برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


descriptionالاسلام السياسي والحقب التاريخية / ماجد عبد الحميد الكعبي Emptyالاسلام السياسي والحقب التاريخية / ماجد عبد الحميد الكعبي

more_horiz
يبدو ان هناك تناقضا ملحوظا في الخطاب الاسلامي المعاصر حول مفهوم التاريخ ، فمرة يستبعد التاريخ ويدفن بحجة ان النبش في التاريخ والحفر المعرفي سيؤدي الى ايقاظ الفتن النائمة ، ومرة اخرى يهتم الخطاب الاسلامي بالحقب التاريخية ويعطيها تراتبا واهمية كبيرة انطلاقا من بداية عصر الرسالة وانتهاء بسقوط دولة الخلافة العثمانية ، واستنادا الى ذلك تكون حقبة الرسول الكريم(ص) هي افضل الحقب وهي عصر الرسالة ومن ثمة فان الصحابة هم افضل الناس ، ثم ياتي التابعون باحسان ، واما الحقبة الثالثة فهي عصر تابعين التابعين او ما يطلق عليهم بـ ( السلف الصالح) ، فالعصور التاريخية تكتسب اهميتها بسبب قربها من عصر الرسالة ، والغريب حقا ان يتاثر علماء اللغة ومؤرخو الادب بهذا التقسيم ، لذلك حددوا عصر الاحتجاج بنهاية العصر الاموي او لمدة قريبة منه ، وماعدا ذلك فهو داخل ضمن عصر المولد ( المحدث) او كما يسميه بعضهم بعصر البديع ( البدع !) ..
ان الترابط بين الخطاب الديني والمعرفي من جهة مع الخطاب السياسي يكشف مدى تاثر مجمل الخطاب الثقافي العربي الاسلامي بالايديولوجيا سواء الدينية او السياسية واللتان كانتا مرتبطتين – اصلا- بفكرة (الشخصية القومية) ، لذلك وبدعوى الموضوعية المطلقة التي تقتضي ان يستبعد المؤرخ وجهة نظر حقبته الخاصة ، ينبغي ان يكون ممكنا ادراك معنى حقبة ماضية وقيمتها بمعزل عن السير اللاحق للتاريخ ..وهذا ما حدث بالضبط في اوربا ابان عصر الانوار عندما منحت مقولة رانكه الشهيرة في عام 1854 هذه المسلمة اساسا لاهوتيا : ( اما فيما يخصني ، فاجزم بان كل حقبة قريبة من الله مباشرة وبان قيمتها لا تنتج عما ينبثق منها ، بل تكمن في وجودها بالذات ، اي في هويتها الخاصة)* ، فالصحابة وما احدثوه من تغيير وتبديل وفتن وحروب لا يقلل من شانهم او يعطي الاخرين الحق للنيل منهم ، وانما وجودهم في هذه الحقبة - مصاحبة الرسول (ص) – يمنحهم هذه الخاصية القيمية فالحكم بهذا التصور للتطور التاريخي يعطي ( لكل حقبة بذاتها قيمة خاصة في حد ذاتها) ..مما يعني منطقيا ( ان الاحقاب المحظوظة هي تلك التي تكون اكثر تاخرا) لذلك ستكون هناك قطيعة بين الماضي والحاضر .. الماضي الذهبي ، البهي ، المجيد ، التليد ، حيث عصر الخلافة الاسلامية ، وهكذا يكون الرجوع الى الوراء بدلا من التقدم الى الامام ، وعوضا عن التفكير بالمستقبل نبقى مشدودين بالماضي، وهذا ما سيسهم في تخلفنا بشكل مباشر وغير مباشر، فالاولى بنا ان نكون مستفيدين من التطور التاريخي والربط بين العصور التاريخية حيث يبقى التاريخ رافدا وسيرورة زمنية تربط ماضي الامة بحاضرها وتفتح افاقا جديدة لمستقبلها ، واذا ما اردنا ان نفهم التاريخ يجب ان نعود اليه بمنطق ما يفرضه الحاضر والمستقبل فقط ، اي باعادة انتاجه ضمن معطيات الحاضر والمستقبل ، فقدسية الماضي والانشداد بها هو ما يعيق ويعرقل عجلة التقدم ، لذلك فان قراءة التاريخ بشكل جديد سيسهم في بناء ثقافة جديدة ممتدة من الماضي الى المستقبل بعدما شذبنا هذا الماضي وخلصناه من ادرانه وكسرنا الاغلال التي جعلته متحجرا وقارا في حقبة واحدة على انها احسن الحقب ..

descriptionالاسلام السياسي والحقب التاريخية / ماجد عبد الحميد الكعبي Emptyرد: الاسلام السياسي والحقب التاريخية / ماجد عبد الحميد الكعبي

more_horiz
لمقالاتك الثرية ومجلوبك الأكثر من قيم
وقفة مطولة ونحتاج لهكذا مواضيع دائما


تقديري لك



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى