإبداع أم أنه معول اقتلاع للمبدعين من تربتهم؟
مقداد رحيم:
المنفى قفص أتاح لنا الاستمتاع بأجمل الألحان مما زقزق به المنفيون، وطوَّل أحزانهم، وقصَّر أعمارهم، فهو سلاح ذو حدَّين.

أجد في شعر العراقيين تفهماً وحساً قريباً من مآسي الوطن.

سعد الشمري:
* فهل سيستمر هذا القول الابداعي ؟
مقداد رحيم:
نعم، هو ذاك.
قال الله تعالى ( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ )

ولرغبتي في معرفة الحقيقه، فسؤالي:
سعد الشمري:
* ترى من هم "الْغَاوُونَ" ؟ .
مقداد رحيم:
كان المقصود بالغاوين في الآية الكريمة رواة الشعـر على ما قاله ابن عباس، وشياطين الشعر على ما قاله مجاهد وقتادة، وسفهاء المشركين الذين يتبعون شعراءهم على ما قاله ابن عطية. وللاستزادة يمكن النظر في الجزء السابع من كتاب "البحر المحيط" لابن عربي، ص94.
وإلا فإن الرسول محمداً عليه الصلاة والسلام كان يستحسن الشعر ويثيب عليه، ويستمع إلى رواته، ويقرب الشعراء المؤمنين، من أمثال كعب بن مالك وكعب بن زهير وحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة.


سعد الشمري:

وبك يطيب المكان ويتورد الزمان.

إلى لقاء ..


.....................................
سعد الشمري :

قنديل الأدب الحبيب مقداد .. دعني أسكن هنا - ولا أغادر!!
مقداد رحيم:
بكَ يدفأ المكان، فلا تغادر إلا مُحتاجاً، ولا نقبلُ إلا مضطرين.

عن الشاعر (( نصيب )) قوله:
أهيم بدعد ما حبيت فإن أمت فوا حزنا من ذا يهيم بها بعدي
فقال بعض من حضر: أساء القول . أيحزن لمن يهيم بها بعده ، فقال به عبد الملك ابن مروان: لو كانت قائلاً فماذا تقول ؟ قال :
…........................ أو كل بدعد من يهيم بها بعدي
فقال عبد الملك : أنت أسوأ قولا ، والأفضل لو قال:
أهيم بدعد ما حبيت فإن أمت فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي

ألم تلحظ كيف كانت أختلاف وجهات النظر مقداد؟!
مقداد رحيم:
ولي وجهة نظر أخرى أخي سعـد، وأرى خطأ الرأيين معاً، فالأول يجعل من الشاعر ديوثاً يقود العاشقين إلى معشوقته بعد موته، والثاني يجعله أنانياً يحبس حياتها بعد موته، ويحصرها فيه وحده،
وأرى أن الشاعر لا يسأل عمن سوف يهيم بمعشوقته بعد موته،
فذلك مما لا يقبله عقل لعاقـل، بل يحزن لأن أحداً ما سيهيم بها بعده، وهذا مما لابد منه، فيكون له شريكاً فيها، فتعتمل الغيرة في نفسه عليها، والدليل على إرادته هذا المعنى قول "فوا حزناً".
إن عبارة "وا حزناً" هي محور القضية، ومفتاح المعنى.
سعد الشمري:
فبرأيي أن النقد ملاحظة فردية، تقوم على الذوق الشخصي
* فما رأي أستاذي؟ وهل ننتظر حتى يتفق النقاد؟!
مقداد رحيم:
النقد ملاحظة فردية تقوم على الذوق الشخصي، ولكنها ينبغي أن تكون منضبطة مُقنِعة بقوة الرأي، وصواب الحجة، فالذوق وحده لا يكفي، وإنما للنقد قواعده وأصوله واتجاهاته، وعلى الناقد أن يقوم بدور المحامي الذي يُدافع عن رأيه بالحجة والبيان، دون أن ينسى أن قوة الرأي من قوة دليله، فضلاً عن ثقافة شاملة، وسعة أفق في المعرفة.
أما نحن فيجب أن ننتظر الناقد الحصيف الذي يقول الرأي ويقدم له الدليل القوي المقنع، ويكتبُ لنا نقداً مُبدَعَـاً.
سعد الشمري:
الصمت .. حديث بارع .. فهل نحب بـصمت؟؟
مقداد رحيم:

إذا اضطـُررنا، فـَـنـَعَـمْ!
سعد الشمري:
أن كان الحب أعمى، فمتى يبصر؟!
مقداد رحيم:
إذا أبصر الحبُّ، لم يعـدْ حُـبَّـاً !
سعد الشمري:


ويلح السؤال !!

أصبح جمال المرأة في حقيبتها، فعما نبحث في هذا الكائن المهيمن؟
مقداد رحيم:
نبحثُ عن جمال ٍ لا تحمله حقيبة!.
.
.
سعد الشمري:
للترفيه فقط ..
واحد متزوج طبعاً قاعد يطالع في عقد الزواج حقه ..
قامت الزوجه ..
وبكل ثقة: انت مش مصدق يا حبيبي إننا تزوجنا!! هه ..

قال لها: لا ..
بس أدور فين كاتبين تاريخ إنتهاء العقد !!
مقداد رحيم:
وآخر قالت له زوجته: ألا تـذبح خروفاً بمناسبة عيد زواجنا؟
فقال لها: وما ذنب الخروف يموت من أجل غلطة حمار؟!
سعد الشمري:
الحبيب مقداد ..
لن أطيل الغيبة .. بعد ثلاثة أيام سأعود ..
ولأجلك تجب العودة ..
ونلتقي .. بعمق المحبة ..

محبتي بصدق ..

مقداد رحيم:

أنتظرك أيها الأخ الرائع
وتصحبك السلامة
حتى تعود.

