ملاحظة: نشرت في مجلة الشرارة وجريدة طريق الشعب
________________________________________________________
________________________________________________________
حَملـناها...على أكتافنا قاطعينَ بها عشراتِ العصور إلى مُبتغانا، وحَجبناها عن أنوف المتطفـِّـلين وسيوف المتحوِّلين لئلا يلعقوا بـِسْرَها ويسرقوا عِطرَها رغم أكفـِّـنا البيضاء.
حَملناها... واحتباس الوحشةِ يقضمُ كعكة الأوزون في القلوب،وروائح الرعبِ تسرطن بشرة الدروب،فتفـتَّق الدينُ عن أهواء تحرقُ اللـُّبَ،وبغضاء تذبحُ الحبَّ، وغوغاء تـُثنـِّي الربَّ،ثمَّ تولـَّى السفيه أمرَ الوجيه،وتخلـَّى الكتابُ عن الفقيه،وشكونا الفقر وفي جيوبنا لآلئ مكنونة،وفي رؤوسنا عقولٌ مصونة،فما درينا بها وما زلنا شاكين .
قد تتنافرُ أقطاب الوعي المسماري ، وتنمو في الرياض أشواك البراري ، وتبرقعُ السماءُ هامتها بغير الوشاح الذي نعرفه ، وتفرش السُّمومُ أجنحتها في عطور الفردوس الإلهي ، فقد حالت الحـال ، وتبايـنت الآمال ، ولكننا ما نزال محتفظينَ بها في الثلاجة، فلا تخـدشها مخـالب العفـن الفكري ، ولا بكـتريا النفـاق .
عبرَ أعوام لم تبدُ منها غير صراعاتٍ وتسيير زواحف البغضِ والكراهية ، حتَّى أصبحت مشاعرنا مُلغَّمةً بفنون النهْش والعـض ، مهدِّدة ً بعضها البعض ، كـنَّا نجهلُ أنَّ دوارق المودَّة والنشاط تنصهرُ بمحاليل التعصُّب العِرقي والتحلـُّل الطائفي، فسلك كـُلٌّ منـَّا طريقاً غير الذي ارتآه العقل، فتحجـَّرت الأبصار، وتخشـَّبت الأسماع، فلم نعد نميِّز بين الخوار والحوار، ولا اللَّكماتِ والكلمات ، فتداعت مملكة العدل وسُدَّت أبوابُها.
لم نرَ في حياتنا إسمنت شيعيَّاً ، أو حجارة ً سنـِّيةً ، أو تيارَ كهرباءٍ عربيٍّ ، أو أرصفةٍ كرديَّة ، فتلكَ أسماء لا تلبس بدلات العمل، فتـُخلـِّص عربات التطوُّرِ المخدَّرة من مستنقع الزمن ، وإلا...فلنسأل أنابيب الماءِ عن ديانتها ، ومصابيـح النورِ عن قومـيـتها ، وحلِّ البطالةِ وأزمة السكن، وغيرها من متطلـَّبات الحياة ، فلا فرق بين مهندسٍ شيعيٍّ أو سُنيٍّ أو مسيحيٍّ طالما أنـَّه يجيد عمله ويتقنه .
فإذا اختلفت أفكارنا، وتعدَّدت منطلقاتنا، فليكن لاندماج الوعي سبيلا في شقِّ روافدنا تجري في ضوئها أنشطتنا نحو خليج السعادة والهناء .
أيار 2005