...................................
سعد الشمري :



أَيَا مَنْ سارَ في الدُّنيـا عَليمـاً
وأمْضى العُمْرَ في عِلْمٍ مِثَالِ
وأهْدَرَ وقْتَهُ فِيمَـا سيبقـى
ليقبسَ مِن سِرَاجٍ أوْ هِـلَالِ
بِكَ الدَّنيا تنالُ السَبْق فَخْـراً
أَليسَ مَصِيرُ ذَلك للكمَـالِ؟

شعر/ سعد - تقديرا لـ د. مقداد رحيم

أخي الحبيب مقداد أرجو قبول مقطوعتي، وأعتذر إذا لم تكن في قدر مقامك السامي.

مقداد رحيم:

إلى سعد الشمري

حَيـيتَ أخاً على بُعدٍ حَبيـباً
............ ونلتَ السعدَ حالاً بعد حالِ
وقد بالغتَ في نَعْتي وإغنَى
............ قصيدُكَ عن كثير ٍ مِنْ مقال ِ
فإنْ لم أجنِ من دنيايَ شيئاً
............ وعزَّ عليَّ نَـزْرٌ مِن مَـنالِ
فحبُّ الناس لي عزٌّ وفخرٌ
........... وأغلى ما جنيتُ من المعالي
وقد تَخفَى على عَيْـنَيْ حبيبٍ
............ عيوبٌ تستطيلُ على السجالِ!
.....
8-4-2009
..........................................
سعد الشمري :

* ما تقييمكم لبرنامج أمير الشعراء ؟
وكيف تكسب القصيدة خصائصها عندما يُطلب من الشاعر
تأليف قصيدة دون أن تتأثر مشاعره في مشهد ما؟

...............
مقداد رحيم:
أما برنامج أمير الشعراء فلم يتيسر لي أن أتابعه.
وأما الشعر الذي يكتبه الشاعر استجابة لطلب الآخرين فهو شعر مصنوع لا مطبوع، ويخلو من صدق التجربة، وحرارة النسيج، وسينزل بارداً وباهتاً في قلب المتلقِّي.

سعد الشمري:

أجزم بأن الشعر الفصيح قد أثبت عذوبته وذوقه وإيقاعه،
* فلماذا هجرته الحناجر الفنية؟

وللعودة إليك عذوبة.

إلى لقاء
.....................................
مقداد رحيم:
الفن الشعبي في كل زمان ومكان يكون أكثر ذيوعاً وشيوعاً بين الأوساط، وأما فن النخبة فليس هو كذلك، والشعر الفصيح في هذا العصر هو فن النخبة، ولذلك نجد الإقبال عليه محدوداً، بسبب ابتعاده عن أذواق الجمهور، أو بالأحرى ابتعاد الجمهور عنه، فهو محدود غير واسع الانتشار، بين أوساط الجماهير، وأوساط الفنانين من ذوي الحناجر.
.................................................
سعد الشمري :

• هل هناك دوافع أو أسباب وراء توجهات الأدباء السعوديين إليك؟
• ............................................................
• مقداد رحيم:
تناولتُ بالنقد والتحليل أعمال أدباء من عدد من الدول العربية، وقد كان إخوتي الأدباء السعوديون من أوائل الأدباء الذين اتصلوا بي وتوجهوا إليَّ من أقطار الوطن العربي، ورغبوا في أن أكون بينهم ومعهم وأنا في ديار الغربة، وكنتُ قد انقطعتُ تقريباً عن نظم الشعر وكتابة النقد ونشرهما ما يربو على الخمس سنوات، وهي سنوات الاغتراب الأولى، وهم الذين أيقظوا فيَّ هاجس الكتابة، وحفَّزوا فيَّ الرغبة في النشر من جديد عبر الأنترنيت بعد انقطاع علاقتي بعالم الورق، وبعد أن أخذت أشعر بعدم الجدوى من الكتابة وقد غادرتُ وطني وترسخت خطاي بعيداً عنه. وانبنت لي معهم علاقات محبة وإبداع، وأخذوا يرفدونني بما ينتجونه من إبداع، فأغنوا مكتبتي بالجديد من كتب الأدب العربي الحديث، وأنا هنا- هناك!.
ومع كل ما فعلوه من أجل ذلك فلم أوفِّهم حقهم من الكتابة عن نتاجهم الثر، كما لم أوفِّ أدباء كثيرين سواهم من أقطار الوطن العربي الأخرى.
......................................
سعـد الشمري :

* كثير ممن كتب الشعر متعمدا الإيغال في الخيال، فهل يصل بذلك إلى القاريء بسهولة؟
.......................................................
مقداد رحيم:
يعتمد فهم النص الموغل في الخيال على طريقة تناول الكاتب للمعاني والأفكار، وعلى قدرة القارئ على الفهم والتحليل، والأول يعتمد على الأسلوب والخبرة في النظم، ويعتمد الثاني على مقدار الثقافة وكثرة القراءة والتمرس.
هذا إذا لم يكن الإيغال في الخيال غرضاً بذاته لدى الكاتب، فإذا كان كذلك فمن الأفضل اطّراحه، لأنه خارج عن غايات الأدب.
....................................
سعد الشمري :

* هل ثمة مشكلات تواجهها "قراءة النصوص" أو تواجهونها أنتم بشكل خاص ؟
........................................................................................................................................
مقداد رحيم:
أواجه مشكلة الإيغال في الرمزية خلال بعض قراءاتي النقدية لبعض النصوص، واستعمال المفردة اللغوية في غير ما وُضعتْ له على سبيل الإفحاش ودعوى الإبداع، لا على سبيل الاستعمال البلاغي المُبدَع، ومثل هذه المشكلة التباس النثر بالشعر بسبب ركوب الموجة والجهل بآلية الشعر، لا بسبب طلب التحديث والتطوير، مصحوبةً بالهشاشة، فأراني أمسك عن القراءة والكتابة. على أن الإيغال في الرمزية في النص تجعل تحليله عندي مجازفة كبرى أحياناً، لأنَّ ما أراه قد يختلف تماماً عما يريده كاتب النص نفسه، وأحياناً يكتب البعض ألفاظاً تؤدي إلى معانٍ فاحشة تغيب عن باله، أو يجهلها، بسبب إعراقها في التراث أو في التاريخ أو في الأديان أو المعتقدات القديمة، فتبدو له القراءة صادمةً. هذه واحدة من مشكلات الرمزية.
وقد حدث لي أن أعدتُ كتابة مقالتين من مقالاتي النقدية بسبب أن صديقيَّ الشاعرين اعترضا على ما كتبتُ، لأنهما رأيا فيه إنقاصاً مني لتجربتهما الشعرية، فاضطررتُ أن أتناول المجموعتين الشعريتين من زاوية مختلفة تماماً.
ولديَّ مشكلة ثالثة، هي أنني أميِّز بين مُبدعٍ قديم، وآخر جديد، فأعامل القديم بشيء من الجدية والصرامة، وأعامل الجديد بشيء كثير من التبسُّط والتلطُّف، لشعوري أن الثاني ضعيف العود، فإذا ضغطتُ عليه فقد ينكسر، ولو مؤقتاً، أما المشكلة فتكمن في عدم فهم الآخرين لهذا العمل التربوي، فيظنون أنني أجامل حباً في المجاملة، أو أتغاضى عن مساوئ النص حباً في كاتبه!.
.............................................................
سعد الشمري :

أتمنى لو تزودنا بتلك القصيدة التي ألقيتها في ذلك الهواء الطلق؟


ودمت بود ..
مقداد رحيم:

كنت أقرؤ قصيدتي:
أقسى خبر



يقولون إنك أحببتِ غيري
...... وأنكرتِ حباً طغى وانتشرْ
وإنكِ باركتِ ذاك الفتى
........ فكيف أصدق هذا الخبرْ؟!
فأين الرسالاتِ خبَّأتها؟
........ وأين الهدايا، وأين الصورْ؟
وكيف تنكرت للذكرياتِ
......... وللدمع من مقلتيك ِانهمرْ؟
وللحب إذ كان نسج يديكِ
.......... وللشوق إذْ كان فيك استعرْ
يقولون: قد أنكرتْكَ لماذا؟
.......... وألفُ سؤال سواه حَضرْ
فلو سألوا الطرقاتٍِ أجابتْ
......... ولو سألوه أجابَ الحجرْ
ففي كلِّ دربٍ تركنا عبيراً
......... وفي كل شيء تركنا ذِكَرْ
(حبيبي) وألفاً سواها نطقتِ
....... وبالغتِ بالحب حتى ازدهرْ
وأما التهافُك، مازال وشماً
......... بكفِّيْ، وفي الجانبين استترْ
وأما السوابقُ من قبلاتي
......... فحسبُكِ منها تُرى بالنظرْ!
وإنْ أنسَ لا أنسَ مشياً طويلاً
.......... على الموعد الحلو تحت المطرْ
ودمعاً تساقط من مقلتيكِ
.......... لأني عتبتُ وعنكِ اعتذرْ
وإنْ أنسَ ذكَّرني كلُّ دربٍ
........... وكلُّ الزهورِ، وكلُّ الشجرْ
......
وجاؤوا يزفون أقسى خبرْ
........... إليَّ، ولا يفقهون القدرْ
يريدون مني جواب لماذا
......... وعندي جوابُ لماذا انتحرْ!
29-1- 1976

..............................

سعد الشمري:

لا أعلم هل يسمح لي أستاذي الفاضل بأن أقول ولو أيسر اليسير تجاه ما وضعت لنا من جواهر نمعن النظر في جمالها ولا نمل أبدا.

قصيدة من العطور الفاخرة تنفستها هاهنا، وكم يتخللها الكثير من الألم في صورة عبقرية.

نحن يا معشر العشاق نبحث عن قلب حنون ليمسح همومنا ووردة تعطر أرواحنا ، ولكننا نفاجأ دائما بأن الوردة قد نبت لها شوكة لتغرس في بطن الجرح شوكة، فيصبح الحب لديها "هي" مجرد قشة هشة حملتها الرياح إلى الرياح.

العزيز د. مقداد
حضورك دافئ كحروفك.
شكراً لك سيدي - مجدداً ودائماً.
....................................................................
سعد الشمري :


العزيز د. مقداد

بلا شك أن هذه المؤلفات تشكل ضوءا في نهاية النفق بالنسبة للباحث عن الثقافة والذائقة الأدبية ..
وأنك قلت أشياء وفعلت أشياء ..

* كيف تقيم تجربة اصداراتك ، وهل هناك أشياء تؤرقك؟

.....................................

مقداد رحيم:

أشكرك أخي السعد
على هذا التواصل الجميل المفيد
أما أنا فسعيد جداً بما أصدرته من المؤلفات والبحوث، ومصدر سعادتي أن مؤلفاتي لم تكن إضافة للعدد الكبير مما تم تأليفه قبلي، وما سيتم تأليفه بعدي، وإنما ذلك الجديد المهم الذي حملته هذه المؤلفات، ومن جملة ذلك أن الاعتقاد الذي كان سائداً هو أن البحث في مجال الموشحات الأندلسية قد انتهى، وأنْ لا جديدَ يمكنُ أنْ يؤتى به بعدُ، وقد شمرتُ أرداني عن البحث فيها فأثبتُّ أشياء جديدة، وتوصلتُ إلى غلط بعض الأفكار والنظريات المهمة السائدة بشأنها، كان هذا في أطروحتي لنيل شهادة الماجستير، حتى أن الأستاذ الدكتور صلاح خالص رحمه الله، وكان رئيس لجنة المناقشة قالي لي بالحرف الواحد: "أنت يا مقداد ألغيتَ في أطروحتك ما علَّمناه لطلبتنا في الجامعة على مدى ثلاثين عاماً". كان ذلك في أطروحتي "الموشحات في بلاد الشام" وكنتُ الأول في اقتحامها ودراستها على مدى ستة قرون.
وأنا، كذلك، أول من وضع كتاباً في عروض الموشحات الأندلسية بشكل تطبيقي يتضمن دراستها دراسة عروضية إيقاعية شملت النواحي الوزنية وموسيقى الألفاظ، ومحاولة تصنيفها على الأشكال والقوافي الأوزان. وهذا الكتاب مما لا تستغني عنه مكتبات الجامعات في الوطن العربي كله، بل إن بعض الجامعات جعلته مقرراً على طلبتها.
وأنا أول مَن وضع كتاباً تحليلياً في وصف الزهور خاصةً في الشعر الأندلسي، في كتابي "النوريات في الشعر الأندلسي"، حيث كانت الكتب قبل هذا تتعرض إلى الزهور بشكل عابر كجزء من وصف الطبيعة في الشعر الأندلسي، وهو كذلك من الكتب التي اعتمدتها بعض الجامعات العربية كمقرر دراسي.
وأنا أول من استخرج مصادر التراث الأندلسي من كتاب كشف الظنون لحاجي خليفة، وقد أثبتُّ نسبة كتب كثيرة إلى مؤلفيها الأندلسيين، وصححتُ عنواناتها وأسماء مؤلفيها، وكانت في علوم وفنون مختلفة، فأغنيتُ الباحث في الدرسات الأندلسية عن الرجوع إليه وقد غصَّ بالأغلاط والأوهام، فضلاً عن كبر حجمه وعدم توفره في الأسواق بسبب قِدمهِ وطباعته الحجرية القديمة.
وأنا أول من درس موقف الأندلسيين من الإسلام والشعر، ومواقف أخرى في كتابي "نقد الشعر في الأندلس: قضايا ومواقف"، بل سجلتُ فيه موقفي أنا المغاير لكثير مما ما قيل فيه!.
وأنا أول من وضع كتاباً في "رثاء النفس في الشعر الأندلسي"، وألقيتُ الضوء على ما سميتُهُ "الرثاء السياسي" كغرض من الأغراض الشعرية، التي اقترحتُ إضافتها إلى جملة الأغراض الشعرية المعروفة بتصنيفها الشائع.
وقد فصَّلتُ الكلام على النشاط النقدي في الأندلس في كتابي" اتجاهات نقد الشعر في الأندلس" تفصيلاً لم يسبقني إليه أحد، واستخرجت من بطون الكتب المطبوعة والمخطوطة من المعلومات وما تبعها من الاستنتاجات ما يحق لي الفخر به.
وهناك أشياء أخرى أتركها الآن إلى مناسبات أخرى، غير أن كتاباً واحداً من كتبي يكفي بأنْ يشيع في نفسي الفخر والارتياح، فتتسربل روحي بالسعادة، فضلاً عن أنني محسوب الآن من أبرز المتخصصين بالأدب الأندلسي في أرجاء المعمورة، وأنَّ دارساً للأدب الأندلسي لا يمكن له أن يُتم دراسته دون التعرض لمؤلفاتي بوصفها مصادر بحث لا ينبغي تغافلها أو تجاوزها.
ولا تقلْ :"لقد أكثر الدكتور مقداد من كلمة أنا، ولم يتعوذ"، فلن أوافقك، فلو تعوذتُ من الـ"أنا" وتجاهلتُها، فكيف سأعرف الله، وهي موئل المعرفة به، ثم تتوالى المعرفة بالأشياء؟!.

أما الذي يؤرقني حقاً، فهو أنَّ العِلمَ الذي استنفدتُ من أجل تحصيله أجمل أوقات حياتي وأهمها، لا يجد المنفذ الكافي ليخرج إلى الناس كما أحب أن يخرج، وأنَّ هناك أفكاراً كثيرة في ذهني لا أجد المحفز الكافي للقيام بها ونشرها، وأنَّ جهود المؤلفين العرب تذهب هدية للناشرين برضا المؤلفين أنفسهم مضطرين لا كرماءَ ولا أبطالاً. وأما من لم يكونوا كرماء وكانوا أبطالاً فقد أحرقوا كتبهم بأنفسهم أو دفنوها، قبل أن تصل إلى الناس فينتشر ما فيها من علوم، وتلك بطولة لن ينساها لهم تاريخ!.
ويبدو أن الذي يؤرقني يا سعد هو بعضٌ مما كان يؤرق هؤلاء الأبطال!.
فهل سأحرقُ أو أدفن ُما بقي لديَّ من مخطوطات مؤلفاتي، كما أقدمتُ على التريث في التأليف؟
- ربـما.



شكراً لأسئلتك المائزة.
.......................................................
سعد الشمري :


* يرى جرير أن قلع ضرس أهون عليه من كتابة قصيدة، وأنت ماذا ترى ؟

...........................
مقداد رحيم:
أرى رأي جرير إذا أرادَ،
وخير الشعر وأسهله ما يأتي من دون إرادة!.
....................................................................
سعد الشمري :


قال الشاعر العراقي فارس الهيتي:

عَينَـاكِ تَملأُ عَينــِي
هَـلاّ تَجُودِي بِنَظْرَهْ !!
* * *
كَمْ قُلتِ صَبْـرَاً جَمِيلاً
قُولِي أُحِبّــُكَ مَرَّهْ !!

* هل نتهم المرأة الشرقية بأنها تعيش حالة تقشف عاطفي؟


شكراً لك دائماً.




.........................................................................................
مقداد رحيم:

بل نتهم الرجل الشرقي بمحاولة التضييق عليها، ومنعها من التعبير عن مشاعرها في جميع العصور، بينما يمنح نفسه الحرية المطلقة في التعبير عن مشاعره تجاهها جهراً. وقد رأيناها تعبر أصدق التعبير وأحرَّهُ عندما تجد الفرصة مواتية للتعبير عن مشاعر الحب دون أذى منه، في جميع العصور الأدبية المعروفة، وفي جميع الأمكنة. بل أجد أن المرأة الشرقية لا توازيها امرأة أخرى على الأرض في شدة العاطفة.
وللبيئات الخاصة والأمكنة والمواضع في الشرق اختلاف فيما بينها في تلك الحرية، فالتي تقشفتْ في التعبير عن مشاعرها للشاعر فارس الهيتي هي غير المبدعتين: اللبنانية رحاب ضاهر، والمغربية فتيحة أعرور!.
والأمثلة كثيرة.
..............................................................


سعد الشمري :

أخي د. مقداد رحيم

* ماذا عن أدب الفكاهة في العصر الراهن؟

تقبل مني الود والاحترام.
..............................
مقداد رحيم:
لم يعد هناك أدب فكاهة حقيقي يشكل اتجاهاً معتداً به في الأدب في هذه الأيام على ما أعلم، وآخر ما اطلعتُ عليه من ذلك كتاب "أدب الفكاهة" لمؤلفه حسين مروة، في مطلع السبعينات من القرن العشرين المنصرم، وأغلب ما تضمنه هذا الكتاب نتاج الأدباء اللبنانيين من شعر وهو الأكثر، ومن نثر وهو الأقل، وبعد ذلك لم أقع على كتاب يجمع أدباً فكاهياً، فيما عدا شذرات تضمنتها قصص وروايات وقصائد وخواطر في مجالات محدودة منشورة هنا وهناك.
وفي الأدب الشعبي اطلعتُ في نهاية الستينات على ديوانين مهمين جداً للشاعر النجفي حسين القسَّام، شاعر الفكاهة الفريد، وهما "سنجاف الكلام" و"قيطان الكلام"، وأشهد أن شاعراً فكاهياً مثله قلما يوجد في جيلٍ واحد أو عدة أجيال، وأشهد أنني لم أقرأ أدباً وضحكتُ مثلما ضحكتُ وأنا أقرؤ هذين الديوانين.
يبدو أن انحسار الأدب الفكاهي هذه الأيام راجع إلى تمهيدٍ أطول زمناً ليكتشف الأدباء العرب أن الخَرْقَ أوسعُ من أنْ يُرتَق في واقع أمتهم وأوطانهم، ولابد من صناعة فكاهة تتسلَّى بها الخواطر... أحياناً!.
...............................................................


سعد الشمري :
* كيف تقيم الشعر الإباحي ؟
.....................................................................
مقداد رحيم:

الشعر الإباحي اتجاه من اتجاهات الشعر المعتبرة، وأعدها من أكثر الاتجاهات واقعية، لأنها تعبر عن حقيقة مكنونات الشاعر، بل جنس الشاعر كله، والأمم المتطورة تجعل هذا الشعر في موادها التعليمية، كما تجعل الجنس نفسه كذلك، وهو مطروح في كتبهم ومنشوراتهم، بالضبط كما كان العرب المسلمون يفعلون في العصور الوسطى، غير أن الفرق بين الفريقين أن جماعتنا كانوا يحجرون على المرأة ويمنعونها من الاختلاط، فيتسنَّى لهم تداول هذا الاتجاه بدون حرج.
وهو عندي مثل بقية الاتجاهات الشعرية الأخرى، يلزمه إبداع الشاعر وقدرته على التعبير، ويُمكن النظر إليه من وجهة النظر النقدية الأدبية. وبالتأكيد سيختلف فيه الإبداع من شاعر إلى آخر، وتختلف نصوصه من حيث الجودة.
وواقعية هذا الاتجاه تؤكد الحاجة إليه بوصفه مجالاً من مجالات التعبير عن المشاعر الإنسانية الجمعية، شأنه شأن الاتجاهات الأخرى.
هذا تقويمي للشعر الإباحي بوصفه فناً من فنون القول، ليس غير.
أما إذا كنتَ تقصد إباحة نشره في الأوساط أو عدمها، فلذلك قول آخر.


::::::::::::::::::::::::::::::::::
سعد الشمري:

هذا ماكنت أقصده، فقد أصبت كبد الحقيقة حقا.

شكرا.
...................................................................................

سعد الشمري :

من ابن زيدون إلى ولادة بنت المستكفي

أرى أن ابن زيدون قد أمتطى حصان شعرك مجددا
ليبرز من خلاله كالفارس العاشق ليطل علينا في
ديوان ومنتديات النيل والفرات حتى أزداد حياة وصداحاً.


وحسبي هنا أن ألمس كل جوانب موهبتك الفذة
ونحن نعتز ويعتز بها الوطن العربي، فهنيئا لنا وللمكتبة العربية، وأني أغرق
في هندامي من كثرة الخجل، لأنني أخشى أن لا أكون منصفاً، ولن أكون حينما أتكلم عن الشاعر
د. مقداد رحيم الذي يستضيء بأقمار الجمال وما نجده عند الكثيرين من المبدعين والمثقفين.



سؤالي:

* ماهو الدافع الذي دفع نافورة الماء الأندلسية لتسكب لنا لغة شاعرية متقدة
كرسالة "من ابن زيدون إلى ولادة بنت المستكفي" ؟


القدير
د. مقداد

إلى لقاء


...................................................................................................................................................

مقداد رحيم:

اقتربتُ من الأدب الأندلسي وشعره وشعرائه منذ زمن مبكر من حياتي، حتى إذا بلغتُ الدراسة الجامعية، ثم الدراسات العليا قادني ولعي ذاك إلى التخصص بالأدب الأندلسي والاشتغال به باحثاً وأستاذاً، وتمخض عن ذلك ما رأيتَ من نتاجي العلمي.
ومن يطّلع على الشعر الأندلسي وشعرائه فلابد من أن يتوقف طويلاً عند أطلال حكاية ذي الوزارتين أحمد بن زيدون: السياسي البارع والشاعر اللامع، والعاشق الرائع، مع معشوقته ولادة بنت المستكفي الأميرة الشاعرة، هذه الحكاية التي لم تندرج ضمن حكايا قصص العشق المشهورة في تراث العرب والعالم، غير ما حفظته لنا كتب الأدب وتاريخه، مع ما فيها من أحداث مريرة، وملابسات كثيرة، ومفارقات مثيرة.
ورأيتُ في ابن زيدون شاعراً وعاشقاً صورة منعكسة في ذاتي، فكأنني هو على نحوٍ ما، وخاصة ساعة كتابة القصيدة، فاتخذتـُهُ قناعاً في بعض قصائدي التي ضمها ديواني "ما لم يقله ابن زيدون لولادة بنت المستكفي" الذي سيصدر خلال الأسابيع المقبلة، وربما أتخذُهُ قناعاً في ما سيصدر عن قريحتي فيما بعد، إذا وجدتُ للقول سبباً جديداً.
أقول: أتخذُهُ قناعاً، ولعلي هو!

شكراً.
..................................................



سعد الشمري :


لن أغفر لك أبدا إلا إذا تحقق طلبي!!

وهو أن تزودني بقصيدة لم يطلع عليها أحد قط
من قصائد تلك الفاضلة المرأة المفترضة.


القدير
د. مقداد

إلى لقاء

::::::::::::::::::::::::::::::
مقداد رحيم:
من قصائد أيام الصبا تلك،
وهي مما لم يُنشرْ ولم يطَّلع عليه أحد من قبل:


سوى الحب

أيقسو زمانٌ ما حسبناهُ قاسيا
......... ويُمسي الذي بيني وبينكِ ماضيا؟
وتذبل أزهار سقينا رحيقها
........... بأدمعنا الجذلى بما كان باديا؟
ونخفي هوانا لا لقاء يضمنا
......... ولا فرحة تجلو لكل ٍّ مآسيا؟
ونهزأ بالماضي وقد كان ظلنا
......... ونرحل عن حب وقد كان غاليا؟
ونرجع من طيف قصدناهُ أيكةً
........... لأجمل أيام تراءتْ ثوانيا؟
ونغضب للذكرى نريد سلوها
........... ونحزن إنْ رام الزمانُ تدانيا؟
ونجزع من ذكر الغرام الذي زها
......... ونفضح سراً قد تركناهُ خافيا؟
أحقاً يموت الحب فينا فلم نعدْ
.......... حبيبنِ وافانا الغرامُ الأمانيا؟
فلا صدقَ الظنُّ الذي هدَّ راحتي
.......... وهز كياني لا أرى له نافيا؟
ولا كان صدقاً ما أخالُ وما أرى
........ ولا كان هذا القلب للحب جافيا
ولا ابتعدت عني خطاكِ بجفوةٍ
......... ولا شطَّ دربٌ قد مشيناهُ زاهيا
ولا راحت الذكرى تحول عدوةً
.............. وهاهي ذكرانا تجولُ أغانيا
وهاهي روحي إنْ قربتِ سعيدةً
............ وهاهو قلبي لو تغيبين باكيا
وهل هو عمر لو تباعدتِ بالمنى
.......... وأزمعتِ هجراً للسعادة فانيا؟
فلا أنتِ نبض مرَّ في كل خفقةٍ
......... يصاحب آمالي ويُحيي شبابيا
ولا أنتِ ما شاء الفؤاد من المنى
......... إذا غبتِ وافاني الغيابُ عذابيا
أكابدُ أيام الفراق تهـدنـي
......... وأُسقَى من الشوق الطويل شرابيا
وتخطر لي ساعات نجوى فلا أرى
......... لكل الذي ألقى من البعد شافيا
وأحذر من دمعٍ إذا الشوق زارني
............. وقطَّع سلواني ولوَّعَ حاليا
وما الشوق إلا زائري كل ساعةٍ
............ ولابد لي منه وقد مرَّ طاغيا
فلا أنا أسطيعُ السكوتَ فساكتاً
............ ولا أنا أسطيعُ الفراقَ فشاكيا
فيزداد تحناني وتخبو عزيـمتي
............. ويَـنفدُ صبرٌ كم تمرَّدَ خافيا
فمن لي سوى الصبر الخؤون يزورني؟
......... ومن لي سوى الحرمان منك مواسيا؟
بَرى مهجتي هذا الفراق فلم أعُدْ
.............. أطيقُ مكاني أو أطيق زمانيا
إذا قال لي: "أين الحبيبة؟" سائلٌ
........... وهيَّج في القلب الشجون الخوافيا
أقول إذا ما الدمع خالط مقلتي
............ وصيَّرني طولُ التباعد حانيا
هي الدمُّ يجري في عروقي وخافقي
............. إذا شئتَ لقياها تَبصَّرْ دمائيا
يكاد يفر القلب من بين أضلعي
............. ليسكن في حضن الحبيبة هانيا
ويشفي غليلاً ما تشفَّى من الهوى
....... ويدمل جرحاً ـ لستُ أخفيهُ ـ داميا
وتبدأ تسقيني المدام من اللمى
.............. وتلك مدامٌ تجعل القلب راويا
وأسقي فتاتي من هيامي ومهجتي
............ شراباً لغير الحب ما كان صافيا
كلانا يعلُّ المشتهى من خليلهِ
............ ويصبح مَسقياً مِراراً وساقيا
فلا يستطيع الدهرُ إلا تقرباً
........... ولا يستحيل الوقتُ إلا تناجيا
نروم لقاءً حيث لا عاذلٌ يرى
............ خطانا، ولا ريحٌ تـهز التلاقيا
نروم لقاء حيث لا ثالثٌ لنا
........... سوى الحب يرعانا ويجلس دانيا
ونسمع أصوات القلوب طريةً
............. معذبة المسرى تذم ُّ التجافيا
ويهنأ قلبانا وكانا على لظى
........... ويصبح ما نلقى من الحزن فانيا
هو القلبُ مأسورٌ لدى حلوتي التي
........... بدون هواها كنتُ من قبل خاليا
......
أُحاشي عذولاً لامني في صبابتي
............. وأستر عنه حرقتي والتياعيا
وأكتمُ أشواقي إذا هي أقبلتْ
......... وأودتْ بيَ الذكرى وما كنتُ ناسيا
وأبدو كأني ما ولهتُ بغادةٍ
............. جننتُ بها حباً فأمسيتُ عانيا
وألهو كأن الحب ما زار مهجتي
.......... ولا مزقَ الشوقُ الجسورُ فؤاديا
فأمسك نفسي غارقاً في لجاجةٍ
........... من الوجد حتى كدتُ أشقى بِما بيا
أفاخر أني كنتُ ألهو عن الهوى
............... وأهربُ منه عزةً وتحاشيا
ولكن نار الشوق تجتاح أضلعي
.......... فما عدتُ في لهوٍ وما عدتُ ساليا
إذا الدهرُ ألهاني عن الحب لحظةً
.......... جزعتُ وعاد القلب بالحب لا هيا
فيا دهرها قل لي مت يأزف اللقا
........... ويصبح هذا الكونُ يا دهر ناديا؟
متى نلتقي قل لي، متى يفرح الهوى
............ بنا حيث نرتاد الحياة أمانيا؟
متى يستحيل العمر يا دهرُ هانيا
............ وما هي يا دهرُ السعادةُ ما هيا؟

.......
أيا شعلة الحب التي أشعلت دمي
.......... وسارت بروحي تستكن الأعاليا
بك المهجة الظمأى تذوب صبابةً
............. فلا أنا يسلوني هواكِ ولا هيا
فما هو عمرٌ لست أنتِ سنينَهُ
............ وما هو حبٌّ لستِ منه الأمانيا
فلا حبَّ إلا أنْ تكوني حبيبتي
............. ولا بُرءَ إلا أنْ تكوني دوائيا
.........
مقداد رحيم
بغداد في 1-4- 1978


...................................
فهلا غفرتَ أخي الغالي سعد!.



شكراً.


::::::::::::::::::::::::::::::::



وكيف لا يغفر من نهل وأطفأ ظمأه من ماء زمزم ياسيدي ؟

أعتدت منك هذا.

انحناءة، وليتها تكفي.


شكراً.
.............................................................................

سعد الشمري :







ألتقطت هذه الصورة في عام 1971

* ماذا يقول د. مقداد: عندما يتأمل هذه الصورة ؟



:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

مقداد رحيم:
أقول: ترى ماذا حلَّ بهذين الزميلين: عبد المجيد وعلي بعد ثمانية وثلاثين عاماً؟
.............................................................


سعد الشمري :

في مقاله: (وطن على شاهدة قبر) عن الشاعر العراقي يحيى السماوي

قال د. مقداد: تحت عنوان إيقاعات نفسية:


"أعملَ السماوي ذهنه في صناعة نصوص نثرية مركزة البنى، مُفصَّلة
على مقاييس ما يريد قوله من غير زيادة ولا نقصان."

* كيف يتفادى الأديب الزيادة والنقصان في النصوص؟



شكراً.
إلى لقاء.

............................
مقداد رحيم:
ذلك هو تفصيل الكلام على قدر المعاني، ويقع في أعلى درجة من درجات البلاغة، ويتوخاه الشاعر الفطِن البليغ المتمكن من خلال صياغة الجملة الشعرية بأقل ما يمكن من المفردات مع بلوغ المعنى الذي يريد.
ويتم للشاعر ذلك من خلال الاستغناء عن الجمل الاعتراضية، والشارحة، والإضافية، وإسقاط حروف الجر مما لا يلتبس المعنى بدونـها، وإهمال التفاصيل الصغيرة، والاكتفاء بدلالة القليل على الكثير، فإذا لم يدلَّ القليل استجاب لذكر الأكثر منه حتى يبلغ القصد من غير زيادة. فإذا قلَّل من الكلام بقصد الاختصار وإرادة البلاغة فقصر عن إرادة المعنى فإن ذلك يُعدّ نقصاناً وإخلالاً بالبلاغة، وإذا زاد في الكلام شيئاً إذا حُذف لم يختل عند حذفه المعنى كان ذلك زيادة لا حاجة إليها.
وقد يُضطر بعض الشعراء إلى حشر الجمل الاعتراضية وأشباه الجمل المكملة للمعنى أو لصدر البيت أو عجزه ليستقيم له الوزن، فلا يصيبون الطبقة العالية بين الشعراء، ولا يبلغون حدَّ الإحكام، وهذا أحد أسرار صنعة الشعر، وهو وجه من وجوه تبريز الشعراء وعلو طبقتهم، أو دنوّ طبقتهم، فخيرهم من تفادى الحشو في الكلام، ولم ينـزلق هذا المنـزلق، وكان بارعاً في إحكام الصنعة.

والأمر كله، بعدُ، موكول بأسلوب الرجل نفسه!.
.........................................................................................


فارس الهيتي :

الحبيب
الشاعر الكبير
مقداد رحيم
طلّة أولى لأتطفل وأضع بعض
الصور الخاصة بك عسى أن
تعجب الجميع
ولي عودة لنضعك فوق مجمرّة قلوبنا
::::::::::::::::::::
مقداد رحيم:
أيها الفارس الغالي

شكراً لكل هذا النـُّــبل.
...

....................................................................


فارس الهيتي:


الحبيب ال د.مقداد رحيم ... هو أمير أندلسي عاشق يتسلل كالضوء من خلف الحجاب
ليدخل وينير العتمة أينما وجدت.....
هذا المتواجد المرتحل إلى طلع النخيل ليشم عطره... إلى فجر متعطش لحروف تدهشنا فتخفق قلوبنا معه ..الشاعر العاشق الناقد والعارف ببواطن الحب..
....
مقداد رحيم:

أخي الغالي فارس الكلمة الطيبة

قد امتلأت رئتاي بعطر محبتك.

.....................................
فارس الهيتي :

أرجو منك أن تنجدني لأجيب عن سؤال أرقني وهو:
ما الفرق بين الخاطرة وقصيدة النثر ؟؟؟؟

......................................................
مقداد رحيم:

لا فرق عندي بين الخاطرة وقصيدة النثر، فطالما كانت الخاطرة فكرةً سانحةً في إطار بلاغي، قد يسمو فيها صاحبها إلى أعلى درجات الشعرية، والتفنن في أساليب القول والتعبير عن المعاني، قبل أن يُسمُّوها "قصيدة نثر"
تعريجاً على ما تُرجمَ من الآداب الأجنبية.
على أنَّ الشعرية في النص لا تجعل النص شعراً بالضرورة، فلكل فن من فنون القول أصوله، فقد يكون النص السردي شعرياً، وقد يكون النص المسرحي والمقالة كذلك.
ولو كانت الشعرية في النثر تجعله شعراً لادَّعاه طه حسين، على سبيل المثال لا الحصر، في أغلب مقالاته ومترجماته القصصية، وأغلب مقالاته النقدية، وقد سبق شيوع ترجمة ما يُسمى بـ"قصيدة النثر" بمدة ليست قصيرة، ومثله أستاذي علي جواد الطاهر رحمه الله في ما كان يكتب وينقـد.
هذا في العصر الحديث، فلو ابتعدتَ قروناً فلن تعدم خطباً وحوارات ورسائل في كتب الأدب العربي والتاريخ في غاية الشعرية والإبداع، فهل ينبغي أن نرد على سوزان برنار ونقول لها إننا اكتشفنا "قصيدة النثر" قبل ألف وخمسمائة عام ويزيد؟.
فلا تأرقْ أيها الفارس النبيل....ولا تقلقْ!.


........................................................

فارس الهيتي :

الى من كنت تكتب حينما قلت
...
أرأيتمو؟ لا فرق بين عروقها
...............عمراً وتأصيلاً، وبين عروقي
هذانِ وجهانا كأنْ لم يُخلقا
.....................إلاَّ لِـعهدٍ بيـننا موثـوقِ
قد حدَّثَ التاريخُ عنْ حق ٍّ لنا
.............عوجوا على تاريخنا المشنوقِ
فإذا سرقتمْ من بهيّ سطورهِ
.............سطراً، فأين كرامةُ المسروقِ؟
هبُّوا بألف ذريعةٍ وذريعـةٍ
..............للهدمِ، لكنْ لن تضيع حقوقي
أنا هاهنا في كل غصنٍ أخضرٍ
...........أَسمو على التزيـيف والتزويقِ
إنْ تقطعوها هاهنا آمالنا
...........لا فرقَ بـين عروقها وعروقي

هل الى النخلة أم الحبيبة ....؟؟

دمت بمودة لا تنتهي

..............................................................................................

مقداد رحيم:


في الأرض الفلسطينية اقتلع الجيش الإسرائيلي شجرة زيتون فلسطينية،
تشبثتْ امرأة فلسطينية عجوز بالشجرة واعتنقتها،
ارتفع مقلاع البلدوزر بالشجرة والمرأة ما زالت معانقة إياها.
كان هناك مصور فوتوغرافي
التقط لهذا المشهد صورة تاريخية،
نشرت الصورة عبر الأنترنيت،
فكتبتُ هذه الأبيات على لسان تلك الفلسطينية الماجدة،
ونشرتُ الأبيات بإزاء الصورة..
وجدت الأبياتُ صدى لدى بعض المواقع الألكترونية
فاقتبست الصورة والقصيدة معاً،
فصار العمل مشتركاً بيني وبين المصور،
ثم نشرتُ أنا هذا العمل المشترك في موقعي الألكتروني الخاص
في قسم "أعمال مشتركة"
ويمكن تصفحه عبر هذا الرابط:

http://www.migdad.com/show.php?L=240

شكراً لهذا الاهتمام.
............................................
فارس الهيتي :

مارأيك بشاعرات القصيدة العمودية ولجميع العصور؟؟
ومن هن أقرب إلى نفسك شعراً؟؟
........
مقداد رحيم:
يؤسفني أن عدداً هائلاً من قصائد الشواعر العربيات كانت من حصة الضياع، عبر جميع العصور، منذ الجاهلية حتى هذه الساعة، ومنهن مَن لم نقرأ شعرهن البتة. ولا يخفى سبب ذلك، فالمجتمع العربي مجتمع ذكوري حاجبٌ للمرأة، غير متسامح مع عواطفها، مانعٌ إياها التعبير عن مكنونات ذاتها، مع أنها أقدر من الرجل على التعبير عن العواطف التي لا يكون الشعر لولاها شعراً، فالعواطف ساحتها الواسعة، ومضمارها الرحب، وأما تذوق الجمال الذي هو قاعدة الشعر، فليس أكثر من المرأة إحساساً به.
ولهذا كله نجد الشواعر العاشقات بارعات في شعر الحب، مندفعات فيه إلى أقصى مديات العشق، وبحسب ما تسمح لهن بيئاتهن الذكورية. فمن يقرأ ما بقي من أشعار النساء الجاهليات يجد فيه أدباً مكشوفاً وأشياء أخرى، ومن يقرأ ما بقي من أشعار الأمويات والعباسيات يجد حباً روحياً وعشقاً لامتناهياً يغلب فيه الإيحاء والتلميح والإشارة وأشياء أخرى، ومن يقرأ ما بقي من أشعار النساء الأندلسيات يجد فيه غاية الوجد واللهفة والصراحة والحدة في التعبير عن المشاعر بلا حدود وأشياء أخرى. ومن يقرأ ما بقي من أشعار نساء العصور الانحطاط يجد فيه التدين والإخوانيات غالباً، ومن يقرأ ما يتيسر من أشعار النساء في العصر الحديث يجده مختلفاً كل الاختلاف متبايناً كل التباين، فمنه ما كان صريحاً وجريئاً واضحاً، ومنه ما كان متستراً بالتلميح والتعميم، مغلفاً بالأحزان، أو يكثر فيه الإيحاء والاستعارات وغالباً ما يُنسب إلى أسماء مستعارة لتفادي الشبهات!.
ولم تجد المرأة حريتها في التعبير عن الحب إلا في تلك الأشعار الشفاهية التي لا تُنسب في العادة إلى قائليها، وهي الأشعار الشعبية مثل "الدارمي" العراقي.
ومع هذا الضياع يتعذر إطلاق حكم على الشعر النسوي وشواعره، إلا على أساس ما بقي منه وما تسمح السلطات الدينية والاجتماعية والسياسية بتداوله، كما تنطمر جملة كبيرة من الأسماء الرائعة لهذا السبب والأسباب الأخرى التي أشرت إليها من قبل، فالجمهور العربي يع